رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ثلاثية الرحيل.. أبو أدهم والخولى وعزازى


فى الأسبوع الأول من مارس، فى عام 2014 دخل علينا الحزن بثوبه الأسود، واعتصرت القلوب بألم الفراق والرحيل وامتدت الأيادى لتتصافح وتتعاهد على استمرار النضال بإخلاص فى طريق الخلاص...

... فى أسبوع واحد رحل عنا ثلاثة من الرجال تميزوا بإنسانيتهم ونبلهم ومشاركتهم فى طليعة المدافعين عن حقوق الفقراء والمظلومين والتصدى للفساد والاستبداد والتبعية والفاشية الدينية والإرهاب الدموى. رحل عنا ثلاثة من الرجال حملوا فى صدورهم وقلوبهم وعقولهم هموم الوطن، خرجوا من طين مصر فكانت ملامحهم المصرية تنم عن هويتهم وأصالتهم.

رحل فى أول الأسبوع مؤرخ مشغول بهموم الوطن، عضو الجمعية المصرية للدراسات التاريخية. قدم بقلمه وبأسلوبه الأدبى الرشيق كتبا حملت بصماته كمؤرخ إنسان، هو الدكتور عبادة بن عبد الرحمن كحيلة ــ أستاذ التاريخ بجامعة عين شمس وعضو الحركة المصرية من أجل التغيير (كفاية) ــ أبوأدهم كما كان يحلو له أن نناديه باسم ابنه أدهم الذى أهدى له كتاب كفاية. الكتاب الذى رصد من خلاله نضال حركة كفاية وإرهاصات الثورة التى بدأت قبلها بسنوات وانفجرت فى يناير 2011. كما قدم عددا من الكتب المهمة التى أثرت المكتبة التاريخية العربية. لعل يا أبا أدهم أن جسدك قد رحل عنا ولكن أعمالك وكتاباتك ستستمر خالدة

وفى منتصف الأسبوع، وإثر حادث أليم مساء الاثنين 3 مارس رحل عنا ضمير فلاحى مصر ونبضهم، ورئيس اتحاد الفلاحين، الفلاح الفصيح المصرى الأصيل عم عبد المجيد الخولى كما كنا نناديه. لقد بدأ نضاله من قرية كمشيش التى عرفت بنضالها ضد الإقطاع وظلمه وساهم فى المعركة الكبرى ضد الإقطاع مع الشهيد صلاح حسين فى ستينيات القرن الماضى والتى انتهت باغتيال صلاح حسين زوج المناضلة شاهندة مقلد وانتفاضة القرية مما أدى لتشكيل لجنة تصفية الإقطاع والاستيلاء على الأراضى المهربة لأسرة الفقى والكشف عن سجونها التى تقع فى بدروم قصرها، وتخفيض الحد الأقصى للملكية الزراعية إلى 50 فداناً للفرد ومائة فدان للأسرة.

واستمر لآخر لحظة فى عمره، ولآخر نبضة فى قلبه مدافعا عن حق الفلاح المصرى فى حياة كريمة وفى التأمين الصحى والتعليم والمعاش، صارخا بأعلى صوته ضد التعدى على الأراضى الزراعية وضد فساد نظام مبارك والتطبيع الزراعى مع الصهاينة. تحرك فى كل ربوع مصر بحرى وقبلى لتأسيس فروع لاتحاد الفلاحين، مناديا بإسقاط ديون صغار الفلاحين ومناديا بعودة التعاونيات الزراعية ودورها فى توفير مستلزمات الإنتاج الزراعى والحيوانى وتسويق المحاصيل الزراعية والتمويل الميسر لعملية الزراعة، وإعادة الإرشاد الزراعى. سيبقى عبد المجيد الخولى رمزا لنضال الفلاحين.

ويأبى الأسبوع الأول من مارس أن يمر إلا بمزيد من الحزن والأسى والدمع فى عيوننا والألم والحسرة فى قلوبنا، ويأتى الخبر الصدمة لتكتمل ثلاثية الرحيل برحيل الإنسان النبيل والناقد الأدبى والصحفى والمناضل السياسى، الذى كان قلمه سيفا حادا مرفوعا فى وجه الاستبداد والظلم والفساد. إنه الدكتور عزازى على عزازى ابن محافظة الشرقية، ولد على أرضها وتخرج فى جامعة الزقازيق وقام بالتدريس فيها. لم يفقد تفاؤله يوما، ولم يفقد الأمل يوما بالخلاص من دولة الظلم.

وظل بعد ثورة يناير مستمرا مع زملائه ورفاقه لتحقيق أهداف الثورة. وعندما تم تعيينه محافظا للشرقية نزل إلى جميع أنحاء المحافظة ليحل المشاكل وسط الناس. ولأنه كان مدافعا شرسا ضد الفاشية الدينية استقال من منصبه كمحافظ عند تولى الدكتور محمد مرسى الحكم. وعاد ليقف فى صفوف المصريين مؤمنا بأن الثورة مستمرة. وظل للنهاية، رغم معاناة المرض لم تفارقه الابتسامة عندما يقابلك، ولم يفارقه الأمل والإيمان بهذا الشعب المصرى العظيم.

ثلاثة من الفرسان حملوا راية النضال ضد الظلم والاستبداد والفساد كل فى مجاله. وتتكامل المجالات فى حب مصر. نعدهم بحمل الراية مع كل المخلصين من شرفاء هذا الوطن. لقد رحلتم عنا فى لحظة عصيبة من لحظات تاريخ مصر، تحيط بنا الأخطار والتحديات من كل جانب داخليا وخارجيا، تستلزم اليقظة الدائمة والبصيرة لاستقراء من هو عدونا الرئيسى الآن، وكيف نتكاتف للتصدى لهم. من وجهة نظرى أن عدونا الرئيسى هو الكيان الإرهابى المسمى بالتنظيم الدولى لجماعة الإخوان، الذى يترنح تحت ضربات الجيش والشرطة وتصدى الشعب المصرى له وللجماعات الإرهابية المساندة له. مصر الآن ليست وحدها، ومعها الدول العربية التى اكتشفت معنى مخطط التفتيت والتقسيم الاستعماريين تحت مسمى مشروع الشرق الأوسط الجديد وها هو قرار السعودية والإمارات والبحرين فى سحب سفرائهم من قطر، وإصدار المملكة السعودية مرسوما بقانون لإدراج جماعة الإخوان المسلمين كجماعة إرهابية هى وعدد من الجماعات التابعة لها.

فتحية لروح الدكتور عزازى. تحية لروح عبد المجيد الخولى. تحية لروح أبى أدهم. ووفاء لكم جميعا نعدكم بأننا نحمل نفس مبادئكم وسنسير على نفس الدرب، درب النضال لتحقيق أهداف الثورة فى العيش والحرية والعدالة الاجتماعية وإنهاء التبعية.. ثوار أحرار هنكمل المشوار.

■ أمين عام الحزب الاشتراكى المصرى