رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل تشكل التوترات الروسية -الأوكرانية نظامًا عالميًا جديدًا؟

الحرب الروسية الاوكرانية
الحرب الروسية الاوكرانية

يبدو أن العملية العسكرية الأخيرة بين روسيا وأوكرانيا، ستكون لها تداعياتها على النظام العالمي، ولكن المدة التي سيأخذها النظام العالمي الحالي قبل تغيره أو تبلوره في شكل جديد مختلف عن الوضع  الحالي، مرتبطة بنتائج العملية والأطراف الفاعلين فيها.

التوترات في أوكرانيا لن تكون العامل الأول والأخير في تغيير النظام العالمي، لكن هناك عوامل كثيرة سبقته، قد تعيد إعادة تشكيل نظام عالمي جديد من غير المستبعد أن يغير ملامح النظام العالمي.

«الدستور» حاول فهم ما يحدث على الأرض، والإجابة عن التساؤل الذي يدور في ذهن الكثير: هل التوترات الروسية - الأوكرانية ستشكل نظامًا عالميًا جديدًا؟

نور ندا: نعيش حربًا عالمية غير معلنة بكل المقاييس.. والنظام العالمي أثبت عجزه

الدكتور نور ندا أستاذ العلوم الاقتصادية والخبير في الشأن الروسي، قال إن ما يحدث بين روسيا وأوكرانيا أطاح بالنظام العالمي القديم والذي أسس سنة 1944 في مؤتمر بريتون وودز بالولايات المتحدة الأمريكية عشية انتهاء الحرب العالمية الثانية.

وأضاف في تصريحات خاصة لـ «الدستور»: «الأمم المتحدة لم تمنع ما حدث بين موسكو وكييف، وتم استخدام نظام سويفت سياسيًا ضد روسيا».

«ما نعيشه الآن حرب عالمية ثالثة بكل المقاييس، لكنها غير معلنة، أطاحت بمنظومة 1944».. هكذا أكمل أستاذ العلوم الاقتصادية، وشدد على أن العالم مدعو لإعادة صياغة مؤسسات جديدة واتفاقيات سياسية واقتصادية تتناسب مع القوى العالمية.

وأشار «ندا» إلى أن النظام القديم أثبت عجزه وفشله، إلا أن الإعلان عن النظام العالمي الجديد سيتم مع آخر طلقة في العملية العسكرية الروسية ضد أوكرانيا، كما حدث عشية الحرب العالمية الثانية.

وتابع: «أصبح نظام بريتون وودز في طريقه للانهيار التام، وتشير الدلائل إلى صعود نظام عالمي جديد بقوى جديدة في طليعتها الصين، وإذا اعتمدت دول كروسيا وباكستان والهند لعملة اليوان الصينية كعملة رسمية لتعاملاتها التجارية الدولية سنكون أمام مشهد اقتصادي عالمي جديد، فالعالم في انتظار ميلاد اتفاقيات اقتصادية ونقدية جديدة وتأسيس منظمات اقتصادية ونقدية وتجارية».

وأوضح أن أحد أسباب الانهيار الاقتصادي العالمي هى سياسات العقوبات الأخيرة والتي تضرب أهم مبادئ النظام الاقتصادي العالمي وهو مبدأ الحريات الاقتصادية، وحرية انتقال السلع، والخدمات، والأفراد، فالنظام العالمي مدعو لبناء نظام عالمي جديد.

وأكد «ندا» أنه في حال نجحت روسيا في عمليتها العسكرية الأخيرة ضد أوكرانيا، فسنكون أمام نظام عالمي متعدد الأقطاب، وإذا فشلت سيكون تأكيدًا لهيمنة القطب الواحد.

تقرير لمركز الفكر الاستراتيجي: النظام العالمي الجديد ستحدده هوية المنتصر 

 

مركز الفكر الاستراتيجي قال في تقرير نشره في 15 الجاري، من الصعب الحكم على نتائج الحرب الروسية الأوكرانية، إلا أنه في إطار سيناريوهات الحرب المتوقعة فيمكن القول إن العالم لن يكون كما قبل الأحداث الروسية - الأوكرانية، وشكل النظام العالمي الجديد ستحدده هوية المنتصر سياسيًا وعسكريًا.

وأضاف العملية الروسية ضد أوكرانيا كشفت عن ترهل في النظام العالمي، وسقوط السمعة السياسية والأخلاقية للنظام الدولي.

خبير في الشأن الأوروبي: النظام العالمي الجديد سيتشكل حسب هوية المنتصر في أوكرانيا

من ناحيته، قال بهاء محمود الباحث السياسي في الشأن الأوروبي، بمعهد البحوث والدراسات العربية، إن النظام العالمي الجديد سيتشكل على حسب المنتصر في العملية العسكرية بين روسيا وأوكرانيا.

وأضاف: الانتصار الروسي ينقسم لعسكري، ومعنوي، وسياسي ويعني فرض موسكو شروطها في أوكرانيا واعتبارها دولة محايدة كالنمسا وفنلندا.

أما الانتصار العسكري، فبتحقيق أهدافها التي دخلت أوكرانيا لتحقيقها، سواء تأمين القرم أو الوصول لمناطق حيوية في أوكرانيا والبحر الأسود وبحر آزوف، والمعنوي هو أن تلقى أي دولة من دول الاتحاد السوفيتي السابق مصير أوكرانيا إذا فكرت في تخطي نفوذ روسيا أو الانضمام للاتحاد الأوروبي.

وأشار «محمود» في تصريحاته لـ «الدستور» إلى أن النظام العالمي ضعيف، والصين قطب اقتصادي مسيطر على العالم، وقد تلجأ إليها روسيا لإنشاء نظام اقتصادي بديل، واستبدال الدولار بأي عملة أخرى، وإذا نجحت روسيا في ذلك فنحن بصدد تقسيم للعالم.

وتابع: سياسات العقوبات الأمريكية هناك خلاف على جدواها، وإذا استمرت أكثر من ذلك فإن الخسائر ستكون فادحة خاصة للاتحاد الأوروبي، وروسيا تحاول خلق أسواق جديدة كالهند والصين لتصدير الغاز.

وأكمل: إذا نجحت روسيا فيما تفعل سيكون هناك نظام عالمي جديد لن يكون لأمريكا اليد العليا فيه، وسيكون فيه تقاسم للنفوذ والقوى، خاصة أن الولايات المتحدة خسرت مساحات كبيرة من أماكن نفوذها وحلت محلها الصين وروسيا وبعض البلدان الصاعدة كالهند وماليزيا.