رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة».. تفسير يفحم منتقدي «السيدات على منصة القضاء»

قاضيات مصر
قاضيات مصر

قبل أيام احتفى العالم باليوم الدولي للمرأة (8 مارس)، وأمس الإثنين احتفلت دول عربية عدّة بـ«يوم الأم» (21 مارس)، وبالتزامن مع هذه المناسبات لا تترك الدولة المصرية فرصة إلا وسعت لتمكين المرأة المصرية في مختلف المجالات ومن ذلك ما حدث مؤخراً بتعيين سيدات في مناصب قضائية مرموقة في مجلس الدولة.

القرار التاريخي الذي كان حلماً رواد العديد من دارسات الحقوق في مصر، لاقى احتفاءً كبيراً من قطاعات عريضة في المجتمع رأت فيه «نقلة نوعية» في سبيل تمكين المرأة والمساواة بين الجنسين، فيما قاتلت مجموعة صغيرة لـ«إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء» بتداول حديث نبوي دون ذكر لأي تفاصيل عن الموقف الذي جاء فيه.

«لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً»، نص الحديث الشريف الذي استند إليه هؤلاء على وسائل التواصل الاجتماعي في معرض انتقادهن لجلوس المرأة على منصة القضاء.

تفسير الحديث

يقول الشيخ ربيع الجهيني، من علماء الأزهر الشريف، إنَّ الحديث الذي بنى هؤلاء المغرضون حجتهم عليه عن عمل المرأة في القضاء، إنما هو حديث يخص حالة عينية وقعت حينها، ولا يخص أمرًا وحكمًا عامًا.

ويضيف: «بعد أن مزّق كسرى كتابه صلى الله عليه وسلم، ولما قتله ابنه وتولى بعده الملك قتل إخوته حرصاً على الملك، ثم مات بعد مقتل أبيه بستة أشهر بسبب تناوله سّماً كان وضعه والده فى إحدى خزائن ملكه. ولما تولّت بنت كسرى الملك وعلم بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، قال (لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة)».

ويشير إلى أن تلك كانت نبوءة نبوية تحققت بعد ذلك بسنوات، وليس إخبارًا من النبي صلى الله عليه وسلم من أن كل قوم يولون عليهم امرأة لا يفلحون.

ويتابع: «على النقيض تماماً، فقد استشار النبي صلى الله عليه وسلم زوجته السيدة أم سلمة رضى الله عنها في (صلح الحديبية) حين أمر صحابته أن ينحروا ويحلقوا ثلاث مرات فلم يقم أحد، فدخل صلى الله عليه وسلم على أم سلمة- رضى الله عنها- وذكر لها ما لقى من الناس، فقالت: يا رسول الله: أتحب ذلك؟

أخرج ثم لا تكلم أحداً منهم كلمة حتى تنحر بدنك، وتدعو حالقك فيحلقك، فقام فخرج، فلم يكلم أحدًا منهم حتى فعل ذلك، نحر بدنه، ودعا حالقه فحلقه، فلما رأى الناس ذلك، قاموا فنحروا، وفعل صلى الله عليه وسلم ما أشارت به أم سلمة؛ لأنه عرف أنه صواب».

ويلفت «الجهيني» إلى قصة الملكة «بلقيس» وكيف أن الله عز وجل ذكرها في كتابه وذكر حسن سياستها وتدبيرها مملكتها، ونظرها في عواقب الأمور، وحسن تلقيها كتاب سليمان عليه السلام، واستشارتها قومها مع ردهم الأمر إليها، ورجاحة رأيها وعقلها، موضحاً أن كل هذا يدل على رجاحة عقل المرأة، وعدم نقصانه كما يدّعي البعض، وهذا يؤهلها ولا يمنعها على الإطلاق من تولي المناصب القيادية مثل القاضي دون الحاجة لكل هذا الجدل القائم حول الأمر.

ماذا يقول الطب النفسي؟

أما الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، فدعا إلى التوقف عن إلصاق البعض لأي شيء لا يرغبون في تنفيذه بكونه حراماً شرعياً، مشيراً إلى أنه بالإضافة إلى أن لا يوجد نص ديني يمنع عمل المرأة كقاضية، حسب ما أكد علماء الدين، فإنه وحسب الطب النفسي لا يوجد على الإطلاق ما يمنعها من العمل كقاضية.


ويوضح أن أي عمل يتوقف النجاح به من عدمه على شخصية القائم به، وهو ما يفسّر وجود الناجح والفاشل في كل مهنة دون شرط نوع من القائم به ذكرًا كان أم أنثى.

ويتابع أن هناك  قضاة رجالًا وغيرهم من وظائف أخرى يُطردون من عملهم لعدة أسباب تؤكد في النهاية فشلهم في إدارة عملهم.

ويشير إلى أن المرأة تولت سواء قديمًا أو حديثًا العديد من أدوار القيادة شديدة الحساسية ونجحت فيها على أكمل وجه، ضاربًا المثل قديمًا بالملكة حتشبسوت التي تولت الحكم في مصر وكان عهدها من أزهى العصور المصرية القديمة، أما حديثًا فذكر على سبيل المثال المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي شهدت ألمانيا وقت توليها ازدهارًا داخليًا وخارجيًا شهد به الجميع.

رأي الأزهر

‏أما عن موقف الأزهر الشريف فسبق أن أفتت مؤسسة الأزهر عام 2022 بأنه «لا يوجد نص صريح قاطع من القرآن أو الأحاديث النبوية يمنع المرأة من تولي وظيفة القضاء».

كما جدد شيخ الأزهر أحمد الطيب أخيراً التأكيد على أحقية المرأة في المناصب القضائية وغيرها قبل أيام.