رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مدرسة الأراجوز.. عودة مسرح الشعب

خُذ أسرتك واذهب إلى الحديقة الثقافية يوم ٢٨ مارس، واستمتع كما لم تستمتع من قبل مع فن الأراجوز. 

الأراجوز أحد الفنون الشعبية المهمة المتوارثة، والذى اعتبره كثير من الباحثين والنقاد العرب أمثال الدكتور عبدالحميد يونس والدكتور على الراعى- البداية الأولى للمسرح العربى.

وفى عام ٢٠١٨، وضعت منظمة اليونسكو «الأراجوز» على قائمة الصون العاجل للتراث الثقافى غير المادى، وجاء ذلك تتويجًا لجهد الوفد المصرى والجمعية المصرية للمأثورات الشعبية، والدكتور نبيل بهجت، الذى شارك فى إعداد الملف. 

وكان هذا التسجيل إيذانًا بدعم أكبر يقدم لصون هذا الفن فى مصر، الذى صار مهددًا بالاندثار بعد رحيل معظم فنانى ولاعبى الأراجوز. 

وبدأت الدولة- ممثلة فى وزارة الثقافة المصرية- فى الاهتمام به كأحد الروافد التراثية للمسرح، فأقامت «ملتقى الأراجوز والعرائس التقليدية»، الذى يقام سنويًا، وينظمه «المركز القومى لثقافة الطفل»، كما قدم الفنان والمخرج ناصر عبدالتواب، لرئيس المركز القومى لثقافة الطفل الكاتب المسرحى محمد ناصف- مشروعًا لإقامة «مدرسة الأراجوز» للتعليم والتدريب على هذا الفن.

المدرسة يجرى من خلالها تصنيع كل مستلزمات هذا الفن مثل عروسة الأراجوز، وتضم مسرحًا خاصًا لهذا الفن، فضلًا عن «الأمانة» وهى الأداة الخاصة بإخراج صوت الأراجوز، وتجرى إقامة ورش لتدريب الطلاب على الارتجال والتمثيل وتحريك العرائس، وورش للقراءة المجتمعية للدارسين، نظرًا لأن مسرح الأراجوز قائم على فكرة «المسرح التفاعلى»، ومعالجة قضايا المجتمع بطريقة ساخرة، ويصاحب ذلك تعريف المتدربين بالتراث والنمر التراثية القديمة للأراجوز، والتى جرى توثيقها من خلال مجموعة من الباحثين، أمثال الدكتور نبيل بهجت والدكتور عصام أبوالعلا، وكذلك العمل على كتابة وإنتاج نمر جديدة، لتقديم هذا الفن فى مضمون عصرى ومناقشة قضايا راهنة.

يقول الفنان ناصر عبدالتواب، إن الفكرة كانت تحتاج فى تنفيذها إلى دور مؤسسى كبير، والدولة، ممثلة فى وزارة الثقافة والمجلس الأعلى للثقافة، لم تبخل علينا، فعندما جرى طرح الفكرة أمام وزيرة الثقافة الدكتورة إيناس عبدالدايم، والدكتور هشام عزمى، الأمين العام للمجلس، قدما كل الدعم للمركز القومى لثقافة الطفل الذى تبنى الفكرة وبدأ فى تنفيذها.

وحسب «عبدالتواب»، كان من المقرر أن تبدأ المدرسة نشاطها فى عام ٢٠٢٠، إلا أن الأمر تأخر بسبب «كورونا» لكن بدأنا النشاط فى أغسطس ٢٠٢١، والتحق بالدورة الأولى مجموعة من المتدربين والمتدربات بداية من سن ١٤ سنة فما فوق، واستمر تدريبهم ثلاثة أشهر، وتولى التدريب مجموعة من لاعبى الأراجوز المحترفين مثل: سيد السويسى ومحمد عبدالفتاح وأنا.

وأضاف: «كان هناك، أيضًا، فريق من المشرفين من المركز القومى لثقافة الطفل، برئاسة الأديب محمد ناصف ومعه الباحث أحمد عبدالعليم وولاء محمد محمود، مدير الحديقة الثقافية للطفل بالسيدة زينب، وجرى تخريج ١٧ لاعبًا ولاعبة أراجوز، ومن بينهم لاعب من ذوى الهمم، وكان منهم، كذلك، بعض موظفى الهيئة العامة لقصور الثقافة والمركز القومى لثقافة الطفل عبارة عن ٥ موظفين و٣ موظفات».

ونجحت المدرسة فى تخريج أول لاعبات أراجوز فى مصر، وعددهن أربع لاعبات، شاركن بعد حفلة التخرج فى عرضين، جرى تقديمهما فى الملتقى الثالث للأراجوز والعرائس التقليدية؛ العرض الأول من تأليف نيروز الطمبولى، تحت عنوان «الأراجوزة»، من إخراج ناصر عبدالتواب، وناقش قدرة البنات على المشاركة الفعالة فى بناء المجتمع المصرى. وتقيم المدرسة، شهريًا، «يوم الأراجوز»، بالحديقة الثقافية بالسيدة زينب، الذى يقام فى اليوم الثامن والعشرين من كل شهر، وتقدم خلاله مجموعة من عروض الأراجوز والمسرح الأسود، مثل عرض «أراجوز وأرجوستا»، من تأليف سعيد حجاج، وأشعار أيمن حافظ، وعرائس مؤمن ونس، وديكور شادى قطامش، ورؤية وإخراج ناصر عبدالتواب.

وعروض «المسرح الأسود» كانت نتاج ورشة للفنان محمد فوزى، وهو نوع من المسرح يعتمد على خلفية سوداء، والعرائس تظهر ملونة باللون الفسفورى باستخدام الإضاءة تحت البنفسجية. والعرض قدمته «فرقة كذا لون» التابعة للمركز القومى لثقافة الطفل، من إخراج شعبان أبوالفضل.

ومن ضمن الفعاليات والأنشطة المتعلقة بهذا اليوم الشهرى، تقام حلقات نقاشية حول فن الأراجوز يشترك فيها النقاد المسرحيون والفنانون المهتمون بهذا الجانب.

ويؤكد الكاتب المسرحى محمد ناصف، رئيس المركز القومى لثقافة الطفل، أنه خلال الفترة الماضية جرى تفعيل قناة المركز على «يوتيوب»، خاصة فى فترة كورونا، وشاركنا بعروض الأراجوز فى مبادرة «الثقافة بين إيديك»، والتى أطلقتها وزارة الثقافة. ويضيف «ناصف»: «اعتمدنا فى عروض الأراجوز فى تلك الفترة على فكرة المسرح التوعوى، وكانت أول نمرة تُقدَم تحت عنوان (الأراجوز يعظ)، من إخراج ناصر عبدالتواب، وبعده عرض (الأراجوز والمولات)، وناقش العرض فكرة التكالب على شراء السلع من المولات، وهى ظاهرة كانت موجودة فى تلك الفترة فى ذروة انتشار وباء كورونا». وتابع: «بعد ذلك انضمت مجموعة من الكتاب، منهم محمد زناتى وأحمد زيدان وسيد لطفى وأحمد جابر، كتبوا مجموعة من النمر، فقدمنا خمسة عشر عرضًا، عُرضت كلها على قناة المركز على (يوتيوب)، وجرى تجميعها لتصدر فى كتاب تحت عنوان (حواديت أراجوزية)، وقدمناها كنمر جديدة تضاف للنمر القديمة للأراجوز».