رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«لؤلؤة بلدنا».. «طابا» طمع فيها العثمانيون والإسرائيليون واستردتها مصر دون قطرة دم

مبارك يرفع العلم
مبارك يرفع العلم المصري على طابا

طابا هي لؤلؤة مصر التي لطالما طمع فيها المعتدون، فالكثير منا يعلم أن مصر خاضت معارك وجولات دبلوماسية طاحنة لاستردادها من العدو الإسرائيلي، لكن الكثير لا يعلم أنه لم يكن الطامع الوحيد فسبقه العثمانيون الذين رغبوا فرض سيطرتهم عليها. 

اليوم، يوافق التاسع عشر من مارس وهو الذكرى الـ 33 لاسترداد طابا، وبها يكون أخر كيلومتر مربع كان مُحتلًا من أراضيها رُد إليها، وهو ما يعد إنجاز قانوني ودبلوماسي مذهلا لمصر حيث خاضوا قرابة الـ  7 ليضربوا  نموذجًا كان الأول من نوعه في استرداد الأرض دون قطرة دم واحدة، عبر طرق دبلوماسية سلمية خالصة، كان المُحكم الدولي طرفًا أساسيًا فيها.

19 مارس 1989 هو التاريخ الذي رُفع فيه العلم المصري على أرض طابا بأيدي الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، في مشهد لن يُنسى، حيث سُجِّل في التاريخ بالصوت والصورة، ويظل موضع فخر للمصريين إلى يوم يُبعثون.

لماذا حاولت إسرائيل التمسك بطابا رغم هزيمتها في 73؟

استماتت دولة الاحتلال في  الاستيلاء على طابا كثيرًا لتوسيع منفذها الوحيد على البحر الأحمر “إيلات”، وبالتالي السيطرة بشكل أو بآخر على هذا المسطح المائي المهم، وكل ما يطل عليه من نقاط ملاحية واستراتيجية هامة كـ "مضيقيّ باب المندب وتيران أو قناة السويس، فضلًا عن السيطرة على رأس خليج العقبة، وفي الوقت ذاته تُتاح لها الفرصة لأن تمارس ضغوطها على مصر ودول المنطقة متى شاءت. 

 الجدير بالذكر أن طابا تبعد نحو 240 كيلومتراً عن مدينة شرم الشيخ الواقعة جنوب شبه جزيرة سيناء، وتمثل مثلثًا قاعدته في الشرق على خليج العقبة بطول 800 متر، وضلع شمالي بطول ألف متر، وآخر جنوبي بطول 1090 مترًا، ويتلاقى الضلعان عند النقطة التي تحمل علامة 91، وفي الوقت ذاته تبعد طابا عن ميناء "إيلات" الإسرائيلي 7 كيلومترات، ويعدها الكيان المحتل بوابتها لسيناء التي طالما حلم باحتلالها وفرض سيطرته عليها كاملة مدة 6 سنوات.

موقعها سبب مطمع الدول فيها

حدثت أزمة كبيرة في بداية  القرن الماضي، بين مصر وسلطة الاحتلال البريطاني المتواجدة في مصر من جانب والدولة العثمانية من جانب آخر وذلك في  يناير 1906، بعد أن أرسلت تركيا قوة لاحتلال طابا مخالفة بذلك ما جاء بفرمان 1841 و1892 الخاصين بولاية مصر والحدود الدولية الشرقية لها، والممتدة من رفح شمالاً على ساحل البحر الأبيض المتوسط إلى رأس خليج العقبة جنوباً شاملة مناطق العقبة وطابا والمويلح.

وحتى تحافظ بريطانيا على مصالحها في مصر بعد أن تم تهديد أمن قناة السويس التي تطل منها على مستعمراتها في الهند وجنوب شرق آسيا، تدخلت سياسياً لمنع تكريس الأمر الواقع على الحدود، فتعقدت الأمور، وامتدت أزمة طابا إلى منطقة رفح في أقصى الشمال، حيث أرسلت الدولة العثمانية قوة عسكرية أخرى لاحتلال رفح وإزالة أعمدة الحدود الدولية بها.

وعندما فشلت الجهود السياسية رفعت بريطانيا إنذارًا نهائيًا إلى الباب العالي في تركيا، بأنها ستضطر للجوء إلى القوة المسلحة ما لم يتم إخلاء طابا ورفح وتراجع القوات التركية بهما إلى ما وراء الحدود، فرضخت السلطة العثمانية لهذه المطالب الشرعية آنذاك، وعينت لجنة مشتركة مع الجانب المصري والبريطاني لإعادة ترسيم الحدود إلى ما كانت عليه، فعادت طابا إلى داخل الحدود المصرية.

وبلغ عدد الأعمدة المقامة آنذاك على الحدود الدولية وحتى اليوم 91 عمودًا للحدود بدءًا من العمود رقم واحد عند ميناء رفح على تل الخرايب وحتى آخر عمود وهو رقم 91 على رأس طابا، وانتهى نهائيًا بناء هذه الأعمدة الإسمنتية المسلحة في 9 فبراير 1907، وهكذا عادت طابا مصرية مطلع القرن الـ20، وكانت الوثائق المتعلقة بمشكلة طابا الأولى خير سند قانوني دعم موقف المفاوض المصري في أزمة طابا الثانية في ثمانينيات القرن الـ20، في أعقاب انتصار أكتوبر المجيد 1973 م واستخدمها الفريق القانوني لمصر في البرهنة على أحقية مصر فيها.