رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

علي جمعة: الدارس يفتقد العلوم المساعدة والترتيب المنهجي

الدكتور علي جمعة
الدكتور علي جمعة

قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، وشيخ الطريقة الصديقية الشاذلية: "منذ الصغر ونحن في الأزهر الشريف حفظنا نظمًا لطيفًا يمثل حوارًا بين العلم والعقل، وأيهما أعلى من الآخر، وهذا النظم وهو في عدة أبيات كنت أظن أنه من الطرائف واللطائف كالمحاورة التي جرت بين الأبيض والأسود أو بين الليل والنهار أو بين الصيف والشتاء في الأدبيات المشهورة حتى ألفت فيها الكتب، إلا أنني اكتشفت مع ظهور حالات فكرية مستعصية من الخلط والمتاهة العقلية التي تنتج عادة من حب الهواية التي يحرم من التخصص في مجالها أحد المحبين لها، أو تنتج من شدة الإخلاص مع قلة العلم، أو تنتج من تلقي المعلومات من الكتب فقط دون استيفاء بقية العملية التعليمية التي تتمثل في خمسة أركان وهي: الطالب، والأستاذ، والمنهج، والكتاب، والجو العلمي.

وتابع "جمعة" عبر صفحته الرسمية قائلًا: يفتقد الدارس إلى العلوم المساعدة وإلى الترتيب المنهجي ويفتقد المنهج برمته، ومن هنا تصبح المعلومات جُزرا منعزلة في ذهنه لا يكون قادرًا ولا مدربًا على الوصل بينها ولا معرفة الكامن وراءها، ولا قدرة لديه على تفعيل ذلك المنهج في المستحدثات، وذلك بسبب بسيط وهو أنه قد افتقد المنهج نفسه، فأصبح في مجال التوهيمات.

وأوضح "جمعة" قائلًا: “والتوهيمات والعصف الذهني والمناقشة بصوت عال أمور ممدوحة محمودة تثري الفكر، ولكن يجب في النهاية -حتى لا تظل طائرة في السماء- أن تستقر في صياغات وقوالب محددة يمكن نقلها بوضوح بين الأجيال وهو ما يسمى بالعلم، فالعلم في حاجة شديدة إلى جريان الفكر حتى يمده دائما بكل جديد، وإذا انقطع عنه ذلك المورد جمد العلم وحدثت له المشكلات، ولقد نشأت الجامعة في الأساس من أجل أن تمد العلم بتيار الفكر، ووقعت الجامعة في القرن الأخير في أغلب دول العالم في أزمة فكرية حيث تحولت إلى محاضن للعلم دون مده بالأفكار تحت عباءة المنهج المستقيم، ومن هنا حاول كثير من الناس أن يقوموا بتلك التوهيمات من أنفسهم خارج النطاق الجامعي، وبعيدًا عن عباءة المنهج فخرجوا بصور مازالت مشوهة وغير قادرة على أن تمد العلم بشيء معقول لتجديده ودفعه والانطلاق به".

 

وأشار "جمعة" قائلًا: "ومن خصائص هذه التوهيمات أنها لا تبقى على حال وأن أصحابها يتطورون تطورًا جذريًا في أفكارهم وينحرفون انحرافات شديدة في مسارهم إلى أن يلاقوا الله رب العالمين في عداد المغضوب عليهم أو في عداد الضالين، قال تعالى: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِى مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ)، إنه تصوير دقيق للبلاء الذي حل علينا فاللهم أنزل على قلوبنا الصبر بعدما أنزلت هذا البلاء.