رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المساواة فى النوع الاجتماعى فى اليوم العالمى للمرأة

اليوم هو يوم المرأة العالمى، فكل عام وكل امرأة فى العالم بخير، وإذا كان العالم يحتفل هذا العام بهذا اليوم- الذى يُعد من أهم الأيام التى أقرتها منظمة الأمم المتحدة- فى ظروف شديدة الصعوبة وشديدة الخطورة، مما يمكن أن يشكل ملامح عالم جديد، وتغيير فى توازن القوى فى العالم، وذلك مع اندلاع حرب فى أوكرانيا أعلنتها روسيا وتضامنت معها الصين وكوريا الشمالية، وبدأت بالفعل فى الدخول بداخل الأراضى الأوكرانية، مع التأكيد أنها ستضرب فقط مناطق تصنيع القنابل البيولوجية- إلا أن هذا يتطلب معه النظر بشكل عام فى أوضاع النساء والفتيات والأطفال فى حالة نشوب النزاعات المسلحة، مما يتطلب معه ضمان توفير حقوق أساسية وفعالة للمرأة على أرض الواقع يتم تحديدها من قبل المنظمات العالمية وتحديدًا منظمة الأمم المتحدة فى حالة نشوب الحروب والنزاعات المسلحة، وذلك لحماية الفتيات والنساء وأطفالهن، وإيجاد صيغة دولية من القوانين المتفق عليها تكفل إنشاء أماكن آمنة لمعيشة النساء وأطفالهن فى حالة الحروب والنزاعات المسلحة.

ومع متابعة أخبار الحرب الدائرة فى أوكرانيا وتحالف الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية وحلف الناتو وتصاعد نبرة التحالف بين روسيا والصين وكوريا الشمالية، فإنه يبدو حتى الآن أن الولايات المتحدة الأمريكية لن تكون هى القوة العظمى الوحيدة والدولة الأقوى التى تقرر مصير الشعوب والدول مثلما حدث فى منطقتنا، حيث أطلقت على مؤامرة تقسيم الدول العربية إلى دويلات صغيرة متصارعة وإثارة الفتن والصراعات فيها لتفتيتها فى ٢٠١١ «ثورات الربيع العربى»، التى لم ينج منها سوى مصر والسعودية والإمارات العربية المتحدة والمغرب والجزائر والكويت والبحرين.. والتى راح ضحيتها آلاف من نساء وأطفال وفتيات نتيجة النزاعات المسلحة، ونتيجة نشر الفتن والاقتتال بين أبناء الوطن الواحد، ولا تزال تُصدر التنازع من خلال رعاية التنظيمات الظلامية والتطرف والعنف، والذى تكون المرأة والفتاة هى كبش الفداء الأول له، حيث يتم ترويج الأفكار المتطرفة والفتاوى المتشددة ضدها.

وفى خلال الاحتفال بيوم المرأة العالمى هذا العام، تم إطلاق شعار يتناسب مع القضايا الحيوية التى تواجه المرأة والفتاة، حيث تم إطلاق شعار سنة ٢٠٢٢ «المساواة المبنية على النوع الاجتماعى من أجل التنمية المستدامة» اعترافًا بمساهمات النساء والفتيات اللاتى يقدن مهمة التكيف مع تغير المناخ وتخفيف حدته والاستجابة له لبناء مستقبل أكثر استدامة للجميع، فالنساء هن الأكثر اعتمادًا على الموارد الطبيعية التى يهددها تغير المناخ بشكل خاص، وهى قضية ستظل لها تأثيرات حادة ودائمة على البيئة وفى قضية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، حيث إن النساء يقدن مواجهة قضايا تغير المناخ، ولا بد من ترسيخ مبدأ المساواة المبنية على النوع الاجتماعى، إذا أراد العالم تحقيق التنمية المستدامة، وسيكون احتفال منظمة الأمم المتحدة بإقامة فعالية رفيعة المستوى تعقد اليوم من ١٠ صباحًا فى حلقة نقاشية رفيعة المستوى يشارك فيها الأمين العام ورئيسة لجنة وضع المرأة والمديرة التنفيذية للأمم المتحدة للمرأة ونشطاء وناشطات فى قضية تغير المناخ والمساواة المبنية على النوع الاجتماعى، كما تشارك مجموعة من المشاهير وعروض موسيقية.

وهناك نماذج حدثت فى بعض الدول لقيادة المرأة وفاعليتها فيما يخص مشكلة تغير المناخ أذكر بعضها، ففى المملكة المغربية الشقيقة قامت العاملات بصيد الأسماك بالالتزام الحرفى والإيكولوجى القادر على التكيف مع تغير المناخ، وفى دولة البحرين نجد أن النساء فى قلب العمل المناخى، وفى الإمارات العربية تقول قائدة شبابية نسائية ومناصرة لحماية البيئة «إنا جيل المساواة»، ونجد فى دولة مالاوى أن النساء يقمن بتجارب زراعة الفاصوليا المقاومة لظروف الجفاف حيث كانت مالاوى تعانى أسوأ ظروف جفاف منذ ٣ عقود.

إن يوم المرأة العالمى هو اليوم الذى تحرص فيه النساء، كل عام، على الاحتفال بالتقدم، وزيادة الوعى بقضاياهن، وأيضًا إظهار التزامهن بالمساواة بين الجنسين، وإذا ما عدت إلى الوراء لتاريخ بدء الاحتفال بهذا اليوم، وأسباب ما حدث فى بداية الدعوة إليه فسنجد أن الدعوة للمساواة بين الجنسين والتمييز ضد المرأة كان هو دائمًا أصل القضية، ففى سنة ١٩٠٨ وتحديدًا فى ٨ مارس ١٩٠٨ قامت ١٥ ألفًا من العاملات فى مصانع النسيج بمدينة نيويورك بمسيرة كبيرة بمدينة نيويورك للمطالبة بحقهن فى الانتخاب، أسوة بالرجال، وفى الحصول على أجور أفضل وساعات عمل أقل والثورة على أوضاعهن السيئة، وعدم المساواة فى الأجور مع الرجال.

وفى عام ١٩١٠ اقترحت كلارا زيتكن، السياسية الألمانية، فكرة الاحتفال بيوم المرأة العالمى، واختيار يوم وطنى محدد بكل دولة، يتم فيه طرح مطالبات النساء فى كل دولة، وذلك فى مؤتمر دولى بمدينة كوبنهاجن النمساوية ضم نساء عاملات من ١٧ دولة فى أنحاء العالم، ووافق كل المشاركات بالإجماع.. وأصبح لكل دولة يوم تختاره لمطالبات النساء.

وفى ١٩١٣ تم تحديد يوم ٨ مارس ليصبح يومًا عالميًا للمرأة، وجاء الاحتفال بهذه المناسبة عالميًا إثر عقد أول مؤتمر للاتحاد النسائى الديمقراطى العالمى الذى عقد فى باريس ١٩٤٥، وأصبح يتم فيه الاحتفال بشكل غير رسمى حتى اعترفت منظمة الأمم المتحدة بيوم المرأة فى ١٩٧٥، وأصبح اليوم العالمى للمرأة رسميًا يوم ٨ مارس من كل عام، ويتم فيه اختيار موضوع لطرحه.

ويتم الاحتفال بهذا اليوم بطرق مختلفة، فهناك دول تجعل له سمة سياسية وهناك دول تجعله يومًا للتوعية بحقوق النساء، وهناك دول تجعله إجازة رسمية مثل روسيا والصين وكوبا وفى دول أخرى يتم تنظيم مسيرات داعمة للنساء فيها أو حلقات نقاشية ومؤتمرات لدعم مطالب المرأة.. وفى المملكة العربية السعودية لأول مرة هذا العام حدثت طفرة فى اتجاه التقدم، حيث نجح الاتحاد السعودى للرياضة للجميع فى تنظيم النسخة الثانية من ماراثون الرياض لعام ٢٠٢٢، والذى أقيم فى قلب العاصمة الرياض، حيث شارك فيه ١٠ آلاف متسابق ومتسابقة من جميع مناطق المملكة ودول الخليج ومختلف أنحاء العالم، وذلك لتعزيز مزايا وفوائد الرياضة لكل أفراد المجتمع، وبما يتماشى مع مستهدفات برنامج جودة الحياة بحلول ٢٠٣٠، وفى مصر يتم الاحتفال به أيضًا من خلال عقد فعاليات وندوات وأنشطة لتعزيز دور المرأة، وتعلن المطالبات والقضايا المطلوب التوعية بها من الجمعيات والمؤسسات التابعة للمرأة لتوصيل الصوت حول أهم المشاكل والقضايا المراد توصيل الصوت فيها وخاصة قضايا العنف ضد النساء وتحقيق المساواة فى مختلف المجالات وتحسين أحوال النساء، الأكثر احتياجًا ورفع مستوى معيشتهن.

وفى السنوات الأخيرة حدثت طفرة فى مصر، حيث دعم الرئيس عبدالفتاح السيسى المرأة وحقوقها وتعيينها فى مناصب عليا، وقبل نهاية ٢٠٢١ كان قد أصدر قرارًا بتعيين ٩٨ قاضية فى مجلس الدولة فى مصر لأول مرة.. ولا تزال مطالبات المرأة المصرية مستمرة.

وتقام فعاليات وندوات وحلقات نقاشية تزامنًا مع هذا اليوم، ومنها ندوة ثقافية تقيمها جمعية الكاتبات المصريات اليوم فى الخامسة مساءً، باتحاد الكتاب، والتى أتشرف برئاستها، حيث يتم الاحتفال بيوم المرأة العالمى ومناقشة شعار يوم المرأة العالمى لهذا العام «المساواة المبنية على النوع الاجتماعى من أجل التنمية المستدامة»، كما ستتم مناقشة أوضاع وأحوال المرأة المصرية فى إطار هذا الشعار.