المشورة الأسرية
من الحاجات اللي نفسي تتعمل في مصر وتتنفذ فعلًا ومتبقاش مجرد إجراءات صورية أو شكلية وخلاص، وسعيدة إن الدولة ابتدت تهتم بيها وفي اتجاه إنها تصدر بيها قوانين، دورات تدريبية للمقبلين علي الزواج من ناحية.. ووجود المشورة الأسرية بشكل فعال من ناحية تانية في كل محافظات وقرى الجمهورية.
مع ازدياد المشاكل الأسرية في السنين الأخيرة وزيادة حالات الطلاق بشكل كبير بقي واضح جدًا إن في مشكلة كبيرة بين الأجيال الجديدة مش عارفة يعني إيه جواز، ويعني إيه أسرة وإزاي تبنيها وتحافظ عليها.
الطلاق ساعات بيكون طبعًا أحسن قرار الواحد ممكن ياخده بدل ما يكمل في علاقة مؤذية لطرف أو للطرفين، لكن الفكرة إن إزاى الواحد يختار صح من الأول عشان يتجنب التفكك الأسري.
المفهوم السائد إن الجواز عبارة عن قايمة، البنت أهلها بيزنوا عليها عشان تتجوز من أول ما بتخلص جامعة، وفي بعض المجتمعات من قبل ما تخلص كمان.. تختار من بين عرسان جاهزين ماديًا بوظيفة مرتبها كويس، ويكون عنده شقة مستواها عالي، وتتجهز بأحدث الإمكانيات، وفرح متكلف، وشهر عسل بره مصر، وتبقي هي دي الجوازة المثالية..!
أو في مستويات تانية بيكون الاتنين معهمش فلوس ولا دخل ثابت بس عايزين يتجوزوا، فبيطلبوا مساعدة من اللي حواليهم عشان يجهزوا بيت ويفرشوه بكمالياته ومحدش بيفكر إزاي البيت ده هيكمل بعد كده.
وفي فترة الخطوبة العرسان بيكون في خروجات متكلفة برضه، بيهزروا ويتكلموا عن أحلامهم وكل واحد فيهم بيحاول يظهر أحسن ما عنده وبيخفوا أي عيوب علي قد ما يقدروا، ولو ظهرت أي علامات سلبية في الأغلب بيتم تجاهلها طالما الشكل العام للجوازة كويسة وبيفكروا إن النهاية السعيدة بتكون بالجواز.. مش إنها لسة بداية لتكوين أسرة.
ويتم الجواز ويخلص شهر العسل تكون البنت حملت وبقي في طفل.. وهوب تبتدي المشاكل بين الزوجين، مفيش تفاهم، المسئولية ابتدت، كل واحد بيسأل نفسه: هو أنا إيه اللي عملته في نفسي ده.. العيوب ظهرت، خناقات مستمرة.
والأهل في الأغلب لو حد من ولادهم اشتكولهم بيبقي الرد استحملوا هو ده الجواز!
محدش بيقولهم إن البيت والأسرة محتاجين مجهود مستمر ومذاكرة مش بالفطرة.. ومحتاجة تخطيط لكل قرار بيتاخد بين الزوجين وكل قرار مهم.
وعشان كده أهم وأول قرار هو اختيار الشريك أو الزوج والزوجة بناء علي إيه.. مش بس المادة والمستوى الاجتماعي.. كل طرف لازم يبقي عارف نفسه وعارف احتياجاته وأفكاره، وأحلامه، وبيفكر في حياته هتبقي عاملة إزاي عشان يعرف ينقلها لشريك حياته ويبقي عارف هو كمان هو محتاج منه إيه.
كل واحد بيبقي فاكر أنه بمجرد كتب الكتاب هيلاقي شريكه زي أهله، الزوج فاكر إن مراته هتتحول بالجواز إنها تبقي زي أمه، والزوجة فاكرة إن أي راجل بيتجوز بيبقي زي أبوها.
الأجيال بتتغير، والأفكار بتتغير، عشان كده مهم أوي إن كل واحد يعبر بمنتهي الصراحة عن تخيلاته في المستقبل عايز البيت شكله عامل إزاي.. الأدوار متوزعة إزاي.
ونتفق زي ما بنفتح شركة جديدة وبيكتبلها دراسة جدوى مدروسة، كل حاجة هتحصل إمتى.
إيه المفيد أن يكون كل المجهود في تجهيز شقة وفرح أحسن حاجة وبعدين كل ده يتهد.
ليه الخلفة بقت ضرورة عشان ده الطبيعي إن كل الناس بتتجوز وتخلف من غير دراسة إحنا مستعدين نخلف فعلًا دلوقتي؟ صحيًا ونفسيًا وماديًا؟
كفاية مبدأ إن العيل بيجي برزقه، الموضوع مش مجرد فلوس وإنه ياكل ويشرب أي حاجة.
الأطفال عندهم احتياجات كتير لازم نكون قدها.. من أول الصحة.. هل الأم قادرة صحيًا إنها تخلف دلوقتي؟ طيب هتجيب كام طفل؟
هل إحنا عندنا وعي بيعني إيه تربية؟ وإنهم مش بيتربوا لوحدهم، وإن كل حاجة صغيرة بتفرق معاهم جدًا في كل حاجة فعلًا .
نفسية الأم والأب وتعاملهم مع بعض وصحتهم وأسلوب حياتهم كل حاجة بتحصل من وهو في رحم الأم لحد ما يكبر.
فلازم يكون في تخطيط لكل حاجة، هنجيب طفل، يبقي نقعد مع بعض ونخطط عايزين تربيته تبقي عاملة إزاي، تعليمه، نذاكر تطوراته عشان نقدر نعرف أي مشكلة عنده من بدري عشان يتم تداركها.
هل إحنا مستعدين لده من أول الزواج؟ ولا نستني شوية وكام طفل وكل طفل يكون بينهم قد إيه؟
ده بيتم بشكل إيجابي وسلس لو الطرفين متفاهمين.. عشان كده مهم جدًا إن المقبلين علي الزواج يبقوا فاهمين هما بيختاروا الزوج/الزوجة علي أي أساس، وإيه المهم إنهم يعرفوه عن بعض في وقت الخطوبة.
كل ده بيقلل المشاكل اللي بتحصل بعد الجواز، وبيقلل فرص الانفصال.
وهنا بيكون دور مقدمي المشورة الأسرية، بيساعدوا الشباب المقبلين علي الزواج للتحضير لبناء أسرة سوية وسعيدة بعلاقات سليمة، ومنها لمجتمع قوي وفعال.
بتساعدهم في إدارة العلاقات الزوجية والتخطيط لولادة إيجابية وتجنب المشاكل والتعامل معاها قبل حدوثها.
بتكلمهم عن أهمية الكشف المبكر وفحوصات قبل الزواج، واختيار شريك الحياة، وآليات التعامل معاه، وأهمية ودور التخطيط الأسري في سعادة واستقرار الأسرة، والمفاهيم المغلوطة في المجتمع، وإزاي نتعامل معاها، وخطورة الزواج، والحمل المبكر، وزواج الأقارب، والعنف ضد المرأة، والطفل، والختان، وأهمية المباعدة بين فترات الحمل.
وأهمية المشورة بعد الزواج والمتابعة الصحية للحمل والولادة والتوعية بتطورات الجنين في الحمل والطفل بعد الولادة.. وأهمية الرضاعة الطبيعية المطلقة.
كل ده مش هيتم إلا بوجود إرادة كبيرة من الدولة لتنفيذه ووضع قوانين جديدة ورقابة علي آلية تنفيذه ووجود توعية إعلامية وميدانية بأهميته.
