رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل تدفع أمريكا ثمن الدفاع عن الحلفاء والديمقراطية فى الخارج؟

بهدوء وبرودة ذئب البراري السيبيرية، أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشن عملية عسكرية في أوكرانيا. 
عمليًا وفق كل التحذيرات، الأمر تم، ونفذ الضربات استنادًا إلى خرائط عسكرية روسية، مما دفع زعماء العالم إلى الإدانة السريعة لما وصفوه ببدء الغزو الروسي، دون معرفة النتائج.

في خطاب متلفز صباح الخميس بتوقيت موسكو، واصل بوتين حملته التضليلية، مدعيًا أن العملية كانت تهدف إلى حماية شرق أوكرانيا مما أسماه "النظام".

أفادت منافذ متعددة عن انفجارات في كييف، عاصمة المقاطعة، وكذلك في خاركيف، وهي مدينة في الشمال الشرقي. كما  أفادت شبكة إن بي سي أن  القوات الروسية هبطت في أوديسا، المدينة الساحلية الواقعة في أقصى جنوب المقاطعة، وأظهرت اللقطات أن الدبابات الروسية تدخل أوكرانيا عبر بيلاروسيا، وهو أسرع طريق للوصول إلى كييف.


أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الأحكام العرفية وقال في بيان إن روسيا "شنت ضربات على بنيتنا التحتية العسكرية وحرس حدودنا".

حشدت روسيا حوالي 190 ألف جندي على طول الحدود الأوكرانية مع العديد من الجيران، وفي الوقت الذي تتطلع فيه البلاد بشكل متزايد إلى أراضٍ في دونباس 

اختلفت توقعات السياسة الأمريكية، عما يحدث في خفايا مراكز الأبحاث والدراسات الاستشرافية المستقبلية. 
حاول البيت الأبيض، التحرك نحو شفافية المجابهة مع الشعب الأمريكي، وأن يكون استباقيًا في التحذير من الآثار السياسية والاقتصادية والعسكرية، المتتالية للصراع في أوكرانيا،الذي قد يمتد إلى حرب كونية. 
ما هي طبيعة المخاوف الأمريكية في الداخل الأمريكي؟.

 لفهم ذلك، كشف  استطلاع للرأي أجرته وكالة Associated Press-NORC، أن 26٪ من الأمريكيين يعتقدون أنه يجب أن يكون للولايات المتحدة دور رئيسي في الصراع الروسي- الأوكراني، بينما يعتقد 52٪ أن على البلاد أن تلعب دورًا ثانويًا. فيما  لجأ  20٪ من المستطلعين، إلى خيار أن الولايات المتحدة، يجب ألا تتدخل على الإطلاق. 
الرئيس جو  بايدن، مرارًا وتكرارًا، كان يحرص على أنه لن يرسل قوات أمريكية للقتال في أوكرانيا. 
بين الإدارة الأمريكية، وحلف الناتو وكل الدول التي حشدت قواتها دعمًا لأوكرانيا،  تعي وتعلم أكلاف الحروب (....)، وهي هنا، بحسب الرؤية الأمريكية، ثمن الدفاع عن الحلفاء والديمقراطية في الخارج.

وفيما تبقى من توقعات لبدء الحرب، تعمدت الإدارة الأمريكية إلى الدفاع عن قرارات الرئيس بايدن، فهو يدافع عن مصالح الأمن القومي الأمريكي :"وقيمنا الديمقراطية الراسخة ضد دكتاتور يهدد بغزو دولة ذات سيادة، كما قال مجلس الأمن القومي"، معللًا :"لذا فنحن أقل تركيزًا على سياسات أوكرانيا(...) وأكثر تركيزًا على منع الحرب".

في الساعات الحرجة الماضية، عاش البنتاجون الأمريكي، وقتًا صعبًا، مترقبًا، ليطلق، عبر تصريحات خطيرة لمسئول دفاعي أمريكي نافذ:  إن القوات الروسية "جاهزة للذهاب الآن، بمعنى  اقتراب ساعة الصفر، لكل أقطاب الحرب القادمة على العالم".

التأكيدات العسكرية الأمنية، تشير إلى أن ثمانين بالمائة من القوات الروسية المتجمعة بالقرب من الحدود الأوكرانية "جاهزة "، هدفها هجوم واسع النطاق على أوكرانيا، أو ما وصفها البنتاجون بـ"الدولة السوفيتية السابقة". 
 ما يفهم، أن النار ستشتعل في اللحم، والرصاص، الذخيرة، الصواريخ، والدمار سيطال البشر والحجر.

معلومات  البنتاجون، تبدو بكل، ما حملت من احتمالات، تعيد ليلة أخرى من الترقب المؤلم: "نحن نقدر أن القوات العسكرية الروسية المنتشرة حول أوكرانيا وبيلاروسيا جاهزة قدر الإمكان". 
وتقدر مصادر وزارة الدفاع الأمريكية، أن "حوالي 80 في المائة من قواتهم، موجودة، متمركز فيما نعتبره - سندًا للمصدر- مواقع متقدمة، تتراوح بين ما يقرب من ثلاثة أميال من الحدود الأوكرانية وحوالي 30 ميلًا".
في ذات السياق، أوروبا، وحلف الناتو، وحلفاء الولايات المتحدة، لديها  حقائق مصدرها استخباري، راصد، بكل الوسائل وإن توغلًا مكثفًا لروسيا الاتحادية، يتمركز بقوة في أوكرانيا. 
اعترف الرئيس الروسي  بوتين، باستقلال منطقتين منفصلتين في شرق أوكرانيا ودخول  الجيش  الروسي  تلك المناطق، حدد مخططات بوتين، وربما شكل سيناريو الضربة الأولى. .

في قراءة جيو سياسية أمنية بعنوان "كيف لا يزال الغرب قادرًا على حماية كييف؟" قال المجلس الأطلسي عبر تحليلات  وضعها "ألينا بولياكوفا ودانيال فرايد"

وكشفت محتوياتها، عن ساعة ترقب العالم للضريبة الأولى، في حرب انتشرت نذرها عبر الآفاق، وترى خلاصتها: يبدو أن الرئيس الروسي  مستعد لشن غزو واسع النطاق لأوكرانيا. 
عمليًا، حشد القوات بالقرب من الحدود، ورفض المحاولات الغربية للتوصل إلى حل دبلوماسي، واعترف مؤخرًا باستقلال ما يسمى بجمهوريتي لوجانسك ودونيتسك الشعبية، مع دخول القوات والأسلحة الروسية إلى المنطقة بعد فترة وجيزة. بينما، فهم من وصف الرئيس  بايدن، إدانة انتقال روسيا إلى دونباس، وبأنه "غزو لا يمكن إنكاره". 
عادة، يراقب الكرملين، ردود الفعل الأمريكية والأوروبية ثانية بثانية. 
المجلس الأطلسي، يحلل كيف يفكر بوتين، تحديدًا في مجموعة من السيناريوهات المحتملة:
أولًا:
قد تستمر روسيا في شن غزو واسع النطاق لأوكرانيا، كما تتوقع إدارة بايدن.
ثانيًا: 
بما أن الولايات المتحدة وأوروبا قد أعلنتا الآن عن عقوبات جديدة وتهددان بمزيد من التهديد، فقد يختار بوتين استراتيجية مختلفة: الطحن الطويل. في هذا السيناريو، سيسعى إلى تعزيز سيطرته على أوكرانيا دون التسبب في عقوبات أشد من الولايات المتحدة وأوروبا.
ثالثًا:
تلجأ روسيا  إلى إضعاف السيادة السياسية والعسكرية لدولة  أوكرانيا من خلال الضغط على اقتصادها. 
رابعًا:
شن هجمات إلكترونية وسيبرانية تعطل مرافق الدولة والأعمال والنقل والاتصالات والجيش. 
خامسًا:
التحريض، سياسيًا واجتماعيًا على محاولات الانقلاب لتقويض النظام السياسي في أقاليم ومدن أوكرانيا.

القراءات الأولى، تحيل  إلى بعض ما يفكر فيه بوتين، من أنه: قد يتوقع أن تتعب واشنطن في نهاية المطاف من المواجهة، وتقبل بالوضع الراهن، وتحول تركيزها إلى احتواء الصين. 
وأن بوتين ومخطوطات معركته، تفترض، نظريًا أن الدعم لأوكرانيا في أوروبا سوف يتضاءل مع ارتفاع أسعار الغاز وغمر اللاجئين الأوكرانيين الحدود الأوروبية. 
 كل ذلك ممكن، ففي شرارة الحرب، مخاوف من، ليس مجرد أزمات اقتصادية وحركة لجوء، إذا لم تكن إبادة بشرية، إذا كانت خيارات الجيوش  تستبق منطق الأمن والسلم لكل البشرية.