رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«كنز الدنيا».. الانتصار للحياة بالفن

نجحت مسرحية «كنز الدنيا»، التى أنتجتها الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، وأخرجها الفنان أشرف عبدالباقى، وشارك فى بطولتها أطفال من ذوى الهمم، فى تأكيد الدور المهم لهذه الفئة فى المجتمع، وقدرة الفن على استخراج الطاقات الكامنة داخلهم، وتسليط الضوء على القضايا التى تهمهم.

المسرحية الكوميدية الاجتماعية كانت ثمرة جهود بذلتها مؤسسات رسمية كثيرة، على رأسها وزارة التضامن الاجتماعى، بهدف تقديم عمل مسرحى يعبر عن مصر.

تميزت المسرحية ببعدها الاجتماعى، عبر مناقشة قضية محورية أبطالها من الأطفال ذوى الهمم، وتحكى عن كيفية مواجهتهم الحياة، من خلال طرح مجموعة من الحكايات الواقعية عن نماذج تحدت الألم والعزلة بإرادة قوية، لتثبت للمجتمع أن النقص الحقيقى يكمن فى الاستسلام للعجز، إنما الحياة، كل الحياة، تكمن فى الإرادة والحلم. 

قصة المسرحية تبدو بسيطة للوهلة الأولى، لكنها تحمل فى طياتها معانى إنسانية رفيعة، منها الإرادة والتحدى، وأهمية العمل الجماعى، وتدور الأحداث فى جو من التشويق حول مجموعة من الأطفال ذوى الهمم، الذين يتعرضون للسرقة، لكنهم يتحدون للقبض على السارقين بجهود ذاتية، بعد أن نصبوا لهم مجموعة من الكمائن.

كما تطرقت المسرحية لنظرة المجتمع لذوى الهمم، وضرورة تحسينها، وأن تعرف الأسر التى رزقها الله بمولود من ذوى الهمم أن هذه الفئة تتمتع بذكاء كبير وطاقة قادرة على المشاركة فى تغيير المجتمع للأفضل، مشيرة إلى أنه من الضرورى أن تسعى هذه الأسر لدمج أطفالها فى المجتمع.

وشددت المسرحية على أن الجميع مطالب بإدراك أن هؤلاء الأطفال هم أبطال قادرون على الإنجاز، وأن الإعاقة ليست إعاقة جسد، وهذا ما يؤكده الفنان أشرف عبدالباقى فى المشهد الختامى للمسرحية، حين يظهر ليقول حكمة المسرحية فى عبارة تحمل رسالة العرض، موجهًا كلامه للصوص الذين جرى القبض عليهم: «بتدوروا على فلوس وعلى كنز فى البيت؟ الأطفال دول هما الكنز الحقيقى فى الدنيا».

وهذا المشهد يذكرنا بما كان يفعله «عبدالباقى» فى «مسرح مصر»، حين كان يظهر فى نهاية كل مسرحية ليقول حكمة مهمة.

ولعبت كلمات الأغانى التى كتبها أيمن بهجت قمر دورًا مهمًا فى استكمال بنية الحوار الدرامى، الذى كتبه عيسى جمال، كما استطاعت السينوغرافيا أن تكون عنصرًا داعمًا لنجاح العرض، بفضل الفنان محمود سامى، أما ألحان شادى عويضة فقد أضفت نوعًا من البهجة على العرض.

المسرحية تؤكد أن الواقع هو ابن شرعى للحلم، وأن التحدى وسيلة النجاح الأولى، وأن أصحاب الهمم قادرون على المشاركة فى التنمية والبناء، لأنهم جزء أصيل من هذا الوطن، وهذه هى الرسالة الأسمى التى يطرحها العرض، وظهر ذلك جليًا فى أداء الفنانين الصغار الذين تفجرت مواهبهم على خشبة المسرح.

ويُحسب لمخرج العرض، أشرف عبدالباقى، تقديمه شكلًا مسرحيًا متنوعًا يجمع بين الاستعراض والمسرح الغنائى مع لمحات كوميدية، دون إغفال طرح قضايا مجتمعية مهمة تخص هذه الفئة من الأطفال.

قال الفنان أشرف عبدالباقى، فى وقت سابق، إن فكرة المسرحية جاءت بعد تقديمه فقرة «اسأل الرئيس» فى احتفالية «قادرون باختلاف»، وحينها التقى أحد عشر طفلًا من ذوى الاحتياجات الخاصة، وتساءل: «لماذا لا نستفيد من قدرات هؤلاء الأطفال فى أعمال فنية، خاصة أنهم أثبتوا فى أثناء حوارهم مع الرئيس عبدالفتاح السيسى قدرة فائقة على الحوار والمناقشة والتخيل أيضًا؟».

وقالت سما رامى، ٢٠ عامًا، تدرس بكلية النقل البحرى فى الأكاديمية البحرية، وتدرس باليه بالأوبرا، إحدى نجمات عرض «كنز الدنيا»، إنها سعيدة بالمشاركة فى هذه المسرحية التى قدمت رسالة مهمة للمجتمع، وهى أنه لا يوجد مستحيل.

وأضافت «سما»: «كنا فرحين بالجمهور الذى منحنا الكثير من التشجيع، وجعلنا نشعر بالتفوق»، مشيرة إلى أن الفنان أشرف عبدالباقى كان يتعامل معهم بلطف شديد، وجعلهم يقتنعون بقدرتهم على فعل أى شىء يراه الناس مستحيلًا.

واختتمت بأنها تتمنى أن تصبح ممثلة مشهورة، لأن التمثيل يستطيع حل مشكلات مجتمعية كثيرة.

وقالت سوزان صبحى، والدة «سما»: «نتوجه بالشكر للرئيس السيسى، الذى أتاح لأبنائنا إظهار مواهبهم»، لافتة إلى أن مخرج العرض كان يتعامل مع الأطفال كفنانين كبار، وأكسبهم ثقة كبيرة فى أنفسهم.

وتمنت والدة «سما» أن يستمر دمج ذوى الهمم فى المجتمع، خاصة فى الأعمال الفنية، مشيرة إلى أن المسرحية أكدت أنهم نجوم كبار.