رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

التعقيم المستمر والتباعد الجسدي.. كيف تعاملت دور الأيتام مع جائحة كورونا؟

تعقيم دور الأيتام
تعقيم دور الأيتام

قرابة 449 دارًا للأيتام في محافظات مصر، كانت تواجه بمفردها خطر فيروس كورونا (كوفيد 19)، منذ ظهوره خلال فبراير 2020 حتى الآن، بيد أن جهات أخرى بدأت في الدخول معها على خط مواجهة الفيروس لحماية الأطفال من خطر العدوى. 

على رأس تلك الجهات كانت وزارة التضامن الاجتماعي، التي أعلنت عن تعقيم وتطهير جميع دور الأيتام على مستوى الجمهورية، وعمل حملات توعية للأبناء بمخاطر الفيروس وطرق انتقال العدوى طبقًا للتعليمات الصحية التي أقرتها وزارة الصحة.

كما تم منع الزيارات داخل دور الأيتام منعًا للتجمعات أو العدوى للحفاظ على الأيتام، كما أنه تم منع استلام دور الأيتام لأى وجبات ساخنة جاهزة، على أن يتم طهي طعام الأطفال داخل الدور لحفظ وسلامة الأيتام والتأكد من صلاحية جميع الأطعمة.

وجبنًا إلى جنب مع وزارة التضامن، سارت مبادرة "مصر بينا أحلى" التطوعية، والتي ظهرت لحث المجتمع متمثلًا في أفراده على التطوع بجزء من الوقت داخل دور رعاية الأيتام وذلك بهدف تحسين جودة الخدمات المقدمة داخل دور رعاية الأيتام وتقديم وسائل التعقيم المناسبة لتلك الدور.

مسؤول مبادرة «بينا»: «نحرص على تعقيم الدور والتباعد الجسدي بين النزلاء» 

في البداية، تشرح رحاب عبدالله مسؤول مبادرة "بينا" التابعة لقطاع الرعاية بالتضامن، مبادرة الوزارة الخاصة بتعقيم دور الرعاية الاجتماعية، وتقول: "مع بداية جائحة الكورونا سخرت المبادرة جهودها لمنهاضة الوباء، والحرص على عدم وصول العدوى لأي من مؤسسات الرعاية الاحتماعية، خاصة مع زيادة عددها في جميع المحافظات لتصل لـ ٤٦٨ دار أيتام و ١٦٣ دار مسنين".

توضح رحاب، إنهم اتبعوا آلية لحماية الأطفال والمسنين، تقوم على جهود المتطوعين ومؤسسات المجتمع المدني، وكذلك الشركات المساهمة بالتبرع والجهد، وشرعت في تنفيذ دورها لتدبير الإجراءات الاحترازية كافة.

وفقًا لـ"رحاب"، انقسم العمل بين شق مادي يعتمد على توزيع الأطعمة المدعمة للمناعة، ومواد التعقيم والحماية، وشق معنوي يعتمد على الدعم النفسي للأيتام من خلال التعاون مع مبادرة "نفسيون حول العالم دعمًا للحياة"، والتوعية بأهمية النظافة الشخصية، واستخدام المطهرات، وأدوات التعقيم والوقاية وتوعيتهم بمخاطر ڤيروس كورونا المستجد، وكيفية منع انتقال العدوى من خلال شباب المتطوعين.

وتكمل "رحاب" أن هناك جزء من الحماية  يعتمد تحقيقه على مسؤولي الدور، وذلك من خلال التأكد من متابعتهم لقياسات درجة الحرارة المستمرة للأطفال، وتحقيق فكرة التباعد الجمعي، موضحة أن معظم الدور لا يشكل المتواجدين فيها إلا حوالي 60% من السعة الإجمالية؛ لذا لا تعاني الازدحام والاكتظاظ بينهم.

وأضافت: "مع الوقت وزيادة زيارات المتابعة من قبل المتطوعين، تبين استحالة تنفيذ قاعدة التباعد لا سيما أن الأطفال يتعاملون مع بعض كالإخوة في منزل واحد، لذا كان التنبيه بتقليل الزيارات من الخارج ووصلت لحد المنع، وأن كان الزائر يريد التبرع للأطفال بمواد غذائية أو ترفيهية يتم توصيلها من خلال أحد المتطوعين بعد التأكد من عدم حمله الفيروس".

دار الفرقان: «وزارة التضامن أمدتنا بوسائل التعقيم»

كانت دار الفرقان في مدينة نصر، واحدة من دور رعاية الأيتام التي اختصتها وزارة التضامن ضمن مبادرة تعقيم وتطهير دور الرعاية، بحسب هويدا حسن، مدير الدار، التي قالت: "الدار تضم ٣٩ ولد وبنت منهم أربع أطفال صغار في السن، وباقي الأطفال في المرحلة الإعدادية والثانوية، وقبل جائحة كورونا كان يتم التنظيف يتم عن طريق عمال النظافة مرة أو مرتين يوميًا، ولكن بعد فيروس كورونا زاد معدل عمليات التنظيف، والأيتام يقوموا بتنظيف غرفهم مرة أخرى بأنفسهم، بعد تدريبهم على أهمية النظافة الشخصية والمواظبة على الاستحمام وتنظيف أشيائهم الخاصة".

وأضافت: "هناك أخصائي نفسي من قبل مبادرة (مصر بينا أجمل) جاء إلينا لإعطاء جلسات للأولاد وأسهم ذلك في تقليل الذعر الذي كان في نفوس الأيتام بسبب فيروس كورونا، وكذلك تمت التوعية من قبل بعض متطوعي المبادرة، وكان لذلك أثره فبدلا من الشعور بالذعر أشعرتهم هذه التوعية النفسية بأن الأمر يمكن تجاوزه عن طريق الالتزام التام بقواعد النظافة وعدم الخروج".

وتابعت: "تم إضافة طرق التعقيم بالكحول وتنظيف الأرضيات والحوائط بالكلور بدلًا من الاعتماد على الصابون فقط وداخل الغرف الخاصة بهم، ومنعنا زيارات الأيتام، إلا للحملات التطوعية مثل مبادرة (مصر بينا أحلى) أو زيارة الهلال الأحمر التي تدور في إطار فكرة التوعية والإمداد".

مجدي: «شعرت بالفخر بعد انضمامي للعمل التطوعي»

رغم تخرجه في كلية التجارة جامعة القاهرة، وعدم مشاركته في أي عمل تطوعي قبل ذلك، لم يتردد محمد مجدي، 32 عامًا، في التطوع لوزارة التضامن بمجرد أن شاهد إعلان لها عن حاجتها لمتطوعين يقومون بجولات على دور الرعاية للمسنين والأيتام من أجل توعيتهم بخطر فيروس كورونا ومدهم بكل ما يحتاجونه من أدوات وقائية.

تواصل "مجدي"، على الفور مع مسؤول بالوزارة وأتم الإجراءات سريعًا وأصبح واحدًا ضمن المتطوعين في مبادرة التضامن لتوعية دور الرعاية، ويوضح: "دور المتطوع هو القيام على عدد من دور الرعاية التي تحددها وزارة التضامن ، وإمدادهم بالكحول والصابون اللازم للوقاية من الفيروس".

واختص محمد باثنين من دور رعاية الأيتام في منطقة مصر القديمة، مبينًا: "في البداية أقوم بالنزول إلى الدار لدرستها ومعرفة العدد والنظام الوقائي الذي يسيرون عليه ومدى احتياجها للإجراءات الوقائية، والتنسيق مع مسؤول الدار للمرة القادمة".

وعقب جولة الدراسة ذهب "مجدي" إلى نفس الدور مرة أخرى من أجل إمدادهم بما يحتاجون من وسائل الوقاية، وتم بالفعل إعطاء كل طفل 2 صابون مطهر وزجاجة كحول كبيرة تكفيه لأيام، ليس ذلك فحسب بل عقدوا ندوات لهم من أجل توعيتهم بمخاطر الفيروس وكيفية استخدام تلك الأشياء.

وأضاف: "التعامل مع الأطفال يحتاج إلى تبسيط جيد للمعلومة حتى يتم استيعابها، فبالرغم من جدية أزمة فيروس كورونا إلا أننا كنا نقوم بإضحاكهم واللعب معهم حتى يكون لديهم استعداد لاستقبال المعلومة، وكذلك الإرشادات الصحية اللازمة لاستخدام الصابون والكحول وعدم التقبيل أو التلامس والتجمع".

وأكد "مجدي" أن الأطفال برغم صغر سنهم إلا إنهم استوعبوا جيدًا كل الإرشادات التي تلقوها، وكانوا سعداء بالاهتمام بهم لاسيما أن حالة الدار كانت تستحق تلك الزيارة: "الإجراءات الوقائية في الدار لم تكن أفضل شيء قبل تلك الزيارة، فلم تكن على القدر الكافي من الوقاية، لذلك كانت الزيارة مجدية لهم".

"أشعر بالفخر الشديد بسبب مشاركتي في جولة تطوعية لدور الرعاية"، مجدي عقب انتهائه من تلك الزيارة لدور مصر القديمة ينتظر حاليًا الجولة القادمة التي لا تتم سوى بالتنسيق مع وزارة التضامن لتحديد الدور الأكثر احتياجًا: "تلك الدور كانت تحتاج إلى مساعدة جدية، وفي الوقت الحالي لا بد أن نتكاتف جميعًا والعمل التطوعي يجعل الإنسان يشعر بالفخر".