رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أستاذ بالأزهر يوضح حكم التكفير بسبب ترك الصلاة

مختار مرزوق
مختار مرزوق

ورد سؤال إلى الدكتور مختار مرزوق عبد الرحيم العميد السابق لكلية أصول الدين جامعة الأزهر فرع أسيوط، من أحد المتابعين عبر وسائل التواصل الاجتماعي يقول صديقى يكفرني لترك الصلاة فما حكم الشرع؟

من جانبه، قال «مرزوق» إن ما ورد حول هذا الحكم أن هذا كلام بعض الفقهاء وبعض الظاهرية، واستدلوا بحديث مسلم، ﺇﻥ ﺑﻴﻦ اﻟﺮﺟﻞ ﻭﺑﻴﻦ اﻟﺸﺮﻙ ﻭاﻟﻜﻔﺮ ﺗﺮﻙ اﻟﺼﻼﺓ، يقول الإمام النووي في شرحه للحديث ما يلي ﻣﻘﺼﻮﺩ ﻣﺴﻠﻢ ﺭﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﺑﺬﻛﺮ ﻫﺬﻳﻦ اﻟﺤﺪﻳﺜﻴﻦ، هذا والذي قبله ﻫﻨﺎ ﺃﻥ ﻣﻦ اﻷﻓﻌﺎﻝ ﻣﺎ ﺗﺮﻛﻪ ﻳﻮﺟﺐ اﻟﻜﻔﺮ ﺇﻣﺎ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻭﺇﻣﺎ ﺗﺴﻤﻴﺔ. 

وتابع: «ﻓﺄﻣﺎ ﻛﻔﺮ ﺇﺑﻠﻴﺲ ﺑﺴﺒﺐ اﻟﺴﺠﻮﺩ ﻓﻤﺄﺧﻮﺫ ﻣﻦ ﻗﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻭﺇﺫ ﻗﻠﻨﺎ ﻟﻠﻤﻼﺋﻜﺔ، اﺳﺠﺪﻭا ﻵﺩﻡ ﻓﺴﺠﺪﻭا ﺇﻻ اﺑﻠﻴﺲ ﺃﺑﻰ ﻭاﺳﺘﻜﺒﺮ ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ اﻟﻜﺎﻓﺮﻳﻦ ﻗﺎﻝ اﻟﺠﻤﻬﻮﺭ ﻣﻌﻨﺎﻩ ﻭﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﻦ اﻟﻜﺎﻓﺮﻳﻦ ﻭﻗﺎﻝ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻭﺻﺎﺭ ﻣﻦ اﻟﻜﺎﻓﺮﻳﻦ ﻛﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻭﺣﺎﻝ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ اﻟﻤﻮﺝ ﻓﻜﺎﻥ ﻣﻦ اﻟﻤﻐﺮﻗﻴﻦ». 

وأضاف أن مسألة ترك الصلاة، ثم تكلم رحمه الله تعالى عن حكم تارك الصلاة فقال: ﻭﺃﻣﺎ ﺗﺎﺭﻙ اﻟﺼﻼﺓ ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﻜﺮا ﻟﻮﺟﻮﺑﻬﺎ ﻓﻬﻮ ﻛﺎﻓﺮ ﺑﺈﺟﻤﺎﻉ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺧﺎﺭﺝ، ﻣﻦ ﻣﻠﺔ اﻹﺳﻼﻡ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﺮﻳﺐ ﻋﻬﺪ ﺑﺎﻹﺳﻼﻡ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، ﻣﺪﺓ ﻳﺒﻠﻐﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﺟﻮﺏ اﻟﺼﻼﺓ ﻋﻠﻴ  ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺗﺮﻛﻪ ﺗﻜﺎﺳﻼ ﻣﻊ اﻋﺘﻘﺎﺩﻩ ﻭﺟﻮﺑﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﺣﺎﻝ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺱ ﻓﻘﺪ اﺧﺘﻠﻒ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻓﻴﻪ.

 المذهب الأول: ﺬﻫﺐ ﻣﺎﻟﻚ ﻭاﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺭﺣﻤﻬﻤﺎ اﻟﻠﻪ ﻭاﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻒ ﻭاﻟﺨﻠﻒ ﺇﻟﻰ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﻜﻔﺮ ﺑﻞ ﻳﻔﺴﻖ ﻭﻳﺴﺘﺘﺎﺏ ﻓﺈﻥ ﺗﺎﺏ ﻭﺇﻻ ﻗﺘﻠﻨﺎﻩ، ﺣﺪا ﻛﺎﻟﺰاﻧﻲ اﻟﻤﺤﺼﻦ ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻳﻘﺘﻞ ﺑﺎﻟﺴﻴﻒ.

المذهب الثاني: ﺫﻫﺐ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻒ ﺇﻟﻰ ﺃﻧﻪ ﻳﻜﻔﺮ ﻭﻫﻮ ﻣﺮﻭﻱ ﻋﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﻛﺮﻡ اﻟﻠﻪ ﻭﺟﻬﻪ ﻭﻫﻮ ﺇﺣﺪﻯ اﻟﺮﻭاﻳﺘﻴﻦ ﻋﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ ﺭﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﻭﺑﻪ ﻗﺎﻝ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ اﻟﻤﺒﺎﺭﻙ ﻭﺇﺳﺤﺎﻕ ﺑﻦ ﺭاﻫﻮﻳﻪ ﻭﻫﻮ ﻭﺟﻪ ﻟﺒﻌﺾ ﺃﺻﺤﺎﺏ اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺭﺿﻮاﻥ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ.

المذهب الثالث: ﺫﻫﺐ ﺃﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻭﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ اﻟﻜﻮﻓﺔ ﻭاﻟﻤﺰﻧﻲ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺭﺣﻤﻬﻤﺎ اﻟﻠﻪ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﻜﻔﺮ ﻭﻻ ﻳﻘﺘﻞ ﺑﻞ ﻳﻌﺰﺭ ﻭﻳﺤﺒﺲ ﺣﺘﻰ ﻳﺼﻠﻲ، وأن هذا وقد اﺣﺘﺞ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﺑﻜﻔﺮﻩ ﺑﻈﺎﻫﺮ اﻟﺤﺪﻳﺚ اﻟﺜﺎﻧﻲ اﻟﻤﺬﻛﻮﺭ ﻭﺑﺎﻟﻘﻴﺎﺱ ﻋﻠﻰ ﻛﻠﻤﺔ اﻟﺘﻮﺣيد، ﻭاﺣﺘﺞ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﻻ ﻳﻘﺘﻞ ﺑﺤﺪﻳﺚ ﻻ ﻳﺤﻞ ﺩﻡ اﻣﺮﺉ ﻣﺴﻠﻢ ﺇﻻ ﺑﺈﺣﺪﻯ ﺛﻼﺙ ﻭﻟﻴﺲ ﻓﻴﻪ اﻟﺼﻼﺓ ، وأن حجة الجمهور على عدم تكفير تارك الصلاة، واﺣﺘﺞ اﻟﺠﻤﻬﻮﺭ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﻜﻔﺮ ﺑﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺇﻥ اﻟﻠﻪ ﻻ ﻳﻐﻔﺮ ﺃﻥ ﻳﺸﺮﻙ ﺑﻪ ﻭﻳﻐﻔﺮ ﻣﺎ ﺩﻭﻥ ﺫﻟﻚ ﻟﻤﻦ ﻳﺸﺎء، ﻭﺑﻘﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﻻ ﺇﻟﻪ إﻻ اﻟﻠﻪ ﺩﺧﻞ اﻟﺠﻨﺔ ﻣﻦ ﻣﺎﺕ ﻭﻫﻮ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ اﻟﻠﻪ ﺩﺧﻞ اﻟﺠﻨﺔ ﻭﻻ ﻳﻠﻘﻰ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﺒﺪ ﺑﻬﻤﺎ ﻏﻴﺮ ﺷﺎﻙ ﻓﻴﺤﺠﺐ ﻋﻦ اﻟﺠﻨﺔ ﺣﺮﻡ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎﺭ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ اﻟﻠﻪ ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ.

وتابع مرزوق: ﻭاﺣﺘﺠﻮا ﻋﻠﻰ ﻗﺘﻠﻪ ﺑﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﺈﻥ ﺗﺎﺑﻮا ﻭﺃﻗﺎﻡ اﻟﺼﻼﺓ ﻭﺁﺗﻮا اﻟﺰﻛﺎﺓ ﻓﺨﻠﻮا ﺳﺒﻴﻠﻬﻢ، ﻭﻗﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻣﺮﺕ ﺃﻥ ﺃﻗﺎﺗﻞ اﻟﻨﺎﺱ ﺣﺘﻰ ﻳﻘﻮﻟﻮا ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ اﻟﻠﻪ ﻭﻳﻘﻴﻤﻮا اﻟﺼﻼﺓ ﻭﻳﺆﺗﻮا اﻟﺰﻛﺎﺓ ﻓﺈﺫا ﻓﻌﻠﻮا ﺫﻟﻚ ﻋﺼﻤﻮا ﻣﻨﻲ ﺩﻣﺎءﻫﻢ ﻭﺃﻣﻮاﻟﻬﻢ

 التأويل الصحيح لرواية مسلم السابقة، قال رحمه الله تعالى: ﻭﺗﺄﻭﻟﻮا ﻗﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﻴﻦ اﻟﻌﺒﺪ ﻭﺑﻴﻦ اﻟﻜﻔﺮ ﺗﺮﻙ اﻟﺼﻼﺓ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻨﻰ ﺃﻧﻪ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺑﺘﺮﻙ اﻟﺼﻼﺓ ﻋﻘﻮﺑﺔ اﻟﻜﺎﻓﺮ ﻭﻫﻲ اﻟﻘﺘﻞ، ﺃﻭ ﺃﻧﻪ ﻣﺤﻤﻮﻝ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﺤﻞ، ﺃﻭ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻗﺪ ﻳﺆﻭﻝ ﺑﻪ ﺇﻟﻰ اﻟﻜﻔﺮ.

 ﺃﻭ ﺃﻥ ﻓﻌﻠﻪ ﻓﻌﻞ اﻟﻜﻔﺎﺭ ﻭاﻟﻠﻪ ﺃﻋﻠﻢ، انتهى كلام الإمام النووي رحمه الله تعالى من شرحه لصحيح الإمام مسلم بتصرف يسير.

وأكد على أن رأي اللجنة العلمية وكذلك كل من يقول إن كل تارك للصلاة كافر كما هو الحال هنا فإنه لم يأخذ برأي الجمهور.

وكذلك عرضه للمسألة بذكر رأي واحد فقط هو نوع من الخلط على الناس.