رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محيط واحد.. وكوكب واحد

بمبادرة من الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، الذى تتولى بلاده رئاسة مجلس الاتحاد الأوروبى، وبدعم من الأمم المتحدة، انطلقت الأربعاء الماضى، بمدينة بريست الفرنسية، أعمال المؤتمر الدولى «محيط واحد»، التى تضمنت أكثر من ثلاثين فعالية وورشة عمل ومنتدى، انتهت أمس الجمعة، بقمة على مستوى رؤساء الدول والحكومات، شارك فيها الرئيس عبدالفتاح السيسى.

لوكالة الأنباء الفرنسية قال أوليفييه بوافر دارفور، سفير فرنسا للقطبين والشئون البحرية، إن «الرئاسة الفرنسية لمجلس الاتحاد الأوروبى فرصة لا ينبغى تفويتها»، وأوضح: «بدلًا من تنظيم قمة أوروبية كلاسيكية، قررنا اختيار مجموعة من القادة الملتزمين» المهتمين بالعمل الدولى لمواجهة التدهور البيئى. وعليه، وتلبيةً لدعوة الرئيس الفرنسى، شارك الرئيس السيسى فى هذه القمة، مع عدد محدود من رؤساء الدول والحكومات فى ضوء العلاقات المصرية الفرنسية الوثيقة والمتنامية، وانطلاقًا من الدور المصرى الحيوى، إقليميًا ودوليًا، فى جهود ومبادرات مواجهة التغير المناخى وحماية البيئة البحرية، الذى أهّلها لاستضافة الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ، المقرر أن تنطلق أعمالها فى نوفمبر المقبل. تهدف قمة «محيط واحد» إلى رفع سقف طموح المجتمع الدولى بشأن حماية المحيطات والحياة البحرية، وترجمة المسئولية المشتركة عنها إلى أنشطة فعلية وإجراءات ملموسة، مع إطلاق عدد من المبادرات لتحسين إدارة المحيطات ومكافحة تلوثها والحفاظ على النظم الحيوية بها، إضافة إلى دعم مفهوم «الاقتصاد الأزرق المستدام» وحشد التمويل اللازم له. وبالتنسيق مع «اللجنة الحكومية الدولية لعلوم المحيطات»، التابعة لمنظمة اليونسكو، تم وضع برنامج علمى، يهدف إلى التصدى للتحديات الرئيسية التى تعوق تنفيذ تلك المبادرات.

اللجنة الدولية الحكومية لعلوم المحيطات، معروفة أيضًا باسم «لجنة اليونسكو الأوقيانوغرافية»، «IOCUNESCO»، ويتلخص دورها فى تعزيز التعاون الدولى وتنسيق البرامج فى مجال البحوث والخدمات وبناء القدرات، من أجل معرفة المزيد عن طبيعة وموارد المحيطات، وتطبيق تلك المعرفة لتحسين الإدارة، والتنمية المستدامة، وحماية البيئة البحرية. والإشارة هنا قد تكون مهمة إلى أن لهذه اللجنة هيئة فرعية تختص بإفريقيا ودول الجزر المجاورة، «IOCAFRICA»، جرى انتخاب مصر نائبًا لرئيسها فى يونيو الماضى.

بمنتهى الجدية، تتعامل مصر، منذ منتصف ٢٠١٤، مع القضايا البيئية وأزمة التغير المناخى، ولعبت دورًا بارزًا على المستويين الإقليمى والدولى فى مختلف الفعاليات الخاصة بها. وخلال رئاستها، مثلًا، للدورة الرابعة عشرة لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجى، التى استمرت ثلاث سنوات «منذ ٢٠١٨ إلى ٢٠٢٠»، عملت على إطلاق مسار تفاوضى للتوصل إلى أهداف جديدة، قابلة للتحقيق، ومدعومة بآليات واضحة للتنفيذ، لحماية الطبيعة. ووضعت خارطة طريق لتطوير إطار التنوع البيولوجى العالمى لما بعد سنة ٢٠٢٠، وأطلقت برنامج عمل «شرم الشيخ إلى كونمينج» لتحفيز المساهمات من جميع الجهات الفاعلة. كما تشارك مصر، أيضًا، فى المشاورات الجارية بشأن اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، بهدف التوصل إلى أداة قانونية جديدة تحمى التنوع البيولوجى فى المناطق البحرية خارج نطاق الولاية الوطنية.

تأسيسًا على ذلك، تناول الرئيس السيسى، خلال أعمال قمة «محيط واحد»، تأثير تغير المناخ على التوازن البيئى فى البحار والمحيطات والمناطق الساحلية، وأشار إلى أن مصر تعمل على أن تشهد الدورة المقبلة لقمة تغير المناخ فى شرم الشيخ، حوارًا بناءً لتخفيف تبعات التغير المناخى على البحار والمحيطات، و.... و.... وتأكيدًا على مساهمتنا فى الجهد الدولى لحماية البحار والمحيطات، أو استكمالًا لمساهماتنا، أعلن الرئيس عن انضمام مصر إلى إعلان «حماية المحيط: وقت العمل»، المُقرر صدوره عن القمة، وكذلك إلى مبادرتى «التحالف العالمى للمحيطات»، و«التحالف عالى الطموح من أجل الطبيعة والبشر»، متطلعًا إلى العمل فى إطارهما مع جميع الأطراف لضمان تحقيقهما النتائج المرجوة. 

.. أخيرًا، ولأن الجهود الدولية للتغلب على الآثار السلبية لتغير المناخ على البحار والمحيطات، ما زالت لا ترقى إلى المستوى المأمول، كما قال الرئيس، دعت مصر، بصفتها الرئيس القادم لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ، إلى تكثيف الجهود الدولية الرامية إلى حماية بحارنا ومحيطاتنا من تلك الآثار، والحفاظ على استدامتها وتنوع الحياة البحرية بها، لحماية الحياة على كوكبنا، لنا، وللأجيال القادمة.