رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الازدواجية بين القول والفعل

يعرف علماء النفس الازدواجية بأنها( التفكير فى أمر ما بطريقتين مختلفتين أو ردود فعل مختلفة للموقف الواحد ) . فهل نعيش هذه المرحلة من حياتنا الاجتماعية تلك الحالة التى نأتى  فيها بردود فعل مختلفة للموقف الواحد ؟ 
الصدق فى القول وتوافق الأقوال مع الأفعال تكون دائما نتاج ايمان حقيقى بعقيدة دينية أو الاقتناع بموقف اجتماعى أو سياسى يهدف إلى تبنى قيم دينية وأخلاقية وسياسية تهدف إلى الصالح العام والذى هو صالح الوطن .فى الوقت الذى تدعو فيه الأديان جميعها إلى الصدق فى القول والفعل والتمسك الحقيقى بالقيم والاخلاقيات بعيدا عن المتاجرة والاستغلال الشخصى والكسب الذاتى الذى يتم تحت شعار التدين والإيمان . ذلك لأننا نرى بعيوننا ونحن فى حالة من الاستغراب والذهول هذه الأقوال وتلك والممارسات التى نسمعها ونشاهدها فى المشهد العام التى تجسد تلك الازدواجية التى نتحدث عنها . يردد المصريون دائما وابدا بأننا نحن الشعب المتدين بفطرته وبتاريخه الذى أوجد الدين والتدين قبل غيرنا من الشعوب . نعم التاريخ يقول ذلك والحضارة تثبت هذا . ولكن هل نحن الآن وبشكل عام ونتيجة لكثير من الممارسات ولعديد من السلوكيات نثبت ونؤكد بالفعل أننا نحن الشعب المتدين ؟ وهل التدين هو الايمان الصحيح والحقيقى الذى يتمسك بالمقاعد العليا والقيم السامية للأديان ذلك الايمان الذى يظهره العمل الصالح والنافع للشخص والمجموع ؟ ام التدين الذى نراه الآن يتمسك بالشكل ويسقط المضمون ؟ وهل الايمان الصحيح بأى قيمة عليا دينية أو أخلاقية يجعل الافعال تتناقض كل التناقض مع الأقوال ؟ ففى إطار التدين نرى من يتحدث عن الدين والإيمان ويظهر فى الشكل التدينى الذى يحافظ عليه هذا الشخص بل يتمسك بهذا الشكل فى الوقت الذى تأتى فيه أعماله بعيده كل البعد بل متناقضة تمام التناقض مع هذا الشكل التدينى . نتحدث عن الأخلاقيات ونثور ثورة عارمة فى مواجهة عمل فنى ما عندما نتصور أن فيه مايخالف الأخلاق وهذا بالطبع مطلوب ولا غبار عليه . ولكن فى ذات الوقت ( وللاسف الشديد) نرى البعض يقوم بأسواء كثيرا كثيرا من تلك الأفعال التى صورها هذا العمل . فهل هى ازدواجية؟ نرى من يذهب إلى دور العبادة فى كل الأديان ويمارس كل الطقوس الدينية بحماس شديد والتزام شكلى رائع فى الوقت الذى   ياتى فيه بأفعال تسقط ذلك  التدين الشكلى وتظهر التناقض بين الأقوال وبين الأفعال  . فهل هذه ازدواجية؟ نرى من يدافع عن الدين وكأنه هو المسئول الأول والاوحد فى الدفاع عن هذا الدين . فى الوقت الذى يكون فيه هذا ستارا لرفض الاخر الدينى وغير الدينى .بل يؤجج الصراع بين أبناء الدين الواحد فى الوقت الذى تقول وتدعو فيه الأديان جميعها إلى قبول الآخر حسب إرادة الله لهذه التعددية الدينية التى يحسم أمرها الله سبحانه وتعالى . فهل هذه ازدواجية؟ نرى من ينادى بالوطنية ويدعو للانتماء لهذا الوطن ويردد الشعارات والأغاني الوطنية فى الوقت الذى يستحل فيه المال العام وينشر فيه الفساد ويسعى لتحقيق مصالحه الذاتية على حساب الوطن والمواطن . فهل هذا ازدواجبة؟واذا كانت هذه النماذج فى إطار التدين الشكلى والوطنية المفتعلة فإنه وللاسف الشديد فهناك تلك الازدواجية التى نراها فى مجمل علاقاتنا الاجتماعية التى يسود فيها وبها حالة من حالات النفاق التى تهدف إلى تحقيق المصالح على حساب القيم والحقيقة . فى الوقت الذى نرى فيه الفرق بين النفاق وبين المجاملة التى لا توجد غير الموجود ولاتدعى غير المقدور. فهل هذه ازدواجية ؟ واخيرا لاشك أن الإيمان الصحيح للأديان والوطنية الصادقة حبا لهذا الوطن تحتم عدم الازدواجية هذه . بل تدعو إلى الصدق فى القول وتوافق الأقوال مع الأفعال . ( الايمان هو ما وقر فى القلب وصدقه العمل ) ( ليكن كلامكم نعم نعم .لا لا. وما زاد على ذلك فهو من الشرير ) . حفظ الله الوطن من مدعى التدين الشكلى الذى يسئ إلى  الدين ومن المتكسبين من تلك الوطنية وحفظ شعبها العظيم الذى يعى ويدرك جلال الدين وعظمة الوطن .