رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ضرب الزوجة.. الرأي والرأي الآخر


شياخه الازهر وظيفه مرموقه يصل اليها عالم جليل افني عمره متبحرا في الكثير من علوم وتعاليم دينه .. وهي وظيفه غير قابله للاقاله او الاطاحه ولا حتي من رئيس الجمهوريه وفقا للدستور .
لكنها ( كما ذكرت ) مجرد وظيفه يحتلها شخص مجتهد ومثابر .. معرض للصواب وللخطأ .. فهو ليس نبيا معصوما ورأيه ليس قرآنا او دينا .. واجتهاده يمكن نقده وتفنيده دون المساس بمكانته ولا بهيبه الهيئه التي يمثلها ويترأسها .
الاهم من ذلك ان من ينقده لابد ان يكون علي نفس مستوي علمه وثقافته وليس كل من هب ودب او صاحب هوي .
تبدأ القصه  عندما تقدمت النائبه البرلمانيه امل سلامه عضو لجنه حقوق الانسان بمجلس النواب بمشروع قانون تغليظ عقوبة ضرب الزوجات .. 
انبري فضيله الدكتور احمد الطيب معارضا لمشروع القانون ولفت نظري بعض النقاط التي ذكرها تبريرا لرأيه ومنها :
-اؤيد ضرب الزوج لزوجته بضوابط وشروط.
- الهدف من الضرب هو جرح كبرياء المرأة التي تتعالى على زوجها (الزوجة الناشز ) وهي التي لا تُطيع زوجها فيما يجب عليها طاعته فيه شرعًا؛ كالخروج من المنزل بغير إذنه ولغير حاجة، والامتناع عنه قصدًا بغير عذرٍ. 
- ضرب الزوج لزوجته له نظام وحدود، فمن شروطه ألا يكسر لها عظمًا، وألا يؤذيها، فإذا تجاوز مسألة الأذى فهذا حرام ويعاقب عليه، كما لا يجوز له أن يضرب باليد، ولا يضرب على الوجه ولا يخدش شيئًا ولا يترك أثراً نفسياً على الزوجة، ومن هنا نرى أن المراد بالضرب هو الضرب الرمزي.
انتهت تبريرات فضيلته وقامت الدنيا ولم تقعد حينما رد علي فضيلته السيد اسلام البحيري وهو ليس باحثا ولا عالما ولا يجوز له النقد ولا يجوز لنا الاهتمام ب آراؤه لأنه ليس الشيخ محمد عبده ولا طه حسين ولا العقاد ولا المازني ولايرقي لمستوي فضيله الامام كي ينقده  ..لكنني ساذكرها علي سبيل استكمال القصه .
قال البحيري :
"مع كامل الاحترام والتقدير والتقديس لشيخ الأزهر؛ كلامه خطأ وضد الدستور؛ ولا يوجد ما يسمى الضرب بشروط، فكرة فتح باب الضرب لأن الزوجة ردت على زوجها أو لم تطعه يخلق دولة في الغابة وضد الدستور والدستور أقوى من أي مؤسسة في مصر" وما يقال عن الضرب البسيط أو الرمزي ليس له أي علاقة بالشريعة؛ ومعني النشوز في القرآن الواضح الصريح هو ميل الزوجة لغير زوجها". 
لم يعجبني الحوار من الطرفين ولكن ابهرني تفسير المجمع الدولي للقرآن لكلمة "إضربوهن" فى القرآن الكريم حيث قال : 
لا يمكن أن يُتصوَّر أن يأمر الله بالضرب لشريكة الحياة بمعنى”الجلد”.. وأحد المفسرين يتعقب كلمة (ضرب) في القرآن ليأتي بمعنى جديد فيقول:كنتُ على يقين أن ضرب النساء المذكور في القرآن لا يمكن أن يعني ضرب بالمعنى والمفهوم العامّي ،لأنّ ديناً بهذه الرِّفعة والرُّقي والعظمة (الدين الإسلامي) والذي لا يسمح بإيذاء قطة، لا يمكن أن يسمح بضرب وإيذاء وإهانة الأم والأخت والزوجة والإبنة.
ويتابع المفسِّر كلامه حول المعنى الرائع لكلمة (فاضربوهن) في القرآن ويفسّرها ولكن ليس كما يفسرها الآخرون .

ماذا تقول الآية؟
“َاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً”النساء٣٤.
من خلال المعرفة البسيطة باللغة العربية وتطوّرها وتفسيرها ، فإن العقوبة للمرأة الناشز أي المخالفة ، نراه في هذه الآية عقوبة تواترية تصاعدية ، بالبداية تكون بالوعظ والكلام الحسن والنصح والإرشاد ، فإن لم يستجبن فيكون الهجر في المضاجع أي في أسرّة النوم ، وهي طريقة العلاج الثانية ولها دلالتها النفسية والتربوية على المرأة ، والهجر هنا في داخل الغرفة.
أما (واضربوهن) فهي ليست بالمدلول الفعلي للضرب باليد أو العصا ، لأن الضرب هنا هو المباعدة أو الإبتعاد خارج بيت الزوجية.
ولما كانت معاني ألفاظ القرآن تُستخلص من القرآن نفسه ، فقد تتبعنا معاني كلمة (ضرب) في المصحف وفي صحيح لغة العرب ، فوجدنا أنها تعني في غالبها المفارقة والمباعدة والإنفصال والتجاهل ، خلافاً للمعنى المتداول الآن لكلمة “ضرب”.
فمثلا الضرب بإستعمال عصا يستخدم له لفظ (جلد) ، والضرب على الوجه يستخدم له لفظ (لطم) ، والضرب على القفا (صفع) والضرب بقبضة اليد (وكز) ، والضرب بالقدم (ركل).
وفي المعاجم وكتب اللغة والنحو لو تابعنا كلمة ضرب لوجدنا مثلاً في قول:
(ضرب الدهر بين القوم) أي فرّق وباعد بينهم.
و(ضرب عليه الحصار) أي عزله عن محيطه.
و(ضرب عنقه) أي فصلها عن جسده.
فالضرب إذن يفيد المباعدة والإنفصال والتجاهل.
وهنالك آيات كثيرة في القرآن تتابع نفس المعنى للضرب أي المباعدة:
“وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لَّا تَخَافُ دَرَكاً وَلَا تَخْشَى” طه ٧٧
أي أفرق لهم بين الماء طريقاً.
“فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ” الشعراء ٦٣
أي باعد بين جانبي الماء.
“لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الأَرْضِ” البقرة٢٧٣
أي مباعدة وسفر وهجرة إلى أرض الله الواسعة.
“وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ” المزمل٢٠
أي يسافرون ويبتعدون عن ديارهم طلباً للرزق.
“فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ” الحديد ١٣
أي فصل بينهم بسور.
ويُقال في الأمثال (ضرب به عُرض الحائط) أي أهمله وأعرض عنه.
وذلك المعنى الأخير هو المقصود في الآية.
أما الآية التي تحض على ضرب الزوجة “فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ” ، فهي تحض على الوعظ ثم الهجر في المضجع ، وإن لم يُجْدِ ذلك ولم ينفع ، فهنا (الضرب) بمعنى المباعدة والهجران والتجاهل ، وهو أمر يأخذ به العقلاء من المسلمين ، وأعتقد أنه سلاح للزوج والزوجة معاً في تقويم النفس والأسرة والتخلص من بعض العادات الضارة التي تهدد كيان الأسرة التي هي الأساس المتين لبناء المجتمع الإسلامي والإنساني ..

ولدينا كلمات نمارسها ايضا ”كأضرب عن الطعام" اي امتنع عنه وتركه ، والاضرابات في الجامعات او المعامل مثلا، فكل معناها هي ترك العمل او الدراسة او اهمالهما والله أعلم.