رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دورة ألعاب أوليمبية.. وسياسية

رياضيًا، لن تشارك مصر، على حد علمنا، فى دورة الألعاب الأوليمبية الشتوية الرابعة والعشرين، التى تستضيفها الصين، بدءًا من اليوم الجمعة حتى يوم ٢٠ من الشهر الجارى. أما سياسيًا، فتوجّه الرئيس عبدالفتاح السيسى، صباح أمس، إلى بكين، لحضور حفل افتتاح هذا الحدث الرياضى الدولى الضخم، تلبيةً لدعوة الرئيس الصينى، شى جين بينج، فى ضوء العلاقات الوثيقة والاستراتيجية، التى تربط بين البلدين الصديقين.

تقام دورة الألعاب الأوليمبية الشتوية كل ٤ سنوات، وهى مخصصة لرياضات الطقس البارد، التى تجرى ممارستها على الجليد. ومنذ أقيمت للمرة الأولى فى فرنسا، سنة ١٩٢٤، استضافتها ١٢ دولة تقع فى ثلاث قارات: الولايات المتحدة أربع مرات، فرنسا ثلاث مرات، ولمرتين استضافتها النمسا وكندا واليابان وإيطاليا والنرويج وسويسرا، بينما أقيمت مرة واحدة فى روسيا وألمانيا ويوغوسلافيا وكوريا الجنوبية. 

خلال كل هذه الدورات، لم نشارك إلا مرة واحدة، وبلاعب وحيد، سنة ١٩٨٤، فى دورة سراييفو، التى حقق خلالها جمال الريدى المركز الـ٤٦ فى الانزلاق المتعرج، والمركز قبل الأخير فى الانزلاق المنحدر. وتبريرًا لذلك، قيل إن الألعاب المدرجة فى جدول الألعاب الأوليمبية الشتوية ليست متاحة فى مصر، مع أن ثلاثة فرق مصرية شاركت فى بطولة دولية ودية للعبة «هوكى الجليد»، أقيمت أواخر أكتوبر الماضى، على مساحة مخصصة للتزلج فى «جنينة مول»، بمدينة نصر، تحت رعاية وزارة الشباب والرياضة، وبالشراكة مع اللجنة الأوليمبية المصرية والهيئة العامة لتنشيط السياحة ورابطة الصداقة المصرية الكندية.

من المفارقات، أيضًا، أن فريق كورال جامعة عين شمس يشارك فى حفل افتتاح «بكين ٢٠٢٢»، بأغنية مشتركة مع فريق من طلاب أكاديمية ناتجين الصينية للفنون. ما يعنى أن مصر تشارك، فى هذه الدورة، على المستويين السياسى والفنى فقط، بعكس الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وأستراليا، التى اقتصرت مشاركتها على الجانب الرياضى، وقاطعتها سياسيًا، بزعم رفضها أداء بكين فى سجل حقوق الإنسان. 

المهم، هو أن مسار تتابع الشعلة الأوليمبية انطلق أمس الأول، الأربعاء، ومن المقرر أن يصل اليوم إلى استاد بكين الوطنى المعروف باسم «عش الطائر»، حيث يقام حفل الافتتاح. والإشارة، هنا، قد تكون مهمة إلى أن الأمم المتحدة تستبق دورات الألعاب الأوليمبية بتبى قرار «الهدنة الأوليمبية»، وهو تقليد يونانى، يعود إلى القرن الثامن قبل الميلاد، ويوجب على الدول وقف كل أشكال النزاعات قبل سبعة أيام من افتتاح الألعاب إلى اليوم السابع من اختتامها، لتمكين الرياضيين وأقاربهم من السفر إلى مناطق الألعاب ثم العودة إلى بلدانهم.

استمرارًا لهذا النهج، تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار «الهدنة الأوليمبية» الخاص بدورة بكين، فى ديسمبر الماضى، برعاية ١٧٣ دولة، كانت مصر من بينها. ومنذ أسبوع، وجّه السفير أسامة عبدالخالق، مندوبنا الدائم لدى المنظمة الدولية، رسالة دعم للصين، وأعرب عن ثقتنا، نحن المصريين، فى التنظيم الناجح على غرار أوليمبياد «بكين ٢٠٠٨». والشىء نفسه، فعلته اللجنة الأوليمبية المصرية، التى أصدرت بيانًا، منتصف ديسمبر الماضى، قالت فيه إنها «تدعم الصين بقوة فى استضافة دورة الألعاب الأوليمبية الشتوية والألعاب البارالمبية». وتمنت «النجاح الباهر» لهذه الدورة. 

فى المقابل، ذكرت جريدة «تشاينا ديلى»، التى تصدر باللغة الإنجليزية عن الحزب الشيوعى الصينى الحاكم، فى ٢٩ يناير الماضى، أن الولايات المتحدة لديها خطة «لتحريض الرياضيين من مختلف الدول للتعبير عن استيائهم تجاه الصين واللعب بشكل سلبى، بل وحتى رفض المشاركة». وبسؤاله عمّا إذا كانت الخارجية الصينية تعتقد أن هذه المزاعم صحيحة، قال متحدث باسم الوزارة لوكالة «رويترز»، إن ما نشرته الجريدة «كشف عن نية بعض الأمريكيين الحقيقية لتسييس الرياضة وتخريب دورة الألعاب الأوليمبية الشتوية»، وندّد بشدة بمحاولات «شراء» الرياضيين و«إثارة المشكلات»، مؤكدًا أن هذه المحاولات «محكوم عليها بالفشل».

.. وتبقى الإشارة إلى أن برنامج زيارة الرئيس السيسى إلى الصين يتضمن عقد مباحثات قمة مع الرئيس الصينى، لبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية، التى تشهد طفرة نوعية على جميع المستويات، إضافة إلى مواصلة المشاورات والتنسيق المتبادل حول عدد من الملفات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.