رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خبير التنمية البشرية طارق إلياس: البيئة المحيطة تحدد 70% من السلوك وردود أفعال الإنسان

إلياس
إلياس

«الآخرون هم الجحيم»، مقولة شهيرة للفيلسوف الفرنسى جان بول سارتر، يعبر فيها عن مدى تأثير الأشخاص من حولنا فى حياتنا، فإما أن تتحول حياتنا إلى جنة أو جحيم من خلال سلوكيات المحيطين بنا، لذا يعد فهم السلوك الإنسانى ومحدداته واحدًا من أكبر التحديات التى يسعى العلماء والمفكرون لثبر أغوارها عبر محاولات ونظريات متنوعة ومتكررة، أحدثها محاولة للدكتور طارق إلياس، خبير التنمية البشرية، فى كتابه «السلوك الإنسانى.. إلى أين؟».

يشارك «إلياس» بمؤلفه فى معرض القاهرة الدولى للكتاب ٢٠٢٢، ومن خلال خمسة فصول يناقش الكاتب العلاقة الوطيدة بين الأخلاق والسلوك، ويقدم نصائح لتعايش آمن سليم بين أفراد المجتمع.

وقال، لـ«الدستور»، إنه يتناول فى فصوله الأولى كل أنواع السلوك، ويشرح كيف نتجاوز المشكلات.

وأضاف: «مؤخرًا أثيرت العديد من قضايا الابتزاز الإلكترونى، لذلك كان يجب التعريف بالمحددات البيولوجية للإنسان، التى تتمثل فى رأيه عن نفسه ودوافعه لدى الآخرين، وما يشكل عصب قراراته، وبالتالى تتحدد ردود أفعاله، فبجانب الوراثة وهى ٣٠٪، تتكون ٧٠٪ من شخصية الفرد، مما يلتقطه من البيئة المحيطة».

وسلط «إلياس» الضوء على تصرفات الإنسان التى تنقسم إلى الخير والشر، وكيف يكون المسئول الأول عنها نتيجة المحددات السابقة المكتسبة من البيئة، «لذلك وجب عليه التغيير للأفضل إن استدعى الأمر ذلك، حتى لا يضطر لارتكاب بعض الأفعال المشينة التى يمكن أن تؤثر على الجماعة، فعلى سبيل المثال من الممكن أن يخوض الشخص تجربة حب ويفشل، فينتقم من كل الفتيات بعد ذلك، ويمكننا أيضًا أن نقول إنه لو كانت تلك العلاقة استمرت لكتبت نهاية الشخص الآخر».

وأوضح أهمية العامل النفسى وتأثيره على سلوك الشخص، حيث يتشكل من خلال مجموعة من المحددات الثقافية والحضارية، «فعلى سبيل المثال إذا كنت معلمًا فى المدرسة وتقوم بالتدريس لمجموعة من الطلاب يجب أن يكون ذلك المعلم مهيئًا لاستقبال المعلومة، حتى يفتح شهية طلابه».

حينما تندمج كل العوامل السابقة من المحددات البيولوجية للإنسان إلى المحددات الثقافية، «يمكننا حينها ألا نخاف من استخدام الإنترنت، وسنكون أشخاصًا أسوياء، لن تكون هناك قضايا ابتزاز إلكترونى، لن يساء استخدام اللغة، لن تُستخدم الألفاظ النابية، ولن يتم التصرف بسلوك غير لائق، فعلى سبيل المثال التحرش هو سلوك فردى لشخص يشعر بالتهميش، وتلك هى وسيلته للحضور على حساب الآخرين».

وانتقل «إلياس» فى نهاية الفصل الخامس إلى تمرين بسيط كوسيلة للتطبيق الفعلى على كل المحددات السابقة، التى يوضح فيه الفروقات البشرية، وأسلوب كل شخص فى التفكير، وفى اللفظ، وفى النطق، وفى التصرف، ورد الفعل، وفى سبيل ذلك وضع مجموعة من الجمل الناقصة، وكل شخص له الحق فى إكمالها حسب ثقافته، كان هدفه هو ألا يكون الكتاب مجرد استرسال، وإنما نريد نتائج لتطبيقها.

وركز فى الفصل السادس، على السلوك المهنى، «فعلى سبيل المثال إذا قررت العمل يجب أن تكون حريصًا على مهنتك، أن تجيدها وتعمل على نفسك، أن تكون علاقتك مع زملائك قائمة على الإنصات، والذى يعبر عنها بالمصطلح «افهم.. لكى تفهم».

وتطرق «إلياس» إلى الحديث عن الفارق بين الرجال والنساء فى السلوك، فالرجل «يدخل إلى ما يسمى الكهف الشخصى، فهو عندما يقع فى مشكلة ما لا يناقش التفاصيل، من الممكن أن تجد ملامح وجهه متغيرة، فيصبح عصبيًا، فعلى سبيل المثال من الممكن أن يُفصل من العمل، ويبحث عن وظيفة أخرى ولا يُخبر أحدًا، ربما يقوم بذلك من أجل إثبات نظرية الهيمنة والسيطرة «أنا رجل سوف أتصرف».

أما النساء «فيلجأن للإعلان عن مشكلاتهن طوال الوقت، ويعرضنها على أزواجهن وينتظرن اقتراح الحلول، ومن الممكن أيضًا أن يلجأن حينها للعائلة والصديقات ومواقع التواصل الاجتماعى»، مفسرًا ذلك بأن «٧٠٪ من تكوين المرأة وسلوكها هو الإفصاح عما يزعجها للعلن، الذى به تستطيع تخفيف الضغط عنها حتى لو لم تحل المشكلة».

وأضاف «إلياس»: «تعد أبرز أسباب الانفصال الزوجى، هو أن السلوك يختلف من الشخص إلى الحالة ومن الحالة إلى الشخص، ويعنى هذا أن من تزوج الحالة سيصدم بالواقع، فعلى سبيل المثال الزواج من شخص مرح، مهتم بالهدايا والرحلات، يهدد مستقبل العلاقة الزوجية، لأن سلوك الشخص هو حالة، وليس السلوك الأساسى للشخص».