رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الساحرة المميتة».. تذكرة إلى الآخرة دفعها مشجعو كرة القدم

المشجع المغربي المتوفى
المشجع المغربي المتوفى

 

 

بينما تتعالى صرخات المنتخب المصري الوطني فرحًا بعد فوزه على المنتخب المغربي، إلا أن أحدهما من مشجعي الفريق المغربي يجلس هناك مصارعًا الموت حتى ينتصر الأخير عليه، نتيجة التعرض لأزمة قلبية مفاجئة بعد مشاهدته للمباراة ولنتيجتها التي انتهت بخسارة فريقه.
 


وبهذه الحالة وغيرها من الحالات أصبحت في بعض الأحيان رياضة كرة القدم  تلك "الساحرة المستديرة" التي قد ابتكرت بهدف أول وأساسي وهو الترفيه والتسلية، أداة قاتلة لبعض عشاقها من المشجعين الذين اندمجوا كثيرًا مع أداء فرقهم أثناء المباريات وتأثروا بنتائجها، فأصيبوا بنوبات قلبية مفاجئة أدت إلى وفاتهم على الفور.


الطب النفسي: جمود في التفكير وعدم تقبل الخسارة
‏   
وحول تسبب هذه الساحرة في قتل بعض مشجيعها يقول الدكتور جمال فرويز استشاري الأمراض النفسية والعصبية في حديثه لـ"الدستور"، إن هذا يرجع في كثير من الأحيان إلى الجمود الفكري لدى البعض، والذي يتسبب في تمسك الشخص برأيه عن فريقه معتبرًا إياه أنه هو الفريق الذي على حق وأن الخصم على خطأ حتى ولو الحقيقة أن أداء فريقه قد جانبه الصواب في بعض الأوقات، أو كان سيئًا بالفعل، ويستحق الخسارة. 

 

الدكتور جمال فرويز استشاري الأمراض النفسية والعصبية

 

وتابع أن ذلك الأمر يتسبب في ارتفاع نسبة "الإدرينالين" لديه وهي مادة قابضة للأوعية الدموية،  فتؤدي إلى انقباض شديد لتلك الأوعية مما ينتج عنه الوفاة، مؤكدًا أنه لابد أن يكون ذلك الشخص يعاني بالأساس من مرض مزمن مثل القلب أو الضغط أو السكر.


ونصح فرويز مشجعى كرة القدم بضرورة الابتعاد عن هذا الجمود الفكري، والذي ينتهي بصاحبه إلى الهلاك.


أما بالنسبة للأشخاص الغاوون مشاهدة مباريات كرة القدم ولكنهم في الوقت نفسه يعانون أمراض مزمنة، فنصحهم فرويز بتناول بعض المهدئات وخاصة الطبيعية منها مثل الكركدية واليانسون قبل مشاهدة المباريات.

وأوضح أنه في حال لم يستطيعوا السيطرة على توترهم وانفعالهم أثناء المشاهدة،  فعليهم تجنب مشاهدة المباراة تمامًا واستبدالها بمحتوى ترفيهي خفيف.


استشاري القلب: تُظهر عيبًا في القلب فجأة بسبب الانفعال الزائد  

اتفق معه الدكتور أحمد الدماطي أستاذ مساعد أمراض القلب كلية طب جامعة القاهرة استشاري كهروفيسيولوجيا القلب الذي أكد أن مشاهدة مباريات كرة القدم قد تظهر عيبًا خلقيًا في قلب الانسان، وقد تزيد من الكهرباء الخاصة به، وكل هذا نتيجة التعرض للانفعال الزائد، وبالتالي تؤدي إلى الوفاة.


 

الدكتور احمد الدماطي أستاذ مساعد أمراض القلب واستشاري كهروفيسيولوجيا القلب 

وتابع أن تلك الانفعالات تؤدي إلى ترسبات بالشريان التاجي، الأمر الذي يُسبب بالنهاية الوفاة، مشيرا إلى أنه في الوقت نفسه قد يصاب الشخص المُعاف بمتلازمة تعرف بمتلازمة "القلب المكسور"، وذلك حين تعرضه إلى انفعال شديد أو حزنًا وتأثر كبيرين مما يتسببان في إصابة القلب بشلل في جزء منه، ينتج عنه الوفاه.


الضحايا كُثر

كان قد توفى أيضًا أحد مشجعي نادي الزمالك، مقيم بأسيوط بعد خسارة فريقه أمام النادي الأهلي بخماسية مقابل ثلاثة أهداف، في اللقاء جمع بينهم العام الماضي علي ملعب ستاد القاهرة ضمن منافسات الجولة الثالثة من بطولة الدوري الممتاز.


وكانت 2012 شاهدة على وفاة أحد كبار مشجعي الزمالك، الذي انتهت حياته على يد مباراة الزمالك وإنبي، وحسمت المباراة لصالح إنبي، فأصيب "أوزو" بأزمة صحية شديدة ومن بعدها رحل عن الدنيا، أوزو ليس الوحيد الذي قتله تشجيع الزمالك ولكن هناك الكثيرين ممن شجعوا الزمالك فاجأتهم الجلطات والأزمات القلبية والصحية.

 

كما كان ذهاب الدوري للزمالك كذلك عام 2003 وهزيمة الأهلي في مباراة إنبي، سببين كافيين لوفاة مشجع بأزمة قلبية.


دراسات تؤكد ارتفاع نسبة الوفيات مع المباريات الهامة 

في دراسة جديدة أجريت مؤخرًا عن مخاطر مشاهدة مباريات كرة القدم من قبل باحثون في جامعة يوهانس جوتنبرج، أوضحت أن مشاهدة مباريات كرة القدم يمكن أن تسبب في الإصابة بالنوبات القلبية، بسبب التعصب الزائد عند مشاهدة المباريات، حيث أنهم وجدوا بأن حالات النوبات القلبية ارتفعت بأكثر من خمسة في المائة خلال البطولة، وفقا لما نشر في صحيفة “ديلي مل” البريطانية.


وقارن الفريق حالات الدخول والوفيات داخل المستشفى من النوبات القلبية على مدى أربع فترات زمنية: خلال كأس العالم من 12 يونيو إلى 13 يوليو 2014 وخلال ثلاث فترات دون أحداث كرة القدم الكبيرة، من 12 يونيو إلى 13 يوليو 2013 ، من من 12 يونيو إلى 13 يوليو 2015 وبين 14 يوليو و 14 أغسطس 2014.

 

 

وعلى الرغم من عدم وجود فروق في العدد الإجمالي للمرضى الذين يعانون من النوبات القلبية في المستشفى خلال شهري يونيو ويوليو للأعوام من 2011 إلى 2015 ، إلا أن عدد حالات العلاج في المستشفيات كان الأعلى في عام 2014.

 

كما وجد الباحثون أن أعلى معدل وفيات داخل المستشفى لوحظ في يوم المباراة النهائية، عندما فازت ألمانيا على الأرجنتين 1-0 في الوقت الإضافي، كما ارتفعت معدلات الوفيات من النوبات القلبية من ثمانية إلى 12 في المائة في هذا اليوم.


وقال المؤلف الرئيسي الدكتور كارستن كيلر طبيب القلب في جامعة يوهانس جوتنبرج، أنه ارتبطت مشاهدة مباريات كرة القدم بعدد أكبر من حالات دخول المستشفيات بسبب النوبات القلبية؛ حيث بلغت زيادة بنسبة 5.4 في المائة بسبب الانفعالات الشديدة للمشجعين، مما تسبب في ارتفاع هرمونات تخثر الدم.


ونصح كيلر، المهتمين بمشاهدة مباريات كرة القدم الذين يعانون من مرض الشريان التاجي المعروف بألا يصابوا بالإحباط لأنهم سيكونون معرضين للخطر بشكل خاص.