رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

علي جمعة: روح الشريعة الأدب مع الله والنفس والناس

د. على جمعة
د. على جمعة

قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية وشيخ الطريقة الصديقية الشاذلية، إن روح الشريعة الأدب مع الله ومع النفس ومع الناس، وافتقد المسلمون كثيرًا من الأدب، وصارت عندهم العبادة عادة، وتخلوا عن القيم والأخلاق التي قال عنها رسول الله ﷺ: (إِنَّـمَا بُعِثْتُ لأُتَـمِّـمَ مَكَارِمَ الأَخْلاَقِ) (رواه البيهقي في الكبرى)، وهو الذي وصفه ربه فقـال: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ).
وتابع "جمعة" عبر صفحته الرسمية قائلا : تركنا رسول الله ﷺ وبين لنا أصول الأدب في أحاديث أربعة: أولها: (مِنْ حُسْنِ إِسْلاَمِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لاَ يَعْنِيهِ) (موطأ مالك)، وثانيها: (لا تغضَبْ ولَكَ الجَنَّة) (أخرجه الطبراني في معجمه)، وثالثها: (لا يُؤْمِنُ أَحدُكُمْ حتى يُحِبَّ لأًّخِيه ما يُحِبُّ لِنَفْسِهِ) (البخاري)، ورابعها: (مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخِر فليَقلْ خيرًا أو ليَصمُت) (البخاري)  يقول أبو زيد القيرواني رضي الله تعالى عنه وهو من أئمة المالكية: هذه الأربع هي أصول الأدب.

وأوضح : هذه الأربعة هي أسس الخير والأدب، إذا تخلق بها المسلم كان مسلمًا حقًّا، نرى فيها رسول الله ﷺ قد ربط الأدب بالعقيدة وقد فعَّل العقيدة في حياتنا وفي واقعنا وسلوكنا اليومي، وفعَّل العقيدة في نفوسنا وداخلنا حتى نسيطر على أنفسنا لله رب العالمين.


وأضاف : انظر إلى نفسك وقد استغنيتَ عن اللغو وفضول الكلام، وقد استغنيت عن تضييع الأوقات، وقد استغنيت عن كل فعل باطل. ربط رسول الله ﷺ هذا بحسن الإسلام - على الرغم من أنه من حسن الحياة والمعيشة - فلم يقل من حسن حياة أحدكم أو معاش أحدكم بل جعله من أصل الدين لأن هذا المؤَدَّب سيكون قد توكل على الله وهذا المؤَدَّب سيكون في قلبه رضا لله وعن الله (رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ).
وهذا أدبٌ عالٍ، لا نراه في حياتنا حيث يتصدر كل إنسان في غير موضعه وعمله، فيهرف بما لا يعرف، ويتكلم بما لا يتقن، وكل ذلك محسوب عليه لا له، قال رسول الله ﷺ: (كَلامُ ابْنِ آدَمَ عَلَيْهِ لا لَهُ إِلا أَمْرٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ نَهْيٌ عَنْ مُنْكَرٍ أَوْ ذِكْرُ الله) (الترمذي).
وأشار : إذا أنت فعلت هذا فإن الناس لا يتركونك، ولكن يستفزونك ليخرجوك عن ذلك الخُلق، فيأتي الحديث الثاني، ويربط عدم الغضب بالجنة، والغضب حجاب وحائل على ذهن الإنسان يمنعه من التفكر الصحيح ومن التدبر، ومن اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب، والغضب يجعل الإنسان يتهور في حياته، والغضب يجعل الإنسان غير راض عن الله، وربنا سبحانه وتعالى يستحق منا الرضا، فهو الذي خلق وهو الذي أمر وهو الذي من أسمائه الصبور، والله سبحانه وتعالى يعلمنا على لسان نبينا بل والأنبياء من قبله: (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ المُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ)، هذا الهدوء النفسي يجعلك أكثر قدرة على اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب والتصرف السليم الصحيح في الوقت المَليح.