رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حديد مدرّع.. وتوكتوك بديل

أهمية إنتاج الحديد المدرع فى مصر لا تقل، فى رأينا، عن تصنيع بديل آمن لذلك الصرصار، الذى بات يملأ شوارعنا الضيقة والواسعة والطرق السريعة: مركبة خفيفة، أو سيارة صغيرة، ذات أربع عجلات، بمحرك ثنائى، بنزين وغاز طبيعى، ومناسبة للسير فى الأماكن الضيقة والطرق غير القياسية. والأهم هو أنها حاصلة على شهادة «E-Mark» الأوروبية، واعتمدتها الهيئة المصرية العامة للمواصفات والجودة.

التوكتوك البديل ظهر فعلًا، وتفقد نموذجًا له، أو نسخة منه، المهندس محمد أحمد مرسى، وزير الدولة للإنتاج الحربى، ونيفين جامع، وزيرة التجارة والصناعة، الأربعاء الماضى: عينة لمشروع من المقترح تنفيذه بين الهيئة القومية للإنتاج الحربى وشركة «جى بى اتو غبور»، فى ضوء توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى بتعميق توطين مختلف الصناعات، وبضرورة التكامل بين القطاعين العام والخاص، دعمًا لخطط واستراتيجيات التنمية المستدامة بالدولة، عبر الاعتماد على قدرات التصنيع والموارد المحلية المتاحة، إضافة إلى التوسع فى استخدام الغاز الطبيعى كوقود للسيارات، لتحقيق الاستفادة المثلى من ثروات مصر من الغاز، وللحفاظ على البيئة وتقليل تلوث الهواء بالانبعاثات الضارة، التى لها تأثير سلبى على المواطنين والاقتصاد.

المكون المصرى فى التوكتوك البديل يقترب من الـ٨٠٪، وما يميزه عن سيارات «مينى ڤان»، بالإضافة إلى فارق السعر الكبير، هو أن تكلفة تشغيله أقل بكثير، وأنه يمكنه أن يقطع مسافة تصل إلى ٥٥٠ كم دون إعادة ملء «٢٥٠ كم بالبنزين و٣٠٠ كم بالغاز الطبيعى». ومن البيان، الذى أصدرته وزارة الدولة للإنتاج الحربى، عرفنا أنه يجرى العمل على إنتاج مركبات تعمل بمحرك كهربائى، فى منتصف العام المقبل، تكون أكثر محافظةً على البيئة والموارد الطبيعية، لضمان استدامتها حفاظًا على حقوق الأجيال القادمة.

تعميقًا للتصنيع المحلى، أيضًا، وتنفيذًا لتوجيهات الرئيس بضرورة التكامل بين القطاعين العام والخاص لتنفيذ مختلف المشروعات القومية، تمكنت وزارة الدولة للإنتاج الحربى أيضًا من تصنيع ألواح الصلب المدرع، لأول مرة فى مصر، وهو منتج شديد الأهمية، ليس فقط لكونه نقلة فى امتلاك تكنولوجيا متطورة تدعم الصناعة العسكرية ولكن أيضًا لأنه كان يتم منع توريده فى بعض الأوقات، كما حدث حين تم وقف توريد موتور المدرعة فهد، سنة ٢٠١١، ما تسبب فى نقص المنتج، وفى مشكلة كبيرة للمصانع الحربية إجمالًا.

تصنيع الصلب المدرع، يتم بالشراكة بين مصنع ١٠٠ الحربى وحديد عز، إحدى الشركات الرائدة فى استخدام أحدث التكنولوجيات المتاحة فى صناعة الصلب. وبالفعل، بدأ استخدام الإنتاج المصرى فى تصنيع المدرعة «سيناء ٢٠٠» والمدرعة «st500». وعلى خلاف ما قد تعتقد، فإن الحديد المدرع لا يُستخدم فقط فى الأغراض العسكرية فقط، بل يجرى استخدامه بشكل متزايد فى مجموعة كبيرة من الأغراض المدنية مثل صناعة السيارات، أكشاك الأمن، خزائن البنوك، الغرف الآمنة للسفارات، الأبواب، الجدران الأمنية، أكشاك الحراسة، الدروع الواقية للجسم، و... و... والمحركات النفاثة، والغواصات.

خروج هذا المشروع للنور، كما قال وزير الدولة للإنتاج الحربى، كان تحديًا حقيقيًا، وجاء بعد كثير من الجهد المضنى من مختلف الجهات المعنية. كما أوضح الوزير أن صناعة الصلب المدرع تتعلق بالأمن القومى للبلاد، مؤكدًا أن حرص الدولة المصرية على إنتاجه يأتى فى ضوء الحرص على امتلاك القدرة، لأن من يمتلك مفاتيح القدرة والقوة هو القادر على صنع السلام. كما أكد مرسى أن الوزارة تطمح إلى تصدير فائض الإنتاج للخارج وفتح أسواق جديدة إقليمية ودولية بما يسهم فى تحقيق قيمة مضافة للاقتصاد المصرى.

.. ولا يبقى غير الإشارة إلى أن وزارة الإنتاج الحربى، التى احتفلت فى أول نوفمبر الماضى، بعيدها السابع والستين، لديها أحدث إمكانيات وتكنولوجيات التصنيع العسكرى والمدنى. ومع كونها المصدر الرئيسى لتسليح قواتنا المسلحة، فإنها تستفيد من فائض طاقتها الإنتاجية فى تصنيع منتجات مدنية مطابقة لأحدث معايير الجودة الدولية. وما من شك فى أن مشاركتها القطاع الخاص فى إنتاج الحديد المدرع والتوكتوك البديل وغيرهما من المشروعات، لا يسهم فقط فى تعميق التصنيع المحلى وتقليل الاستيراد وتوفير العملة الأجنبية، بل يقود إجمالًا، أو باختصار، إلى تعزيز الاقتصاد الوطنى وتحقيق التنمية المستدامة والحفاظ على الأمن القومى.