رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«المونتيور» تحتفى باكتشاف بقايا مبنى لقائد حملات التعدين بسيناء

حملات التعدين بسيناء
حملات التعدين بسيناء

أشاد موقع “المونيتور” الأمريكي باكتشاف البعثة الأثرية المصرية لبقايا مبنى كان يعتقد أنه مقر لقائد بعثات التعدين في مصر وتحديدا في سيناء.

وأعلنت وزارة السياحة والآثار في 10 يناير الجاري، عن اكتشاف بقايا مبنى يعتقد أنه كان يستخدم كمقر لقائد حملات التعدين المصرية في شبه جزيرة سيناء خلال عصر المملكة الوسطى، والتي يعود تاريخه إلى 2055-1650 قبل الميلاد ، ويشمل عصر الأسرتين 11 و12.

وقال الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، مصطفى وزيري، في بيان صدر في 10 يناير: إن البعثة المصرية هي أول من ينفذ أعمال التنقيب في منطقة وادي النصب جنوب سيناء،  وأوضح أن الموقع المكتشف حديثًا يقع في منطقة متميزة في وسط وادي النصب ووسط مناطق تعدين النحاس والفيروز.

وبحسب وزيري، فإن الموقع عبارة عن مبنى مربع الشكل يتكون من كتل ضخمة من الحجر الرملي، بينما تتكون الأرضية من بلاطات حجرية تمتد على مساحة تقارب 225 مترًا مربعًا (2422 قدمًا مربعًا).

وقال رئيس البعثة الأثرية المصرية التي قامت بآخر الاكتشافات الأثرية، مصطفى نور الدين، لـ "المونيتور" عبر الهاتف: "تم استخدام المبنى المكتشف كمقر لقائد حملات التعدين في عصر الدولة الوسطى، وهو يكشف عن تاريخ التعدين في مصر القديمة".

وقال: "حسب الدراسات التي أجرتها البعثة والنقوش على الفخار الموجود داخل المبنى، فإن هذا المبنى هُجِر خلال الفترة الانتقالية الثانية بعد نهاية الدولة الوسطى، وأثناء وجود الهكسوس في مصر. تم نهبها، وتدمير بعض محتوياتها، ثم إعادة تأهيلها خلال فترة المملكة الحديثة قبل أن يتم استغلالها لاحقًا من قبل كورش [العظيم] وأضاف:  لقد وجدنا آثارًا لأفران صهر النحاس تعود إلى هذه الفترة".

وأشار نور الدين إلى أن "المبنى استخدم فيما بعد في العصر الروماني حيث تم إدخال بعض التعديلات الداخلية عليه ، بما في ذلك فصل الجدران بين القاعات".

وقال: "تمتع رئيس بعثة التعدين في مصر القديمة بألقاب [مهمة] وكان يتمتع بمستوى معيشي مرتفع".

وأضاف نور الدين: "المبنى يتكون من طابقين. عثرت البعثة على أربع سبائك نحاسية في الطابق العلوي ، يصل وزن كل منها إلى 1300 جرام [3 أرطال]. كما تم العثور في إحدى غرف الطابق الأول على ورشة لمعالجة الفيروز. امتدت الحفريات إلى محيط المبنى حيث تم اكتشاف ثلاثة كهوف لاستخراج النحاس".

وقال هشام حسين، المشرف على المجلس الأعلى للآثار بجنوب سيناء، لـ "المونيتور" عبر الهاتف، إن "محافظة جنوب سيناء موطن لمناطق تعدين الفيروز والنحاس، ولم تدخلها أي بعثة أثرية مصرية منذ عودة سيناء إلى الأراضي المصرية بعد انسحاب القوات الإسرائيلية [عام 1982].

وقال: "كلفتنا وزارة الآثار المصرية بإجراء حفريات في منطقة وادي النصب في نوفمبر من العام الماضي ، واليوم تمكنا من الكشف عن آخر اكتشاف للمبنى".

وأوضح حسين أنه "في بعض غرف المبنى المكتشف ، تم العثور على ورش تكرير الفيروز مع الأحجار المستخدمة لوزن الفيروز. هناك قبائل بدوية لا تزال تستخدم نفس الأحجار لوزن الفيروز حتى الآن ".

ولفت إلى أن البعثات التعدينية التي كانت موجودة في عصر الدولة الوسطى كانت تضم أكثر من 1600 عضو، وهو عدد كبير جدًا، وتضمنت العديد من التخصصات، حيث كان بعضها يعمل على دراسة جيولوجيا المكان، بينما تخصص البعض الآخر في صهر المعادن، وغيرها في توفير الغذاء للبعثة. كل هذا منقوش على الجدران ولوحات عتيقة [موجودة في الموقع].

وأضاف حسين: "تكمن أهمية البعثات التعدينية في استخراج المعادن وخاصة النحاس الذي كان له أهمية كبيرة في الحضارة المصرية. كانت تستخدم في صناعة الأسلحة ، وكذلك صناعة التوابيت [التي يدفن فيها الملوك] والحلي [المجوهرات]، وكذلك صناعة العديد من التماثيل البرونزية. كما كان الفيروز حجرًا مهمًا يستخدم في صناعة المجوهرات والتوابيت".

وعن أهمية الاكتشاف الأثري الأخير، قال: "هذا الاكتشاف أكد الوجود المصري منذ العصور القديمة [في سيناء]، وهذا دليل سياسي على أن سيناء مصرية لها جذور عريقة في التاريخ ، ودحض الادعاءات بأن سيناء ليست كذلك".

وقال حسين عبد البصير، مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، لـ "المونيتور": "تكمن أهمية هذا الاكتشاف في حقيقة أنه يعطي معلومات لأول مرة عن التعدين في مصر القديمة، حيث أننا نفتقر إلى مصادر معلومات كافية حول التعدين خلال تلك الفترة من التاريخ المصري".

وأشار إلى أن "الاكتشاف يوفر أيضا معلومات عن عصر الدولة الوسطى التي شهدت نهضة عمرانية. أصبح هذا التطور العمراني ممكنًا بفضل استخراج التعدين، والذي ساعد أيضًا في إنشاء الدولة في أعقاب الفترة الانتقالية الأولى التي شهدت اضطرابات سياسية وتراجعًا في التنمية الحضرية".

وقالت وزارة السياحة والآثار المصرية، في بيان صدر يوم 10 يناير، إن الاكتشاف الأخير يأتي ضمن مشروع تنمية 2021-22 لمحافظة سيناء.

وردا على سؤال حول تفاصيل هذا المشروع قال حسين "إن مشروع تنمية سيناء يتضمن أعمالا أثرية في محافظات شمال وجنوب سيناء. يغطي المشروع هذا العام ولأول مرة خمسة مواقع أثرية في شمال سيناء وخمسة أخرى في جنوب سيناء منها وادي جريندل ووادي النصب، ويتضمن هذا المشروع حفريات جديدة وترميم المواقع الأثرية الموجودة في المواقع المختلفة.

وختم قائلاً: "سيناء لم تكشف بعد عن المزيد من الأسرار، وهي بحاجة إلى سنوات من العمل الأثري ، حيث من المتوقع اكتشاف المزيد من الاكتشافات الأثرية خلال الفترة المقبلة".