رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ظهر في الهند كشكر للإله..

من «الغوازي» لـ دينا.. مراحل في مسيرة الرقص الشرقي

الرقص الشرقي
الرقص الشرقي

الرقص الشرقي له عقيدة ثابتة في الهند، فكان عبارة عن شكر للإله عند الحمل، بهذه الكلمات تحدثت مدربة الرقص تمارا عماد عن الرقص الشرقي، وقالت إن عرضه كان لمجموعة من السيدات وليس للرجال، وكان يتضمن حركات للصدر مكان الرضاعة، والبطن مكان الحمل والحوض مكان الولادة، وكان تحريك هذه الأجزاء تقديرًا للإله الذي منحهن إياها.

«الغوازي»

عرفت مصر الرقص الشرقي منذ عهود، كان طابعها المميز له جسور تمتد إلى أقصى جبينها، كان فرصة الفنانات للنهوض بصناعة الترفيه، وعلى الرغم من وجود نقاش مستمر حول أصوله، إلا أن الفن كان ولا يزال مثيرًا للإثارة لدى العديد من المسافرين والسياح، وبعضهم يزور مصر فقط لاستكشاف هذا المشهد.

وتعود أصول الرقص في مصر إلى القرن التاسع عشر، حيث كانت هناك مجموعتان من النساء اللواتي شاركن في صناعة الترفيه، واللواتي يطلق عليهن عوالم وغوازي، كن يجمعن مابين الطبقة الدنيا وطبقة الأغنياء، يكتبن الشعر والأغاني ويلحن الموسيقى، كان لديهن حلقات أنف وشوم يؤدين بأشياء مختلفة مثل «الأوشحة والعصي والسيوف».

من بمبة كشر لسامية جمال
بمبة كشر

كانت أول راقصة في مصر هي« بمبة كشّر» ولدت عام 1860م، بحي الجمالية بالقرب من مسجد الحُسين لعائلة شهيرة والدها أحمد مصطفى، أحد قارئي القرآن، وجدها لأبيها هو السلطان مصطفى كشّر، أحد أعيان مصر فى القرن الثامن عشر، كانت أول فنانة تقوم بتنظيم مهرجان فنى تحت لقب «حفلات الزار»، كان يقام سنويًا، حيث استطاعت جذب وجهاء مصر والدول العربية وكبار الأعيان، كانت تتمايل وتؤدي رقصاتها الاستعراضية.

بديعة مصابني

بديعة مصابني أول من أسست أكاديمية رقص، بعد مجيئها إلى القاهرة في عام 1910 وكانت فرقتها المسرحية، ثم كونت فرقة غنائية راقصة ضمت أشهر مطربى ذلك الزمن ومنهم «فاطمة سرى، نجاة على، الشيخ سيد الصفتى، فتحية أحمد، مارى جبران، ببا عزالدين، شوشو عزالدين، تحية كاريوكا، فريد الأطرش، أسمهان»، جلبت بديعة العديد من الراقصات الشرقيات اللواتي سطرن بحروف من ذهب في التاريخ.

صفية حلمي

صفية حلمي صاحبة كباريه «الجندول»، الذي كان متواجد في شارع الهرم، وهاجمه السلفيون ورعاع الشعب وهدموه، وهي أيضا التي ورثت الفرقة المسرحية والغنائية التي كانت تملكها بديعة بعديد كبير من نجوم الغناء والرقص.

تحية كاريوكا

تحية كاريوكا  آخر العظماء في تاريخ الرقص الشرقي، كان لها أسلوبها الخاص الذي اعتمد على إعادة إنتاج الهرمونية الشرقية القديمة في الرقص، وساهمت في تأسيس مدرسة بأكملها، أما سامية جمال التي بدأت من فرقة مصابني، كانت ترقص بقدميها وعينيها وذراعيها، كان لها أنوثة طاغية.

كانت تلك لمحة مبسطة من عشرات الراقصات الشرقيات اللواتي عرفن في ذلك الوقت، دعونا ننتقل الآن إلى تطور جديد حدث على ذلك الفن، سنتحدث عن فرقة رضا، فخلال منتصف إلى أواخر القرن العشرين، عندما كان رقص الفلكلور في مصر يحظى بتقدير كبير ومعترف به على نطاق واسع، كل ذلك بفضل فرقة رضا التي قدمت عرضًا علنيًا لأول مرة في عام 1959.

الفلكلور المصري على يد فرقة رضا 

تأسست فرقة رضا من قبل عائلة رضا وفهمي، وكلاهما يميلان فنياً وعاطفيا للفنون والرقص والحفاظ على ثقافتهما، وخلال سنوات من السفر والبحث والخبرة، تمكنوا معًا من إظهار مختلف الرقصات التقليدية الرائعة في مصر في عروض مصممة بشكل معقد لاقت الكثير من النجاح والاهتمام بحيث وجدت الفرقة نفسها تقدم أداءً جنبًا إلى جنب مع أمثال عبدالحليم حافظ وأم كلثوم.

انضمت الراقصة دينا إلى فرقة رضا، ولدت في روما وعاشت في حي السيدة زينب، واحترفت الرقص الشرقي، لقبت من قبل مجلة «نيوزويك الأمريكية» ب«الراقصة المصرية الأخيرة»، واختارتها دار نشر فرنسية رمزًا كامرأة كسرت القواعد في الشرق الأوسط، وأصدرت عنها كتابًا بالفرنسية "حريتي في الرقص".

 

كيف توغل الأجانب في الرقص الشرقي المصري؟

في عام 2018 أصدرت صحيفة نيويورك تايمز تقريرًا عن الرقص الشرقي في مصر، وكيف تغير على يد الأجانب الدخلاء على المهنة، حيث تركوا بلادهم ليجدوا لهم رواجا في ذلك الفن الذي يقطن قاهرة المعز، إذن السؤال الأهم: هل سقط الفلكلور المصري؟ هل تغيرت قواعده؟، هل تطور بالشكل المبالغ فيه؟ وغير المقبول لدى محبي التراث؟، هل أتى اليوم الذي يجب أن نحاول فيه حماية الرقص الشرقي في مصر؟

توغلت صحيفة نيويورك تايمز بعمق في صناعة الرقص الشرقي في مصر، وعلى الرغم من عدم وجود نقاش حول أن هذا الشكل الفني نشأ في مصر، إلا أنه في السنوات الأخيرة هيمن عليه بشدة الأجانب، وخاصة من أوروبا الشرقية، ومن بين النساء المهيمنات في ذلك الوقت على مشهد الرقص الشرقي في مصر الأوكرانية آلا كوشنير والأمريكية ديانا إسبوزيتو والروسية إيكاترينا أندريفا.

 

«تمارا» مؤمنة بأن الرقص الشرقي في مصر توقف عند النجمة دينا، فما قبلها كان فنا يحمل الإغراء والدلع، وترى أن ما حدث من تطور و إدخال بعض الحركات الاستعراضية و البالية ليست مضرة، إلا أن الحركات المبالغ فيها تفقده متعته، و من غير المعقول مقارنة الرقص الشرقي بما يحدث في الحفلات الخاصة والأعراس والنوادي الليلية.

«المشكلة الحقيقية ليست في دخول الأجانب للمهنة، بل في الترفيه الذي غلب على الفن، فالأماكن الترفيهية غلبت على قيمة الفن، وصار محتواه أقرب للإغراء، فالأجانب أدخلوا على الرقص الشرقي استعراضات و أجزاء من قواعد رقصات السامبا و الباليه والجاز».

أهمهم "كيتي".. حصر للراقصات الأجانب الذين أتوا إلى مصر:

كيتي

في كتاب الرقص بين أهل الدين والسياسة للكاتب بيجاد سلامة ذكر أن كيتي كانت من أوائل الأجنبيات التي رقصت على السقف، وولدت في الإسكندرية لعائلة يونانية وكانت تدين باليهودية، استطاعت بابتسامتها النقية أن تخطف الأضواء في ظل تربع سامية جمال وزينات وغيرهم الكثيرين.

  

إيكاترينا أندريفا والمعروفة باسم جوهرة

هي واحدة من أكثر الراقصات الشرقيات رواجًا في القاهرة، لديها أكثر من مليون متابع على الإنستجرام، أتت من روسيا تعيش وتعمل منذ عدة سنوات في القاهرة، موطن الرقص الشرقي.. السؤال كيف يأتي روسي لأداء رقص شرقي في القاهرة  ويحقق هذا النجاح معه؟

شعرت أن الرقص الشرقي في روسيا يتعلق أولاً وقبل كل شيء بكسب المال، هذا مختلف في مصر، حيث الرقص الشرقي هو وسيلة للربط بين الفن والثقافة، لذلك قررت مغادرة منزلها وبناء مهنة رقص جديدة في العاصمة المصرية، في كثير من الأحيان لا يلاحظ جمهورها أنها روسية، قالت عن نفسها وعن زملائها من المهم بالنسبة لها أن تظل الرقصة وفية لشكلها الأصلي ولا تتغير بأي شكل من الأشكال أو تصبح روسية.

لكن هناك سبب آخر لنجاح الراقصين الأجانب ربما لأن مصر أصبحت أكثر تحفظًا بشكل ملحوظ في العقود الأخيرة، فالعديد من المصريين يفضلون عدم الارتباط بالمهنة بل إن مصطلح "ابن الراقصة" يعتبر إهانة، لكن أصولها الروسية تحميها من وصمات العار: "بصفتي أجنبية، فأنا أكثر احترامًا لأنهم يرونني أكثر كفنانة".

 

تدين أيضًا ببعض شهرتها لإقامتها القصيرة في أحد السجون المصرية اتهمتها السلطات بارتداء ملابس غير لائقة، تتنافي مع إرشادات أزياء الرقص الشرقي، انتشر مقطع الفيديو الخاص بالزي وسرعان ما وصل إلى قرابة أربعة ملايين مشاهد، وأصبحت أكثر شهرة.

صافيناز

ولدت في أرمانيا، واتجهت إلى مصر بعد العروض الكثيرة التي انهالت عليها، ومن الإسكندرية إلى شرم الشيخ عملت في الكثير من الملاهي والفنادق، واقتربت من الوسط الفني واتهمت بالجاسوسية وإهانة العلم المصري، وتم سجنها لمدة 6 أشهر وتصدرت الأشخاص الأكثر بحثا في جوجل في عام 2014. 

أوكسانا

ولدت في روسيا، وجاءت إلى مصر عن طريق مسابقة للرقص الشرقي بعد أن مارست الرقص عامين بمفردها، درست اللغة العربية واحترفت التمثيل أيضا، كان لها أرائها ضد صافيناز.

إليسار

راقصة لبنانية بدأت مشوارها في استديو الفن، وقدمت العديد من العروض في المناسبات الخاصة كحفلات الزفاف والمطاعم المحلية في اليابان، كانت تجمع بين الرقص والغناء وأصدرت أول كليب لها يجمع بين الغربي والشرقي.

انحدار الرقص الشرقي على يد الدخلاء

كان للرقص الشرقي أصوله وقواعده منذ قديم الزمن، فكان التمايل على ألحان أم كلثوم، واستخدام الوجه واليدين والذراعين والعينين للتعبير أسمى من النطق بمليون كلمة، لكن مع موسيقى الشارع والمهرجانات التي صارت محطة احتواء للراقصات الأجانب، يمكننا القول: "راحت علينا والسلام".

وفقا لموقع el-shai، الرقص الشرقي هو نوع من الرقص التعبيري، فيه حركات معقدة، وليس من السهل اكتسابها، ومع ذلك عندما جاءت هذه الموجة من الراقصات الأجانب، بدأوا في إظهار نوع مختلف وأطلقوا عليه اسم الرقص الشرقي المصري، بدأوا في القيام بحركات عشوائية تركز أكثر على أجسادهم بطريقة جنسية، فأصبحوا مشاهير.

في الحقيقة يصاب بعض المصريين المحبين لتراث الرقص الشرقي بالنفور والاستياء، يوجهون العديد من الاتهامات للدخلاء على المهنة، فهم يدفعون بها إلى اتجاه لانعرف مداه، يدوسون على تراث الرقص الذي عهدناه منذ سنوات، يتغير شكل الرقص، وفي الحقيقة بعض الأجنبيات نفسهم يوافقون على ذلك.

يبدو أن معظم الراقصات المصريات المحترفات في الرقص الشرقي مازلن في الطبقة الدنيا، ولم يصعدن على الساحة بعد مثلما فعلت الأجنبيات اللواتي اشتهرن بسرعة البرق، بل أصبحن من الأنواع المهددة بالانقراض.

تكنيك الرقص الشرقي الأصيل 

تحدثت تمارا التي لديها خبرة في مجال الرقص الشرقي تزيد عن 13 عاما، عن تجربتها في تعليم الرقص الشرقي بالإمارات وعمان وتؤكد أن هناك خلالا بين نوعين من حصص الرقص، الأولى تكون المدربة ترقص بمفردها والفتيات ورائها يطلق عليه "كارديو" ليس مطلوب من المدربة أن تعلمهم فالأهداف مختلفة، ولكن يتم الدعايا لها على أنها رقص شرقي.

نأسف في القول أن هذا ليس حصة رقص شرقي، يجب أن يكون الأمر تكنيكيا، تستطيع المدربة السيطرة على المجموعة، والهدف هو التأثير على جزء من الجسم ودفعه للحركة وفي أى اتجاه ستكون، هناك حصة كاملة في الأسبوع من أجل الليونة، يجب أيضا أن تحافظ الراقصة على توازن الجسم في المكان الصحيح بين اليمين واليسار حتى يقوم بعمل الحركة مع المشي ويكون ثابتا ولا يتعرض للوقوع.