رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لمحاربة الإعاقة.. 25 مركزًا لعلاج الأمراض الوراثية ينقذون أطفال مصر (إنفوجراف)

الكشف عن حديثي الولادة
الكشف عن حديثي الولادة

 

متنقلًا بطفليه بين المستشفيات.. لم تهزمه رحلة السفر اليومية من المنوفية إلى القاهرة على مدار 4 سنوات كاملة من أجل علاج طفليه بعد إصابتهما بمرض وراثي يسمى “التكيس الليفي الرئوي". 

“حسام سعداوي”، أب لطفلين مصابين بالمرض، ولم يترك مستشفى أو عيادة خارجية في محافظته إلا وقصدها باحثًا عن أي تفسير للأعراض التي لحقت بأطفاله منذ اليوم الأول لولادتهما.

ولاحظ والد الطفلين المقيمين بقرية قورص في محافظة المنوفية، منذ الأيام الأولى، أنهما معرضان عن الرضاعة، وفي حال تمكنت الأم من إطعامهما يصابان بحالة من القئ، وتططور الأمر إلى الإصابة بضيق في التنفس مما أثر على معدل النمو.

سعداوي قال لـ«الدستور»، إنه خلال الـ6 أشهر الأولى من ظهور الأعراض الجانبية على الطفلين، عاشت الأسرة حالة من الحيرة الشديدة لتفسيرها، فلم تكن تُظهر التحاليل شيئًا،  مما زاد الأمر غموضًا، إلا أن الأب لم يستسلم وقرر التوجه بالطفلين إلى القاهرة؛ آملًا في إنقاذهما.

رحلة شاقها خاضها الأب مصطحبًا معه طفله الذي لم يبلغ من العمر سوى عامًا واحدًا فقط، متنقلًا بين مستشفيات العاصمة، حتى وصل إلى مستشفى أبو الريش، التي فسرت له الحالة على أنها مرض "التليف الكيسي" الوراثي.

التقرير الطبي للطفل

ويقول الأب إن سبب تعرضه لتلك الصدمة؛  كون المرض وراثي ونادر، وكان يدرك أنه في أغلب الأحوال لا يوجد علاج للأمراض الوراثية.

وتابع: “أحد الأطباء شر ح له المرض على أن سبب الأعراض التي يعاني منها أطفاله هو عدم وجود المادة المسؤولة عن عملية الهضم في البنكرياس، لذلك عند نزول المادة الرخوية بالرئتين إلى البنكرياس تقوم بغلق إنزيماته”.

وأكمل الأب أنه وقتها فقط بدأ يتعرف على ذلك المرض وكيف يتعامل معه، قائلًا:"كل شهر أتوجه إلى مستشفى أبو الريش للحصول على الدواء وهو عبارة عن 100 قرص تعوض المادة الناقصة في بنكرياس الطفل".

وتكررت مأساة المرض الوراثي مع طفله الثاني "أحمد"، ليبدأ رحلة علاج مزدوجة للحصول على دواء لطفليه، ولكن أحيانًا لا يتوافر العلاج، وييصرفون له نصف الكمية التي يحتاجها الطفلين، مما يؤثر على حالة أطفاله.

وأنهى حديثه مناشدًا وزير الصحة بمراعاة ظروف مثل تلك الحالات النادرة وتوفير العلاج لها، رأفًة بالأطفال وذويهم.
 

مراكز الإنقاذ

وخصصت وزارة الصحة والسكان، 25 مركزا لعلاج الأمراض الوراثية لحديثي الولادة، على أن تشمل جميع محافظات الجمهورية ضمن المبادرة الرئاسية المنطلقة منذ شهر يوليو الماضي، والتي نجحت في فحص 60 ألف طفل، و وتقديم العلاج اللازم لهم بالمجان، تحت شعار"100 مليون صحة".

أما عن الأمراض الـ 19 التي يتم الكشف عنها: "قصور الغدة الدرقية الخلقي، تضخم الغدة الكظرية الخلقي، أنيميا الفول، التليف الكيسي، فرط شحميات الدم الوراثي، الفينيل كيتونوريا، نقص رباعي هيدروبيترين، حموضة الدم العضوية، ارتفاع حمض أيزوفاليريكبالدم، ارتفاع الحمض البروبيوني/الميثيل مالوني بالدم، مرض البول القيقبى، ارتفاع التيروزين في الدم – النوع الأول، ارتفاع الجالاكتوزفي الدم، ارتفاع هوموسيستين بالبول، ارتفاع الأرجينين بالدم، ارتفاع السيترولين بالدم، نقص الأورنيثين ناقل الكربامويل، أكسدة الأحماض الدهنية، نقص إنزيم البيوتينيداز".

ولا توجد إحصائيات رسمية عن أعداد الأطفال المصابين بالأمراض الوراثية، ولكن مشروع الجينوم البشري يوفر قاعدة بيانات للأمراض الوراثية، وبناءً على دراسات التي تم إجراؤها، فقد تّبين أن حوالي 4% من المصريين لديهم أمراض وراثية، وهذا رقم كبير للغاية يُقدر بحوالي 5 ملايين مواطن.

وأوضح الدكتور عمرو كمال، أخصائي أمراض القلب، أن الأمراض الوراثية غالبًا ما يصاب بها الأطفال حديثي الولادة بسبب حدوث تغيرات في الشفرة الوراثية أو جينات الشخص التي تحملها خلايا الجسم، وتتم ترجمتها لتكوين البروتينات اللازمة لوظائف الجسم المختلفة.

وقال: "علاج هذه الأمراض يكون صعبًا في أغلب الأوقات، لكن هناك أمراض وراثية يمكن علاجها عن طريق التدخل الجراحي في حالة حدوث مشكلات بصمامات القلب على سبيل المثال أو أمراض أخرى تندرج ضمن العيوب الخلقية".

أما عن الفحوصات الطبية: "يتم أخذ عينة دم من كعب الطفل المولود حديثًا، وتحليلها عبر الجهاز المختص بالكشف عن الأمراض الوراثية، للاطلاع على ماهية المرض المصاب به، وفي حالة إيجابية العينة يتم إحالة الطفل لإجراء الاختبارات التأكيدية للمرض، ثم العمل على توفير العلاج اللازم لحالته".