رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لعنه الثراء الفاحش

تغيرت المعايير في السنوات الأخيرة بالنسبة للحياة اليومية والطموحات ومتطلبات الناس وتحولت العلاقات الي علاقات مصالح ، ورأينا سقوط اقنعه كثيره لشخصيات كان لديها كل شيء، وبإفراط وبكثره وبلا حدود.
كان لدي هذه الشخصيات التي سقطت اقنعتها، الثراء الفاحش والنفوذ الكبير، والعائلة ..والابناء، وجميع كماليات  الحياه  باعلي مستوى، الا انهم لم يكتفوا فغرقوا في الفساد والإثم والانحرافات من كل نوع وشكل.
ولم يكفهم الثراء الفاحش بل ارادوا المزيد والمزيد وحينما اصبح المزيد لا يكفي لإسعادهم، بحثوا عن وسائل اخري بعيدا عن عائلاتهم وبيوتهم، وبدلًا من إسعاد أهل بيتهم، غرقوا في الانحراف، وضربوا بالقوانين عرض الحائط.
وظنوا أنهم فوق البشر، وفوق المساءلة وفوق القانون، ونسوا أن هناك - في السماء - من يري أعمالهم، وأنه قد تنكشف ذات يوم أعمالهم غير المشروعة، وأفعالهم السيئة ، وأن  الحرام لا يدوم، والجريمة لا تفيد، والممارسات غير المشروعة وجني الأموال بطرق غير شرعيه لابد له أن ينكشف.
وإذا بنا نري أن حيتان الثراء الفاحش يتساقطون واحدًا تلو الآخر، وانهم ليسوا بعيدين عن المساءلة، وهكذا اخذوا يسقطون من اعلي قمه الثراء الفاحش والسفه والعجرفة والقوه الغاشمة الي اسفل درجات الخزي والفضيحة والضعف و يتواري  ويبتعد عنهم كل من كانوا بالأمس القريب يتقربون منهم  او ينافقونهم وكل من كانوا مستفيدين منهم ويصبحوا فجأة  عرايا امام المجتمع والنَّاس ووسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي والانترنت .
وأنا في تقديري  ومن متابعه  ما يحدث خلال السنوات الأخيرة اري  ان الثراء الفاحش الذي ظهر علي بعض الشخصيات خلال سنوات قليله يبدو وكأنه لعنه تصيب صاحبها في مقتل، لأنها تفقد الشخص ذي الثراء الفاحش او السيدة ذات الثراء الفاحش توازنه وخاصه اذا كان الثراء بطرق غير مشروعه وسريعة فيبدأ في السير في طرق الخطيئة والخطأ.
فالثراء لا يجلب السعادة الحقيقية المتمثلة في الاشياء البسيطة، والقناعة والرضا لا يمتلكها الا الاسوياء وذوي الضمائر  الحيهً  ..بل ان الثري يجد نفسه محاطا بالكثيرين ممن يريدون التقرب منه والاستفادة من ثرائه ..مما يجعله يظن انه اقوي البشر وانه فوق الجميع .. وهو يظن ايضا ان المال يمكنه ان يشتري له كل شيء وكل الذمم.
ولان السعادة لا تتحقق بالمال ..وانما بالرضا والقناعة، ولان الذين ينحرفون مع الثراء الفاحش والذين يجمعون الاموال بطرق غير مشروعه لا يعرفون فضيله القناعة والرضا فانهم لا يكتفون ابدا بما لديهم ولا يحمدون الله علي نعمه الكثيرة ولا يعرفون ًطعم الكفاح والتعب من اجل النجاح.
ولان من يجعل جمع المال هدفا له لا يحس بسعادة في اي شيء، ولا يحس بالأشياء البسيطة التي يمكن ان تسعد الانسان العادي، أو البسيط، أو المتواضع مثل الاحساس بانك في صحة جيدة مما يجعلك تحمد الله عليها مع مطلع كل صباح لأنك  قادر ممارسه حياتك اليومية بدون الام المرض، أو تسعد لأنك تنام مستريحا لان يومك مضي علي خير لأنك اكرمت محتاجا ،او ان تسعد بدخول السينما لمشاهده  فيلم جيد مع اسرتك أو بعض الأصدقاء، أو ان تسعد بنزهة بسيطة في النيل مع الأصحاب أو بجلسة علي مائدة بسيطة مع الأسرة ،او قد تسعدك رحله الي مدينه اخري مع صحبه مخلصة.
أو قد تسعدك لحظه حب صادقه مع اسرتك او مع حبيب يبادلك الحب ..اوقد يسعدك شراء  جهاز تليفزيون جديد بسيط.. او قد تسعد بنجاح احد الابناء في شهاده مهمه .او قد تسعد لمجرد انك مستقر وآمن في بيتك وسط اسرتك المحبة لك ،او قد تسعد لأنك توفقت في عمل كنت تقوم به ..او قد تسعد بجلسه علي شاطيء البحر مع أحبائك ،،قد تكون كل هذه الاشياء بسيطة وعاديه في الحياه اليومية  لكنها بالنسبة لإنسان  لديه رضا نفسي تشكل له ًسعادة لا يعرفها الثري المنحرف الذي يدير اعمالا غير مشروعه او يسلك سلوكا منحرفا بعيدا عن الأعين.
إن مشكلته انه يصبح في نظر نفسه فوق الناس وفوق البشر بسبب ثرائه .ولا يدرك ان لا شيء يدوم من الممارسات الإجرامية او الانحراف  عن السلوك السوي  او فساد الذمة، والتي قد تنكشف ذات يوم بسبب غلطه اقترفها ولم يكن يعتقد انها ستغير حياته الي جحيم مقيت بعد ان كان غارقا في امواله وملذاته غير مكترثا باي انسان الا نفسه .
وفي الفترة الأخيرة تكشفت قضايا فساد وانحرافات دوي صداها في بلدنا وهي تمثل نماذج غير سوية جنحت عن السلوك السوي وانعدمت ضمائرها  وظنت انها بعيده عن الاعين وبعيده عن يد القانون، فانكشف المستور وبانت الحقائق ولم ينفع الثراء ولا الانحراف اصحابها.
لهذا فان الدرس المستفاد من هذه القضايا التي تكشفت خلال الفترة الأخيرة يجعلنا نفكر في ان السعادة تكمن في اشياء بسيطة للغاية .. وحتي لا تخدعنا المظاهر البراقة لأناس كانوا يملأون الشاشات بأخبارهم واموالهم وسياراتهم الفارهة وقصورهم العديدة الفخمة، فليس كل ما هو براق يعتبر ذهبًا ومعدنا  اصيلا لا يصدأ  وليس كل ما هو بسيط يعتبر بلا قيمة.
فان السعادة الحقيقية تكمن في الصحة والستر وراحه البال والاكتفاء بالأشياء البسيطة وبالمشاعر الصادقة من حولنا وبعمل ينتفع به او لفته انسانيه صادره من القلب او بعطاء لإنسان محتاج لمساعدتنا دون انتظار المقابل وبالضمير الحي الذي يسعدكً ويجعلك تنام مرتاحا ويجعل اسمك وسمعتك دائما في افضل مكانه ..والاسم المحترم والسمعة الجيدة يعتبران في نظري افضل من كل اموال الدنيا وكلاهما لا يقدر بمال.