رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بسنت ليست الوحيدة..

«ذئاب الشرف».. قصص من دفتر أحوال المعرضين للابتزاز

المعرضون للابتزاز
المعرضون للابتزاز

«ماما دي مش أنا».. كلمات أخيرة لـ بسنت خالد، ذات الـ17 ربيعًا، قالتها لعائلتها قبل إنهاء حياتها وتتحول بين ليلة وضحاها لقضية رأي عام هزت قلوب الجميع.

«بسنت» ليست الحادثة الأولى، ففي السنوات الأخيرة تعرض عدد من المواطنين- ليس بالقليل- لنفس الحادث، ولم يقتصر على مجموعة من الفتيات، فالرجال أيضًا كان لهم نصيب من هذه الجرائم، جانب ينتصر ويقف أمام لصوص الأعراض، وآخرون ينهارون ويرضخون لرغباتهم، وآخرون ينهون حياتهم للحفاظ على شرفهم والهروب من «الدائرة المغلقة».
 

«الدستور» قرر كشف المستور، والتواصل مع عدد من الضحايا..

فاطمة لطفى: هربت من عائلتى.. وأخذت حقى بالقانون

«أهلًا بيكي في عالمي اعملي اللي هقولك عليه وإلا»، كانت هذه أول رسالة تتلقاها فاطمة لطفي، 25 عامًا، آنسة، من سكان محافظة الدقهلية، عبر حسابها الشخصي على موقع تبادل الرسائل النصية-  الواتس آب"، لتجد صورها الشخصية ترسل لها مرة أخرى، لكن بجسد عار، وبعض الملابس الفاضحة.

لم أشعر بنفسي إلا ووالدتي إلى جواري تحاول أن توقظني من حالة الإغماء، حاولت أن أفهم من هذا الشخص، وماذا يريد مني، لكنه أخذ يرسل لي مقاطع فيديو جنسية مركبة لي بشكل محترف، في البداية كنت أعتقد أنه سيطالبني بالمال، وأخبرته أنني مستعدة أن أدفع له ما يطلبه، إلا أنه رد على قائلًا:" سأخبرك بما أريد لكن الآن سأتركك تهدئين وسنتحدث فيما بعد".

«كنت أواصل الليل بالنهار، حتى يغشى علي من التفكير»، كان هذا التعبير الذي قررت أن تعبر به فاطمة عن يومها لـ«الدستور»، وبعد يومين وجدت هاتفها يرن، وبصوت جهور بدأ يتحدث شخص معها ويخبرها بأن عليها التوجه لشقة سكنية في ذات المحافظة، وتقيم معه علاقة جنسية، حتى يمسح صورها، وشدد عليها انعدام الخيارات أمامها، لأنها أن لم تفعل ما يأمرها به، فستكون صورها على الإنترنت، وعلى كل الهواتف النقالة لأهالي القرية بشكل عام، وعائلتها بشكل خاص.

تابعت: فكرت في الانتحار عدة مرات لكنني لم أمتلك الشجاعة للإقدام على الخطوة، ولجأت لمحاولة الحصول على عطفه، إلا أنه كان شيطانًا في جسد إنسان، ففي كل مرة أحاول أتوسل إليه، يرسل لي صورًا جديدة، وكأن حياته اقتصرت على ابتزازي، وترك لي مهلة  3 أيام للتفكير، وبعدهم سينشر الصور.

عقب انتهاء المدة، أعلنت «فاطمة» رفضها لطلبه الذي يحولها لعاهرة، واضعة وصمة العار على جبين عائلتها، حاول معها الشاب مرارًا وتكرارًا، وبعدما شعر أنه لن يصل معها لمبتغاه، نشر صورها وأرسل لعائلتها، التي هاجمتها، إذ جلدها والدها، ومنعت عنها والدتها الطعام، واجتمعت العائلة في مجلسها للنظر في وضعها.

حاولت «فاطمة» التلصص عليهم، وحينما سمعت أنهم سيقتلونها ليغسل والدها عاره، جمعت ما تستطيع من أموال، وملابس، وطعام، وقفزت من سطح منزلها، وللمنزل في الشارع الخلفي، ونزلت في صمت على الدرج، وأخذت تركض حتى وصلت لمحطة القطار، وأخذت تبكي، حتى نامت على كتف سيدة في الستين من عمرها، وأخبرتها بقصتها حينما استيقظت.

طلبت منها السيدة العجوز أن تذهب لمكتب الشرطة في أقرب محطة يقف فيها القطار، وتخبرهم بما تعرضت له، وطمأنتها أنهم سيجلبون لها حقها، وشرفها، ويحمون عرضها، وبالفعل التزمت «فاطمة» بهذه النصيحة، وبعدها طلب منها ضابط الأمن أن تذهب معه إلى قسم شرطة الأزبكية، لأن القطار كان قد وصل لمحطة مصر.

نفذت الفتاة تعليمات الشرطة، وتحدثت مع الشاب وطلبت منه أن يقابلها بالقاهرة، لأنها وصلت هناك، وقبلت عرضه، بعد تحرير محضر بالواقعة، كان ذلك تنسيقًا من رجال الشرطة الذين كانوا في استقبال الشاب بأحد المقاهي المشهورة، وألقت القبض عليه، وعرض على النيابة، ووجهت له تهم الابتزاز وإساءة استخدام وسائل الاتصالات وإفشاء أسرار الحياة الخاصة، وحكم عليه بالسجن ثلاثة أعوام.

وأضافت: بعد أن أخذت حقي منه، تواصلت مع عائلتي، وأخبرتهم أنني لم أخيب ظنهم في يومًا، ولم أفعل ما يخجلون منه، ولكن كل ما حدث لم يغير من نظرتهم لي على أنني عار، وأغلقوا الهاتف بعد أن أخبروني أن أخواتي لن يقبل بهن أحد لأنني جلبت لهن العار، معلقة: "المجرم بيتعاقب بس الناس مبتبطلش كلام.. والقصص دي مش بتتنسي أبدًا".

عماد محمود: تمسكت بحب عمري بعد أن كنا على وشك الطلاق
منزل بسيط يعيش فيه عماد محمود، ابن محافظة الفيوم، يبلغ من العمر 32 عامًا، مع طفليه عمرو، عمر، وزوجته منى- حب عمره- الذي عاش معها أجمل لحظات حياته، وصبرت معه حتى وجد عملًا، وجهز شقة الزوجية، وأنجبا الطفلين بعد 4 أعوام من الزواج، بصعوبة كبيرة، لأن الله كان قضاءه أن تعاني زوجته من أزمة في الرحم، كانت تمنع الحمل، وبعد رحلة علاج طويلة رزقهم الله بالتوأم اللطيف.

يستيقظ «عماد» في السابعة صباحًا، ذاهبًا لعمله، ليعود سريعًا ليساعد زوجته في أعمال المنزل، وتلبية طلبات طفليه، خاصًة أنهما في عمر مبكر، ويحتاجان للكثير من الرعاية، لم تستمر هذه الحياة الصافية على هذا النحو، ففي ليلة وضحاها انقلبت رأسًا على عقب، إذ فوجئ بصور ترسل على هاتف زوجته لحديث عبر برنامج تبادل الرسائل- الواتس آب- بينه وبين موظفة كانت تحت إدارته، لكنه اضطر للاستغناء عنها، بسبب علاقتها السيئة بزملائها في العمل.

«زوجتي كانت تصرخ وتبكي وعانت من أزمة نفسية كبيرة بسبب شعورها بأنني خذلتها وخنتها»، لكن ذلك لم يكن حقيقيًا، حاول الزوج أن يخبر زوجته بكواليس هذا المشهد، لكنها لم تسمع شيئًا، وتركته، قائلًا خلال حديثه لـ «الدستور»: «حاولت تلك الفتاة أن تقييم معي علاقة حميمة، لكنني رفضت، فأخذت تتحدث معي عبر الواتس آب، وهددتني بأنني إن لم أنصع لها، ستكون هذه الرسائل على هاتف زوجتي، وسينهار بيتي، وقالت إن هذه مجرد بداية».

أدركت حينها أن تلك الفتاة لن تهدأ حتى تقضي علي، تواصلت معها، وسجلت لها العديد من المكالمات والرسائل التي تؤكد وقوعي تحت تهديدها وابتزازها، وتوجهت لقسم الشرطة وأخبرته بكل شيء، وحررت محضرًا بالواقعة، وحينما توجهت للنيابة العامة، ووجدت المتهمة في قبضتهم، وأخذت تصرخ في المحكمة أنها لن تتركني، وأنها ستقضي علي، طلبت من النيابة إثبات ذلك في المحضر، وبعد انتهاء الجلسة أخذت المحامي لزوجتي، واطلعت على كل الأوراق، وتأكدت أن كل ما رأته كان كذبة كبيرة مرادًا بها انقضاء حياتنا الزوجية عادت للمنزل، ومازلنا في انتظار الحكم على الفتاة، فالقضية ما زالت متداولة في المحكمة، على حد تعبيره.

فريدة حمدى: زوجى تنصل منى 
ضحية أخرى من ضحايا الابتزاز، أم لثلاث فتيات تركها زوجها وسافر للعمل في إحدى دول الخليج، تعيش في محافظة الفيوم بمنزل بسيط، تخطت الثلاثين من عمرها منذ عامين، وخلال حفل أقامته برفقة جيرانها من النساء، ارتدت فيها فستانًا مكشوفًا، ووضعت من مساحيق التجميل ما يظهر رونقها، وأخذت ترقص وتمرح، خاصًة أن الفرح غاب عن روحها منذ سنوات.

لكنها لم تكن تعلم أن هناك شيطانًا يتجسد بينهن في صورة ابنة صديقتها، التي التقطت لها فيديو عبر الهاتف المحمول ونشرته عبر صفحتها الشخصية على موقع نشر الفيديوهات- التيك توك-، للحصول على نسب مشاهدة كبيرة، وبعد أيام وصل لـ« فريدة» خبر الفيديوهات المنتشرة لها عبر الإنترنت.

قالت "فريدة": كنت أتناول الإفطار، حتى وجدت اتصالًا من جيراني، ينكرون فعلتي، ويتنصلون مني، وبعدها مباشرة زوجي الذي ألقى علي يمين الطلاق في الهاتف المحمول، لتصلني ورقة طلاقي بعد شهر، حاولت خلال هذه الفترة تبرير الأمر، لكنني لم أجد من يرحمني، كلام الجميع كان لاذعًا، وكأنهم انتظروا هذا الفيديو ليتسامروا في سمعتي وشرفي.

لم أستطع العيش في القرية بعد هذا اليوم، وقررت الفرار، لكنني كنت أرغب في معرفة هوية ناشر الفيديو، ومنعني من ذلك جهلي في الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، وبعد فترة عملت في إحدى الشركات، وتعرفت على فتاة كانت ماهرة في هذه الأمور، وأخبرتني بالحساب الشخصي لناشر الفيديو، على حد تعبيرها.

عقبت قائلة: "أخذت أدعو الله وأقيم الليل وأرجوه أن يرد حقي، وبعد فترة فضحت البنت بعد أن فعلت ذات الأمر، مع جارة أخرى، وأخبرتني بذلك في الهاتف المحمول، واتصلوا بزوجي وأخبروه، الأمر الذي جعله يعود من سفره، ويطلب عودتي لعصمته، لكنني رفضت لأنه لم يقف إلى جواري حينما كنت أريده، ولأنه صدق قول الناس الذي لا يمت للواقع بصلة، ناسيًا سنوات زواجهما، والعشرة التي بينهما».