رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لماذا لا أحب "تريكة"؟


يعيش محمد أبو تريكة، نجم الكرة المصرية السابق في قطر، منذ أعوام، يعمل محللا للمباريات بقنوات "بي إم سبورت" الرياضية.. في مارس الفائت خسر "تريكة" معركته القضائية التي كان يأمل من خلالها شطب اسمه من قوائم الإرهاب المدرج عليها ببلده؛ فقد أيدت محكمة الاستئناف بقاء اسمه على هذه القوائم الخطرة حتى عام 2023.. 
قصة أبي تريكة مع السلطات المصرية معروفة للقاصي والداني؛ فلا داعي لإعادتها كاملة، والخلاصة أن الأجهزة الأمنية توصلت إلى خيوط تكشف صلاته الوطيدة بجماعة الإخوان المسلمين، لم ينف الرجل انتماءه إلى الجماعة المحظورة، ولم يثبته طبعا، لكنه لاذ بقطر مع انكشاف الأمر، وهي الدولة التي تتذبذب علاقتها بمصر فلا تثبت على حال، ظل هناك وكل ما يقوله ويفعله يقدمه إلى الناس على أنه ضحية ما، وهو موقف لم يجعلني حريصا على محبته؛ فقد شوش بشرا طيبين ظنوه ضحية فعلا، هكذا بلا دليل براءة واضح معتبر، فأثار بلبلة هو أدنى منها بكثير؛ ففي نهاية الأمر هو لاعب كرة محض، حتى لو كان عظيما، وليس بمفكر ولا عالم، ينبغي الانتباه إلى كل لفتة له أو إشارة، مع كامل التقدير للاعبي الكرة طبعا؛ فهم عناصر مؤثرة في مجتمعاتهم بلا أدنى شك، وهم على أكتاف الجماهير الغفيرة التي تؤازرهم، باستمرار، وتعلق عليهم آمالا ليست بهينة!
لقد جرى ما جرى على كل حال، وكان الواجب أن يعود اللاعب لوطنه وناسه؛ فيعتذر للوطن أولا عما سببه غيابه المريب من الفتن، ثم للناس عما حير به عقولهم وشغل أفئدتهم، مقدما نفسه إلى السلطات الوطنية طواعية، محميا بالقانون المصري العادل، وبالرقابة المجتمعية اليقظة، متيقنا أن الأمور كلها لله، لا سيما وهو الذي يصدر نفسه في المشاهد على أنه المؤمن المستقيم الذي يرضى بنصيبه المكتوب ولا يقبل أن يرتكب ما يخالف القيم الطيبة، ولعمري إن هروب الإنسان من وطنه الذي صنع مجده، وتعريضه سمعة وطنه للشكوك من قبل المتربصين بالوطن، من أكبر ما يخالف القيم الطيبة..
لا أدري أنا إن كان أبو تريكة لاعب كرة سابق أم رجل دين تقنع بلاعب كرة لسنوات؛ فكثيرا ما يمارس الوعظ والإرشاد، وكثيرا ما يظهر بروح المفتي
المتشدد لا المهاجم الكروي السلس الذي عرفه المشجعون، ويخلط الرياضة بالدين والأخلاق خلطا متكلفا صاخبا؛ فيصنع بذلك قلاقل واقعية وافتراضية، عامدا متعمدا، وفي الحقيقة تشير علاقته بالدين، على النحو الذي ذكرته، وهي مثبتة وموثقة، إلى كونه ليس متدينا عاديا، أي ليس رجلا ينتمي إلى الإسلام ببساطة، وإنما يشير واقعه المنظور إلى احتمالية كونه واحدا من الإسلاميين التنظيميين بالفعل، أعني الذين لهم مرجعيات معينة صارمة، ولا يبالون بالأوطان ولا الشعوب مهما ادعوا المبالاة بهما!