رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الطائفية والعلم الفلسطينى

عندما فاز فريق الجزائر بكأس العرب، أهدى الفوز إلى فلسطين وتم رفع العلم الفلسطينى تحية للشعب الفلسطينى وتذكرة واجبة للقضية الفلسطينية، وعندما فاز النادى الأهلى بالسوبر الإفريقى قام أحد اللاعبين برفع العلم الفلسطينى.
هنا وجدنا على وسائل التواصل الاجتماعى حملة لا تليق بالقيم الدينية والأخلاقية والوطنية، تهاجم رفع العلم الفلسطينى، بل تكيل كل السباب والإهانة للفلسطينين، بل تسفه القضية نفسها.
فهل نعتبر هذا مجرد وجهة نظر؟ لا أعتقد هذا، خاصة أن الذين اعترضوا كان اعتراضهم تلككًا بما يجب أن يكون من رفع علم مصر فقط، فهل تم وصف الفريق الجزائرى بالخيانة للجزائر لرفعه العلم الفلسطينى؟ ومع ذلك فإنى أرى أن الأمر أكثر خطورة وعمقًا من رفع العلم الفلسطينى.. كيف؟
لأنه وبكل وضوح الأمر تحول إلى سباب طائفى بين مصريين وهذا للأسف الشديد، رأينا وتابعنا سجالًا وخلافًا لا يليق بأى نوع من الحوار الهادئ والموضوعي بين أبناء الوطن الواحد، وكانت الأغلبية من الذين رفضوا رفع العلم من المصريين المسيحيين، مقابل الأغلبية من المؤيدين كانوا من المصريين المسلمين (وما أثقل على قلبى من هذا التعريف الطائفى).
بداية لابد أن نحدد أن القضية الفلسطينية ليست هى حماس فى غزة ولا هى السلطة الفلسطينية فى رام الله، ولا هى مليارديرات الفلسطينيين فى أنحاء العالم الذين لم يعد لهم علاقة بالقضية، ولكن فلسطين والقضية الفلسطينية هما الشعب الفلسطينى المحاصر والمستعمر (بفتح التاء).
هما الشعب الذى طرد من داره واحتل وطنه تحت مزاعم أسطورية استند عليها الاستعمار القديم والحديث للسيطرة على المنطقة وعلى رأسها مصر، هو الشعب الذى يحاصر على مدار الساعة ببناء المستوطنات الإسرائيلية على أرضه التى يجبر على تركها عنوة وظلمًا.
هما الفلسطينى الذى يعيش فى الخيام منتظرًا كسرت خبز ورشفة ماء من الأنروا (التى رفض ترامب مساعدتها  المادية المقررة من أمريكا)، وعلى ذلك فالقضية يا سادة ليست إسلامية فقط لا علاقة لها بغير المسلم، حيث إن جماعة الإخوان وما يماثلها فى غزة وغيرها يتاجرون بالقضية.
القضية فى المقام الأول هى قضية إسلامية ومسيحية وعالمية وإنسانية، ودليل ذلك مساندة أحرار العالم لها، وهل كانت مساندة المطران المناضل كابوتشى للقضية الذى حكم عليه بالإعدام وتحول إلى النفى بعد تدخل العالم، هل كان هذا لأنها قضية إسلامية؟ ناهيك عن المواقف النضالية الرائعة للأسقف حنا عطالله.
أما على المستوى المصرى للمتشدقين ضد رفع العلم الفلسطينى، فنقول إن مصر البلد العربى الوحيد، نقول الوحيد، الذى يؤمن بعدالة القضية، والذى دفع ومازال يدفع الثمن، وآخر هذه المدفوعات تبرع السيسى بنصف مليار دولار لإعادة بناء غزة، وذلك إيمانًا بحق شعب مظلوم ومضطهد، إضافة أن فلسطين هى الحدود الشرقية، وهى حائط الصد لحماية الأمن القومى المصرى.
والأهم هو هل هذا الرفض نابع من عقيدة وطنية؟ بالتأكيد لا، حيث موقف مصر الوطنى واضح، أم يستند إلى موروث خاطئ يتسترت تحت لواء الدين؟ هنا هو بين القصيد لهؤلاء نقول إن المسيحى الذى مازال يؤمن بأن إسرائيل هى شعب الله المختار، وأن فلسطين هى أرض الميعاد لهذا الشعب.
هم ليسوا مسيحيين، بل هم أقرب لليهود، لأن هذا الوعد كان شرطًا وتعاقدًا مقابل قبولهم الرسل والسيد المسيح الذى كثرت النبوءات بمجيئه فى كتابهم (العهد القديم)، هذا إذا قبلوا هذا المجيء. هنا كان الرفض التام الذى مازال للسيد المسيح، ولذا قد فسخ العقد ولم يعد هم شعب الله المختار، ولا هى أرض الميعاد، ولكنها نظرية (المسيحية الصهيونية) التى دشنها اليمين الأمريكى المسيحى المتصهين بهدف اختراق المسيحية، ووضع الدين المسيحى فى صالح النظرية الصهيونية، حتى تكون هذه المساعدات وتلك الانحيازات لهذا المخطط الصهيونى، وإذا كانوا هم شعب الله المختار.. فماذا تكونون أنتم؟ ارجعوا إلى كتاب البابا شنودة الثالث (إسرائيل فى رأى المسيحية).
أخيرًا إذا كانت هناك وجهة نظر ترفض خلط الكرة بالسياسة والدين، فأنا مع ذلك تمامًا ولكن (وآه من ولكن هذه) فالواقع العالمى الآن يمارس تلك الممارسات، فاللاعب المسيحى فى العالم يرشم الصليب، فقام اللاعب المسلم بالسجود وهذا وذاك خلط للأمور.
فكروا اعقلوا تصحوا.. حفظ الله مصر وشعبها العظيم المدافع عن الحق وعن كل مظلوم.