رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ماذا تريد الصين من إفريقيا

أثارت دراسة معاصرة، عن  العين الصينية في القارة الأفريقية، بيت النحل،  نكشت استقرار، طار وبدأ ينتشر خارج الخلية، منزعجا، ومسببا للإزعاج في ذات الوقت! 
.. تمويل ونشر الدراسة التي كتبتها" لينا بن عبدالله"، أستاذة  السياسة والشؤون الدولية بجامعة" ويك فورست"، تم بدعم من مجلس العلاقات الخارجية ( Council on Foreign Relations)‏، المنظمة التي  تهدف إلى تحليل سياسة الولايات المتحدة الخارجية والوضع السياسي العالمي.


.. في البدء، تصدمك ديباجة الدراسة التي تشير إلى حقيقة، جيوسياسية عميقة وخطيرة، برغم ما يعيش عالمنا من أزمات وأوضاع وتوترات دولية قد تسحبنا إلى المزيد من الحروب، لهذا، تلتقط الباحثة، فلسفة عملية تؤطر عمل السياسة الأمنية في الولايات المتحدة وتقول:"عندما يفكر صانعو السياسة الأمريكيون في تأثير الصين في إفريقيا ، فإنهم غالبًا ما يفكرون في برامج تطوير البنية التحتية ذات التكلفة الكبيرة مثل مبادرة الحزام والطريق (BRI)." 
.. المثير، ان كشف الحقائق، كما نشرته  مجلة (الشؤون الخارجية / فورين أفيرز)،  بدأ بالاشارة إلى أنه ومنذ وضعت عشرات الخطط، نفذت:"على مدى العقدين الماضيين ،و أنفقت الصين، المليارات في بناء السدود والطرق السريعة والسكك الحديدية والموانئ في دول من مصر إلى جنوب إفريقيا".
لهذا؛ ..يعتمد حضور الصين المتطور في إفريقيا ، على الاستثمار في بناء رأس المال الاجتماعي والبشري بقدر ما يعتمد على مشاريع البنية التحتية العملاقة. 
. وبصراحة  واستقلالية  علمية ، قالت   الباحثة، انه:" منذ بداية هذا القرن ، استثمرت بكين بكثافة في تنمية العلاقات السياسية والتعليمية والمؤسسية مع القادة والمواطنين في جميع البلدان الأفريقية تقريبًا التي تربطها بها علاقات دبلوماسية. مع تراجع فرص مماثلة - غابت عن دول أفريقيا بعامة-مع الدول الغربية ،".
.. والنتيجة، ان ما حدث ببساطة:" تدخلت الصين في هذا الانتهاك".

.. تقر الدراسة، انه :" إذا كانت إدارة الرئيس جو بايدن جادة في مواجهة النفوذ الصيني عبر العالم النامي ، فمن الأفضل أن تفهم كيف تعمل سياسات الصين بالفعل والفوائد التي يمكن أن تجنيها الدولة من جهودها في إفريقيا - وفي جميع أنحاء العالم".

.. انها معضلة السياسة وتمددها افقيا، فقد :"أثار العديد من المسؤولين وصناع القرار والخبراء الأمريكيين مخاوف بشأن قروض الصين واستثماراتها ومشاريع البنية التحتية في جميع أنحاء العالم".
ماذا كان رد الإدارة الأميركية؟. 
رداً على ذلك ، تقول" فورين أفيرز":" أعلنت إدارة بايدن عن خطة Build Back Better World (B3W) - برنامج بنية تحتية عالمي يهدف إلى مواجهة نفوذ الصين في الجنوب العالمي - في اجتماع G-7 في يونيو 2021. تم تصميم B3W للتفوق على بكين من خلال تقديم بديل مشاريع استثمارية تهدف إلى إغراء الدول باختيار الولايات المتحدة على الصين كشريك مفضل لهم".

هل هناك فهم  للإدارة  الاميركية، فهماً عميقا او استراتيجيات  لدور الصين العالمي؟. 
.. يمكن تلخيص ذلك الفهم الأعرج او الضيق بما يلي:
*اولا:
بكين  ضخت مليارات الدولارات في مشاريع البنية التحتية في جميع أنحاء العالم النامي. 
*ثانيا:
استثمرت  الصين بكثافة في تطوير العلاقات والعلاقات بين الشعوب مع النخب السياسية والأمنية والتجارية في العديد من البلدان الأفريقية. 
*ثالثا:
وضوح انخراط  " الحزب الشيوعي الصيني" مع الجنوب العالمي، الذي يعود إلى حقبة ماو ، لكن نطاق هذه التبادلات تسارع بسرعة. اعتبارًا من عام 2018 ، على سبيل المثال ، كان أكثر من 80.000 طالب أفريقي يدرسون في الصين ، مقارنة بأقل من 2000 في عام 2003، وبذلك تم تصميم هذه المنح الدراسية لتحسين صورة الصين في الخارج وعرض قصة نجاحها التنموي للطلاب الزائرين.  


*رابعا:
 استثمرت الحكومة الصينية بكثافة في سلسلة من الزيارات السنوية إلى الصين لمسؤولين حكوميين وملحقين دفاع أفريقيين، ويعود ذلك إلى ما قبل عام 2018,وأمضت وفود رفيعة المستوى من 50 دولة أفريقية أسبوعين في الصين لحضور الندوات وزيارة مواقع جيش التحرير الشعبي والبحرية وجيش التحرير الشعبي الصيني لمعرفة المزيد عن القدرات العسكرية للصين.
*خامسا:
 عام 2018 ، شهد ، اتفاقيات، بين جميع الأطراف على توسيع التدريبات التي تستضيفها الصين لقوات حفظ السلام والشرطة الأفريقية؛ ذلك أن  لبكين ،  مصلحة تمثل  من خلالها  العلاقات العسكرية الناشئة استثمارًا مهمًا في مستقبل الدبلوماسية الصينية،ما يعني نجاح عملية بناء الثقة بين الجيوش الصينية والأفريقية -  التي قد  تسفر عن صفقات أسلحة مربحة.

 

*سادسا:
يرعى الحزب الشيوعي الصيني، بشكل متكرر الدورات التدريبية والندوات لنخب الأحزاب السياسية المدنية من جميع أنحاء القارة،و الخطير، انه تم تصميم هذه البرامج لتعليم القادة حول نهج الحزب الشيوعي الصيني في التنمية ، وقيادة الحزب ، والتنظيم السياسي.
*سابعا:
تقدم الصين، الفرص  التقنية والرقمنة، لتبشر بدور التكنولوجيا في الحوكمة ، مما يوفر فرصة لشركات التكنولوجيا الصينية لتسويق منتجاتها.

*ثامنا:
رعت بكين أيضًا سلسلة من المبادرات البحثية المشتركة بين الجامعات ومراكز الفكر الصينية والأفريقية - بما في ذلك شراكات مع مدارس في 46 دولة أفريقية تستضيف حاليًا معاهد كونفوشيوس ، وهي شبكة من المراكز الثقافية واللغوية الصينية التي ترعاها الدولة. تهدف هذه الشراكات إلى تحسين التعرف على الثقافة والتاريخ واللغة الصينية عبر القارة. بالنسبة للحكومة الصينية ، تمثل مثل هذه البرامج أيضًا طريقة واحدة لعكس العداء الغربي لنموذج التنمية في البلاد وتقليل عجز صورة بكين في الخارج.

*تاسعا: أطلق المسؤولون الصينيون والأفارقة عددًا من الأحداث متعددة الأطراف البارزة ، بما في ذلك منتدى التعاون الصيني الأفريقي. يعد اجتماع منتدى التعاون الصيني - الأفريقي ، الذي يعقد كل ثلاث سنوات ، الآن أحد أكبر التجمعات الدبلوماسية المنتظمة للزعماء الأفارقة. على النقيض من ذلك ، لم تعقد الولايات المتحدة حدثًا مشابهًا منذ قمة قادة الولايات المتحدة وأفريقيا لعام 2014 في واشنطن .

.. أين تذهب الصين داخل أفريقيا؟.


يعمل " منتدى فوكاك"  على تطوير البنية التحتية المشتركة وبرامج الإقراض،من خلال استغلال (مبادرة الحزام والطريق)، بهدف معلن لتنمية وتعميق الروابط الشعبية بين الدول الأفريقية والصين. 
خلال اجتماع FOCAC لعام 2018 ،  تلفت غايات شركاء الدراسة إلى أن  الصين   تعهدت  برعاية 50000 فرصة تدريب جديدة للمهنيين الأفارقة في قطاعات تكنولوجيا المعلومات والطاقة والسياحة والإغاثة في حالات الكوارث، كما  أعلن عن خطة تعاون جديدة بين الجامعات الصينية والأفريقية. 
.. وعقدت برامج تدريبية لموظفي إنفاذ القانون الأفارقة. على الرغم من محدودية قيود السفر الوبائي COVID-19 ، فإن FOCAC 2021 ، الذي عقد في السنغال ، أنتج مجموعة مماثلة من الالتزامات،بين الصين وحكومات أفريقية.


.. " فورين أفيرز"، تنبش عن وسائل وادوات  للنفوذ الصيني عبر القارة الأفريقية؟. 
.. كما تقر ان :"جهود بكين تؤتي ثمارها بالفعل" . 
.. نحتاج وقفة لإلتقاط  المزيد من الاوكسجين(...)، فبعد ما حدث للعالم من تداعيات وتحديات من تفشي جائحة كورونا، تعلن الباحثة لينا بن عبدالله، بأريحية أكاديمية فتقول:"
اليوم ، يرى 63 في المائة من الأفارقة أن تأثير الصين في القارة هو "إيجابي إلى حد ما" أو "إيجابي للغاية" ، والصين هي الآن نموذج التنمية المفضل لعدد متزايد من البلدان ، بما في ذلك بنين وبوتسوانا وبوركينا فاسو ومالي" .
.. لنقل :يا للهول !

.. يتضح، عمليا وسياسيا واقتصاديا، ان دبلوماسية الصين - بما في ذلك منتديات مثل منتدى التعاون الصيني - الأفارقة - تخدم العديد من الأغراض الحاسمة الأخرى عند استضافتها في الصين ، تعرض هذه التجمعات نموذج التنمية في بكين. منصات التجارة الإلكترونية المزدهرة في الصين ، والبنية التحتية الجديدة ، واستخدام التكنولوجيا في الحوكمة كلها معروضة لأولئك الذين يزورونها. إن فرصة "إظهار وإخبار" نجاح الصين تساعد المسؤولين الحكوميين على تشكيل الرواية حول نمو بكين وإمكانية تطبيقها خارج حدود الصين.
.. هنا اتجاة البوصلة، الذي شتت الغرب الأميركي، وايضا الاتحاد الأوروبي، وبقية العالم، فالساحر الصيني، يتحرك على بساط الريح، قادما من خيال الف ليلة وليلة .

.. بين البساط، والمواد، والتاجر، يقع الشرق الجميل، وشمال إفريقيا، وتنكشف نقاط الخلل في الصراع الصيني الغربي، الأفريقي! 
.. لهذا، اقرت الدراسة ان الولايات المتحدة الأميركية تقلل  من شأن استثمارات بكين في رأس المال الاجتماعي والبشري في إفريقيا، على مسؤوليتها  الذاتية، ما وفر الفرص  أمام  عدة دول، لتختار بالفعل "طريق بكين" على محمل الجد، ما انتج، بحسب البحث:بدعم صيني ، افتتحت الأحزاب السياسية في جنوب إفريقيا وتنزانيا أكاديميات تدريب على غرار مدارس الحزب التابعة للحزب الشيوعي الصيني (التي تدرب كوادر الحزب في المستقبل) ، بما في ذلك مدرسة جوليوس نيريري للقيادة بالقرب من دار السلام ومعهد خارج جوهانسبرج برعاية National African National الكونجرس. كما أسس معلمين مدربين في الصين معهد لويانزي للتكنولوجيا الأوغندي ، وهو مدرسة تدريب مهني بالقرب من كمبالا.


.. في نظرة الإدارة الأميركية، خيارات تقلل (عمليا  في صيغة أمنية) من شأن استثمارات بكين الاجتماعية ورأس المال البشري في إفريقيا على مسؤوليتها الخاصة . 
َا يحدث، حجم كبير من التبادلات والنفوذ الصيني، الأمر الذي حقق، واوجد "ركيزة أساسية لصنع السياسة الخارجية للصين في إفريقيا". 
جيوسياسيا، وحتى في البعد الثقافي والتربوية، ستستمر-الصين- في العمل بشكل جيد في المستقبل المنظور، وتعالج هذه الجهود أيضًا الحاجة المتزايدة ، حيث يتناقص عدد المنح الدراسية والتأشيرات وبرامج التبادل الأمريكية والأوروبية المتاحة للمواطنين من البلدان الأفريقية ، وتزايد المشاعر المعادية للمهاجرين في الولايات المتحدة وأوروبا، بالنتيجة تستحوذ الصين على نتائج بعيدة المدى.

.. الأمر مدهش، فهناك دلائل أممية.. كيف؟.
وفقًا لتقرير حديث لليونسكو ،تؤكد  د. لينا بن عبدالله في مراجعتها ووثائقها أنه  : تمت رعاية 16 بالمائة من جميع المنح الدراسية للمواطنين من البلدان الأفريقية للدراسة في الخارج من قبل الحكومة الصينية - مما يجعل بكين أكبر مزود منفرد؛ حتى بين الأعضاء الأثرياء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ، فيما احتلت الولايات المتحدة المرتبة الخامسة. إذا كانت واشنطن جادة في تحسين علاقتها بالقارة الأفريقية ، فإن زيادة الفرص التعليمية للطلاب الأفارقة يعد مكانًا جيدًا للبدء.  

.. " مجلس العلاقات الخارجية"، مع مجلته التي تثير القلق، وتنبش عش الدبابير، بعد نعمة عسل النحل، تقف على  مدى صحة او دقة (خطة B3W بايدن)، التي تعمق النظرة الأميركية لما يحدث من تحول في أفريقيا نتي الغزو الصيني، وترى الباحثة ان هناك، مع وجود الرئيس الأميركي جو بايدن، :" فرصة ل تحويل علاقة واشنطن مع العالم النامي"، وهذا يحتاج الى:
أ: يجب على الإدارة الأميركية فهم،  قوة بناء وصلات الناس-مع-و إلى الناس.
ب: يجب على صانعي السياسات أن يأخذوا على محمل الجد أهمية الاستثمار في العلاقات طويلة الأمد مع المواطنين العاديين في البلدان عبر إفريقيا وأماكن أخرى ، بغض النظر عن أيديولوجيات حكوماتهم.
ج: يمكن أن تؤدي الأحداث المثيرة للانقسام مثل قمة الديمقراطية إلى دفع البلدان المستبعدة إلى الاقتراب من بكين.
د:قراءة وتدقيق  البرامج التي تركز على تنمية رأس المال البشري، وتحويل ذلك إلى سياسة عملية  سليمة، على أرض الواقع.

.. في النظرة الصينية المستقبلية للعالم، خلطة سحرية تقوم على فهم طبيعة الشعوب، وبالتالي أنماط السياسة والمجتمع، والاقتصاد في إفريقيا و وربما بعد ذلك، فهم قدرات طاقية الاخفاء الصينية، التي تتحكم في السياسة الخارجية، للحكومة الصين، وتقدير متاهات علاقاتها مع العالم، لهذا تاهت السياسة الأمريكية، في  استشراف النقلة التالية التي يلعبها، لاعب الشطرنج الصيني.

.. رؤى المستقبل، كما تبدو لي، ان المنافسة  تحتد بين موروث القوى العظمى"الاستعمارية"، التي دخلت إلى إفريقيا، فيما الحال، يقلق الولايات المتحدة، ليس دفاعا عن أفريقيا، بل لأن الإدارة الأميركية كما الاوروبية، تحتاج إلى التفكير إقليميا، بجدية لتحقيق النجاح، لأن الكعكة الأفريقية حادة وحاذقة الطعم. 
.. بالمناسبة، هناك من يصنع حلوى الفلفل الحار..!