رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

اترك هاتفك خارج غرفة نومك!

تحدث عن السيارات، أو الملابس، أو العطور أو الدورات التدريبية، أيا كان موضوع حديثك، ستفاجأ بإعلانات على حساباتك في جميع وسائل التواصل الاجتماعي متعلقة بموضوع حديثك!

إن هناك من يشاركنا أدق تفاصيل حياتنا، يتنصت على كل ما نقوله،  ليس ذلك فقط، بل يراقبنا من كل الزوايا عبر ميكروفونات وكاميرات هواتفنا الذكية النقالة!

ونحن بسعادة طفل صغير اشترى له والده لعبته الأولى، نفرح ونهلل بعدد الكاميرات في هواتفنا، وجودة تقنياتها الصوتية، متخيلين أن مصنعيها يسهرون ليل نهار حتى يوفرون لنا أفضل الهواتف، بل أننا نقف طوابير منتظرين أحدث إصداراتها!

لا يسأل أحدنا نفسه، لماذا تطلب جميع التطبيقات الإذن بالدخول على الكاميرات وسجل الهاتف، والموقع الجغرافي والميكروفون والذاكرة، وتقدم لنا اتفاقية طويلة بخط لا يكاد يرى بالعين المجردة حتى نوافق على طلبها باختراق كل بياناتنا، وجميعاً يوافق بلا تردد دون أن يجهد نفسه بقراءة سطر واحد من هذه الاتفاقية!

عملية التجسس الممنهجة علينا تتم بوساطة تقنيات الذكاء الاصطناعي المرعبة، إذ تفرز كل كلمة ننطقها أو نكتبها، وترصد اهتماماتنا وعلاقاتنا ومعارفنا وأسرارنا وبيانات حساباتنا البنكية، يمكن القول في كلمة واحدة، إنها "تعرينا" كلياً وتحولنا إلى مجرد سلعة تباع بثمن بخس إلى جميع الشركات وأصحاب الأعمال والتجار!

السؤال الصعب الذي يجب أن نوجهه لأنفسنا الآن، هل بياناتنا في أمان بحوزة مزودي الخدمات الهاتفية ومصنعيها؟

الإجابة بالنفي للأسف الشديد، إذ تعرضت عشرات التطبيقات الكبرى والخدمات الهاتفية البارزة مثل ذاكرة آي كلاود الخاصة بهواتف آيفون للاختراق، وسُربت في السابق صور فنانات ومشاهير، وتعرضوا لإحراج بالغ دون ذنب منهم، فكل ما فعلوه هو حفظها في الذاكرة الخاصة بهواتفهم، وتكرر الأمر مع تطبيق كلوب هاوس وغيره!

تخيل عزيزي القارئ أن الاختراق الإلكتروني طال شركات وتطبيقات ينفق مطوروها مليارات الدولارات لتأمينها، فما بالنا نحن الأفراد البائسين الذين نمنحهم حق التجسس علينا بإرادتنا الحرة!

وهل تعلم على سبيل المثال أن هناك سوقاً سوداء إلكترونية مخيفة لتجارة البطاقات الائتمانية، وان هناك بطاقات سرقت بياناتها حتى قبل أن يستخدمها أصحابها!

ربما يكون الموضوع مثيراً للذعر، لكن هناك حلولاً لتقليل الأضرار أهمها على الإطلاق أن ندرك ببساطة أن هواتفنا ليست آمنة للاحتفاظ فيها بمحتوى شخصي قد يسبب مشكلة حال تسربه مثل الصور الخاصة. 

وإياك أن تقول لي أنك لا تفعل ذلك، فبحسب تقديرات الخبراء تصل نسبة الذين يحتفظون بمحتوى شخصي على هواتفهم إلى نحو 99% من الأشخاص لإحساسهم أنها آمنة طالما أن الهواتف محصنة برمز سري أو كلمة مرور!

الخلاصة عزيزي القارئ، لا تحتفظ بما قد يضرك على هاتفك، ولا تخزن كلمات سر حسابك البنكي أو بطاقاتك الائتمانية في الهاتف، طالما أنه مرتبط بالإنترنت، ويفضل أن تبعده عن غرفة نومك أو تغطي الكاميرا حال وجودك فيها .. وهذا أضعف الإيمان!