رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الكاتب مصطفى نصر يروى حكاية مؤلف أغنية «عنابى»

الكاتب الروائي مصطفى
الكاتب الروائي مصطفى نصر

تعد أغنية "عنابي" من أشهر وأجمل أغنيات الفنان كارم محمود، من كلمات الشاعر الغنائي كامل الإسناوي، والذي لا يعرفه الكثيرين. 

وفي أعماله الكاملة الصادرة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، يروي الكاتب الروائي مصطفى نصر حكاية أغنية "عنابي"، ومؤلفها.

يقول "نصر": حكى لي محمود حسن مؤسس ركن عبد الوهاب، بأن كامل الإسناوي كان يزوره كثيرا في  مكتبه بشارع عرابي - حيث يقابل الملحنين والمغنيين الذين يحرصون على زيارة مكتبه كل يوم تقريبا وعرض عليه يوما، أغنيته الجديدة "يوم واحد"  التي يقول فيها: يوم واحد بس قابلني  واهجرني وغيب شهرين.

وجاء الملحن حلمي أمين بعد قليل، فقال محمود لكامل الإسناوي: وريه أغنيتك الجديدة، فأعجب حلمي بها وبدأ في تلحينها على الفور، ثم غناها بعد ذلك مطرب الإسكندرية عبد الرزاق إبراهيم.
وفي لقاء آخر في مكتب ركن عبد الوهاب أيضا، عرض كامل الإسناوي أغنيته الجديدة عنابي، والتي تقول:عنابى يا خدود الحليوه – أحبابى يارموش الحليوه. فلحنها حلمي أمين على أساس أن يغنيها عبد الرزاق إبراهيم، أو عزت عوض الله فاقترح محمود حسن أن يغنيها كارم محمود الذي رحب بذلك، وغني الأغنية فحققت شهرة كبيرة أعادت كارم محمود إلى عهده الذهبي أيام كان نجم الغناء وبطل أفلام السينما، وكانت هذه الأغنية فاتحة خير لكامل الإسناوي وحلمي أمين معا، وذلك شجعهما لأن يقدما أغاني كثيرة منها: إيه الحلاوة دي لعبد اللطيف التلباني  وقمر 14 يشبهلك بالعين والحاجب لعبد الرزاق إبراهيم، ثم غناها كارم محمود بعد ذلك. ولشريفة ماهر لو أنت اسكندراني أنا برضه مصرية. ولثريا علام مش راح أتوب.

ــ من كمساري بالنقل العام إلى مؤلف أشهر أغنيات الزمن الجميل
ويلفت "نصر" إلى: ذلك النجاح الساحق لكامل الإسناوي جعله يترك عمله ككمساري في إدارة النقل العام ويتفرغ لكتابة الأغنية وترك زوجته "الباتعة"، وابنتيه منها وسافر إلى القاهرة لكي يحقق الشهرة التي حققها حسين السيد ومرسي جميل عزيز وغيرهما من كتاب الأغنية، وغنت شادية له أغنية حبة حبة يا حبيبي من تلحين محمود الشريف. ولحن له محمود الشريف يا دي القمر لمحمد رشدي.  ولحن محمد الموجي أغنيته بعد ست سنين لنجاح سلام، ودلوقتي يا قلبي ومش أنت حبيبي لثريا علام. ولحن محمد محسن أغنيته يا ثورة قومي لنور الهدى. وغنى شفيق جلال يا وابور الساعة 12.

لكن كعادة فناني الإسكندرية وكتابها، يتوهون في القاهرة، ويصدمهم عالم جديد لم يعتادوه ولا يعرفونه.
فحكى لي صديق، بأنه كان جالسا في كافتيريا بالقاهرة  يرتادها الفنانون من مطربين وموسيقيين ومؤلفي أغاني، وكان معه زميل موسيقي على درجة عالية من الثراء،  فوجدا الساقي يتشاجر مع كامل الإسناوي، فقد سحب طلبات كثيرة ولم يجد نقودا لدفع ثمنها، فدفع الموسيقي الثري ثمن الطلبات، وجلس الإسناوي معهما يحكي مأساته، فقد خسر كثيرا عندما ترك عمله الأساسي- ككمساري - ظنا منه، أن الأغنية ستغنيه.

وعاد إلى الإسكندرية مضطرا، واضطرت زوجته أن تعمل في حياكة الملابس لتساعد في الإنفاق علي البيت وتربية إبنتيها منه. وركز أكثر على التعامل مع ملحني الإسكندرية. فمن ألحان محمد أبو سمارة غني عبد الرزاق إبراهيم: صوت الآذان ويا معدي بحر الهوى. وغنت إكرام من ألحانه أيضا: الله يا خبر ولو عديت على بيتنا وأنا وحبيبي. وغنت زينب عوض الله ودعني. وغني أحمد حمدي ونسيتنا من ألحان أحمد سالم. وغنت إكرام سيد الكدابين من تلحين محمد الحماقي وغني عبد الرزاق إبراهيم الشوق يحب الملاغية.  وإكرام غنت الدنيا حلوة من تلحين محمد عفيفي.
ومن ألحان جلال حرب غني صلاح عبد الوهاب سنة حب. والسيد حسني غني يا لايم على قلبي..
وكتب الإسناوي أوبريت غنائي بعنوان الحارس الله غناء عبد الرزاق إبراهيم ومحمد الصغير وزينب عوض الله وإكرام ومن تلحين حلمي أمين.

ويستطرد "نصر": كان كامل الإسناوي يقضي وقته في الجلوس على القهاوي التي يجتمع بها كتاب الأغاني والزجالين، وفي مكتبات بيع الكتب القديمة، فقد كان نهما للقراءة، يقرأ في كل المجالات: الدينية والسياسية والأدبية. وقد أكد لي الفنان إبراهيم عبد الشفيع، إنه كان يذهب معه إلى المكتبة الحجازية المشهورة في زاوية الأعرج بحي بحري، يشتريان الكتب من هناك، بل كانا يقرآنها أحيانا وهما واقفين أمام أكوام الكتب الكثيرة.

ــ شاعر وملحن حول الموسيقي في ورشة نجارة
ويتابع "نصر": ويذهب الإسناوي إلى ورشة النجارة التي يمتلكها صديقه المطرب عبد الرزاق إبراهيم في شارع محرم بك، يتحدثان عن الفن والموسيقى والغناء، وأحس عبد الرزاق بما يعانية صديقه بسبب انقطاعه عن العمل.

وقد كان يتعامل بحكم عمله كنجار للموبيليا مع أصحاب المحلات، فحدث صاحب صالة موبيليات عزمي الشهيرة والتي تقع قريبا جدا من محافظة الإسكندرية بطريق الحرية، فعمل الإسناوي كاتبا فيها، يجلس على مكتب في الداخل ليسجل مشتريات وبيع الصالة، فيذهب الملحنون والمؤلفون لمقابلته والجلوس معه خارج الصالة هناك.  

وظل يعمل في هذه الصالة حتى موته، فقد زاره صديق ذات مساء، وجلسا يتسامران في بيته بشارع السكة الجديدة قريبا جدا من الصاغة القديمة، وفوجئ صديقه بالإسناوي يحني رقبته وهو جالس ويموت.