رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ملاحظات حول مهرجان القاهرة السينمائي.. ارتباك فى الافتتاح ومذيعة غير موفقة وفقرة كوميدية مقحمة

أنا لن أنسى أننى فى مقتبل عمرى من الذين شهدوا بدايات تأسيس مهرجان القاهرة السينمائى الدولى، الذى سجل بتأسيسه دورًا رياديًا فى الاحتفال بالسينما المصرية والعربية والعالمية، بما يتناسب مع الدور الريادى لمصر فى نشأة السينما فى المنطقة، وهذا الدور الريادى فى إقامة مهرجان دولى للسينما فى قلب القاهرة هو دور لا يزال مستمرًا، وإن كان فى حاجة إلى ميزانيات أكبر ليظل أكبر مهرجان للسينما المصرية العربية والعالمية فى منطقة الشرق الأوسط، فقد ظهرت وتأسست مهرجانات فى المنطقة العربية وفى منطقة الشرق الأوسط لديها ميزانيات أكبر وأضخم بكثير من بلدنا ولديها قدرة على جذب الأنظار وعلى استقطاب كبار النجوم من مختلف أنحاء العالم.

وقد رأيت هذه الإمكانات فى مهرجان دبى السينمائى الدولى الذى دعيت إليه فى سنة ٢٠١٠ وتضمن عروضًا لأفلام عالمية تعرض به لأول مرة عالميًا، كما تقام حفلاته بميزانيات ضخمة ويدعو بعضًا من كبار نجوم العالم فى مجال السينما فى كل دورة من دوراته.

ومنذ أيام أقيم لأول مرة مهرجان للسينما بالمملكة العربية السعودية وهو مهرجان البحر الأحمر السينمائى الدولى وحضر افتتاحه بعض من كبار نجمات ونجوم مصر، كما حضر أيضًا بعض من كبار ومشاهير السينما العالمية، وبعض من جميلات السينما العالمية، مثل كيت هدسون وديمى مور وغيرهما، ويحدث ذلك فى إطار انفتاح المملكة العربية السعودية على الحريات وحقوق الإنسان وحركة تقدم وتحديث فى مختلف المجالات، وكنت دائمًا من الحريصين على متابعة الحركة الثقافية والفنية فى مصر والدول العربية، ودائمًا ما كانت السينما والدراما والإبداع على قمة اهتماماتى طوال مشوارى الإبداعى.

ومنذ الدورة الأولى دعانى أستاذنا الكبير الراحل الكاتب الصحفى كمال الملاخ لحضورها، وكان وقتها رئيسًا لجمعية كتاب ونقاد السينما، وبذلك أتيح لى حضور مهرجان القاهرة السينمائى الدولى منذ دورته الأولى فى ١٩٧٦، وحتى آخر دورة، التى انطلقت مؤخرًا يوم الجمعة ٢٦ نوفمبر واختتمت فعالياتها فى٥ ديسمبر، وقد قفزت ذكريات الدورة الأولى إلى ذهنى وأنا أعبر السجادة الحمراء فى حفل افتتاح مهرجان القاهرة السينمائى الدولى الـ٤٣ الذى يعد الآن واحدًا من أكبر وأهم مهرجانات السينما فى الشرق الأوسط.

وعلى المستوى العالمى هو واحد من ١٥ مهرجانًا دوليًا تم تصنيفها ضمن فئة «أ» من قبل الاتحاد الدولى لجمعيات منتجى الأفلام، وتعاقب عليه رؤساء ونجوم مصريون وعالميون وصناع سينما من جميع أنحاء العالم، حتى وصل إلى تولى محمد حفظى رئاسته منذ ٤ سنوات بقرار من وزيرة الثقافة المصرية د. إيناس عبدالدايم، وهذا العام حرص عدد كبير من نجوم ونجمات السينما على حضور حفل الافتتاح، وبينما حضر حفل الختام من النجوم عدد قليل جدًا يعد على أصابع اليد الواحدة، وبعض ممثلين من الصفين الثانى والثالث، ولى عدة ملاحظات سريعة، إلى جانب حضور النجوم أو عدم حضورهم.

أولاها: من الإيجابيات التى شهدها المهرجان هذا العام تقديم كبار الفنانين وصعودهم على خشبة المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية ليقدموا بعضًا من الفائزين بجوائز المهرجان، حيث قرر رئيس المهرجان هذا العام محمد حفظى إعطاءهم نوعًا من التقدير لمشوارهم الفنى الطويل والثرى والرائد، وفى تقديرى أنها لفتة فيها تكريم لدورهم الرائد، وحتى لا يتحول المهرجان إلى الاهتمام بشباب السينما فقط، والدليل على تقدير الجمهور لهم أننا وقفنا جميعًا فى المسرح الكبير تقديرًا لدى ظهورهم، ومنهم مثلًا كبار الفنانين ذوو التاريخ الفنى الثرى رشوان توفيق ولبنى عبدالعزيز وعبدالرحمن أبوزهرة.

ثانيتها: تأخر بدء حفل الافتتاح عن الموعد المقرر بحوالى ساعة، أى أن الحفل بدأ ٩ مساءً بدلًا من ٨ مساءً، مما يعد خطأ فى التنظيم لا بد من تلافيه فى الدورات المقبلة.

ثالثتها: أن الشركة التى تنظم حفل الافتتاح والختام أرسلت جيشًا من الشباب والشابات الذين ينتشرون فى كل مكان وليست لديهم خبرة كافية للتعامل بلباقة مع الحاضرين مما سبب مشاكل مع بعض المصورين والإعلاميين والفنانين الذين حضروا المهرجان وبعض منهم يتعاملون بشكل حاد مع الضيوف ولا يعرفون قدرًا كثيرًا من الحاضرين ولا أماكن جلوسهم، مما سبب حرجًا لبعض الضيوف.

رابعتها: جاء اختيار الإعلامية المتميزة الراقية جاسمين طه زكى موفقًا وناجحًا فى حفل الختام، ونظرًا أيضًا لإجادتها اللغة الإنجليزية مما مكنها من ترجمة بعض الحوارات والكلمات الإنجليزية على المسرح، هذا عكس ما حدث فى حفل الافتتاح، حيث جاء اختيار المذيعة منى عبدالوهاب غير موفق وغير مناسب لمهرجان دولى كبير تقيمه الدولة المصرية، ممثلة فى وزارة الثقافة المصرية، وكان ينبغى اختيار مذيعة ذات خبرة وقدرة على تقديم أكبر حدث سينمائى دولى فى المنطقة، وهو يبث على الهواء وتشاهده الملايين.

خامستها: كانت فقرة الممثل الكوميدى على ربيع مقحمة وغير ضرورية وغير ذات مغزى لتقدم فى حفل الافتتاح وبلا إعداد، وهو عيب يشوب مهرجان القاهرة السينمائى الدولى، فلم يكن هناك داع لوضع هذه الفقرة فى الحفل دون أن يكون لها هدف واضح.

سادستها كأغنية: سينما الحياة: هى أغنية جميلة وموفقة تتناسب مع الحفل، إلا أن اختيار الممثلة الشابة هند عبدالحليم لم يكن موفقًا، لأنها ليست مطربة ولا مغنية، وكان يمكن تقديم مغنية شابة بدلًا منها، أما اختيار الفنان هانى شنودة فكان مناسبًا لتكريمه، إلا أنه لم يوفق فى إطلاق دعابة «أنا قاعد على قلبكم».

سابعتها: كانت لفتة إنسانية من الفنان كريم عبدالعزيز الذى حصل على جائزة الفنانة فاتن حمامة أنه حرص على تكريم والده المخرج الكبير محمد عبدالعزيز الذى حياه الجمهور معه وهى رسالة شكر وعرفان وجهها الممثل لأبيه وهو يعطى المثل والنموذج فى الاعتراف بفضل من أعطى الفرصة، فليس هناك زرع شيطانى فى الفن، ولا فى أى مجال، وقد لاحظت أن معظم الفنانين الشباب من الأجيال الجديدة لديهم نعرة غرور لم تكن فى الأجيال السابقة من صناع السينما والرواد، ويبدو أن الشهرة السريعة التى تحدث للشباب من المسلسلات والأفلام ووسائل الاتصال قد جعلتهم وكأنهم جيل بلا آباء وبلا معلمين.

ثامنتها: جاء تكريم الفنانة نيللى موفقًا ومؤثرًا، وجاء اختيار سمير صبرى ليقدمها موفقًا، لأنهما من جيل واحد أعطى للفن المصرى الكثير فى عدة مجالات، ولأنهما قد قاما ببطولة عدة أفلام معًا، واستطاع سمير صبرى أن يدير حوارًا سريعًا متميزًا، وتظل نيللى دلوعة السينما المصرية وصاحبة الفوازير المحببة إلى الآن من الجمهور، وظهر تقدير الجمهور لها من تحية حارة وقوفًا لدى دخولها خشبة المسرح.

تاسعتها: فى تقديرى أن المهرجان قد أكد استمرار نجاحه فى الدورة الحالية، وتمثل ذلك فى إيجابيات واضحة فى إقامة العديد من الفعاليات المصاحبة للمهرجان وإقبال النجوم على حفل الافتتاح، إلا أنهم غابوا فى حفل الختام، وإقبال الجمهور على الندوات النقاشية وفى ديكورات المهرجان المتطورة، وفى حضور تيرى فيرمون مدير مهرجان كان السينمائى الدولى الذى قال: «إنه حلم أن يكون فى القاهرة وأن يكون فى المهرجان، كما أن المهرجان قد حظى بمشاركة ٩٨ فيلمًا من ٦٣ دولة، وأتمنى أن يستمر التطوير، وأن تتلافى السلبيات، وأن يستمر فى المحافظة على مكانته كأهم مهرجان دولى للسينما فى منطقة الشرق الأوسط مع ظهور العديد من المهرجانات الدولية الجديدة فى منطقتنا، ورغم ظهور هذه المهرجانات الجديدة فى منطقتنا فلا يزال كبار صناع السينما وكبار النجوم العالميين يتطلعون إلى المشاركة فيه، سواء بأفلامهم أو بالحضور إلى القاهرة للتواجد فيه، وعمار يا مصر دائمًا بالسينما وبالفنون الراقية.