رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الطابور المسحور

راجع من سفرية طويلة عن طريق مطار شارل ديجول في فرنسا وعشان بسافر كتير عندي كارت مسافر دايم بيخليني بكل فخر أدخل الطيارة الأول مع ركاب درجة رجال الأعمال مع إني من عشاق الدرجة السياحية غصب عني.

المهم أنت بدل ما تتعب نفسك وتقرأ لوحة المطار عشان تعرف بوابة ركوب الطيارة حاول بص في أشكال الناس اللي حواليك وهتلاقي أكيد حد مصري وامشي وراه. 

على الرغم من أننا مالناش ملامح مميزة، إلا أن إحنا المصريين بنتعرف بعض سواء باللهجة لو بنتكلم أو بصوتنا العالي أو إفيهاتنا المتكررة أو سلوكنا المهم امشي ورا أي مصري هتوصل، مش مهم فين بس هتوصل. بعد ما وصلت واستنيت بكل فخر وكارت المسافر الدايم في إيدي إنهم بينادوا على ركاب درجة رجال الأعمال. 

طقم المطار نادى على الركاب اللي معاهم أطفال والركاب اللي على كرسي متحرك يطلعوا الأول قلت خير عادي لفتة طيبة من شركه الطيران وهانت وهطلع جري بعدهم. وفعلًا بدأ الركاب اللي معاهم أطفال يطلعوا. 

عيلة مصرية ظريفة أب وأم وولد صغير مصري على دراع أمه الست المصرية الجميلة وسمعت في وطني صوت محمد فؤاد وهو بيغني خدني الحنين بعد السنين وحسيت إني هما خلاص كلها ساعات وهبقي وسط أجدع جيران وأصحاب زمان والأغنيه كملت في وداني بعد شويه، فقت لما لاقيت العيلة التانية عبارة عن خمستاشر راكب ومعاهم شحط طفل صغير قلت عادي جايز فعلًا تكون عليه واحدة والخمستاشر عاوزين يقعدوا مع الواد عادي. 

اتكرر نفس المنظر مع كذا عيلة بعد العيلة ديه لدرجة إن جاني إحساس إني شفت الطفل ده قبل كده، وأن مجموعات مسافرين بيسلفوا الطفل لبعض عشان يطلعوا الأول وده طقس من طقوس الفهلوة اللي اخترعناها. 

المهم نظرًا لإحساسي بالسيارات لكتر السفر حسيت أنت كده نص الطياره اتملي بعملية طفل للإيجار لأعلى سعر. 

وأنا تايه في أفكاري وصوت محمد فؤاد اتغير في دماغي بصوت عدوية وأغنية زحمة يا دنيا زحمة، لاقيت عاملة المطار الفرنساوية الرقيقة بتزق كرسي متحرك عليه راجل عجوز كانت أمنية حياته أنه يتدفن في مصر وشكله زي عم أيوب بتاع مسرحية الچوكر. المهم البنت بكل رشاقة زقت الكرسي لغاية ما عدت جدي لقبل باب الطيارة وأنا شايفه من بعيد وفجأة تحول العجوز إلى سبايدر مان وجرى داخل الطيارة وأنا في حالة ذهول وتخيلت ابتسامته وكمان وهو بيطلع لسانه وبيعمل بإيده علامة النصر! 

المشهد اتكرر بس المره دي مع تروللي المطار محمل بستات ورجالة كأنهم أسري بعد معركة وقبل باب الطيارة بيتحولوا لأبطال في الأوليمبياد أو شخصيات شريرة من أفلام الخيال العلمي. المهم بعد ما فقرة الكراسي الموسيقية خلصت بصيت حواليا ألقاني أنا الوحيد اللي ما طلعتش الطيارة! 

طلعت الطيارة آخر واحد وطقم الطيارة بيبصلي على أساس إني أنا مأخر الطيارة وأني شخص غير مسئول، قعدت أدور على الكرسي بتاعي اللي حاجزه جنب الشباك وكالعادة لاقيت شخص قاعد مكاني وقعد يقنعني بفوائد الجلوس في الكرسي اللي ف النص ولأني كنت فقدت كل طاقتي ما كملتش مناقشة وقعدت وحطيت شنطتي على رجلي لأن مبقاش فيه مكان فاضي في أماكن الشنط. 

قعدت طول الرحلة أفكر في سبب عداء معظمنا الطابور، وليه إحنا بنحس أن الطابور إهانة وأن قمة الذكاء إنك ما تقفش في طابور؟ إيه المشكلة أننا نمشي مع النظام؟ 

المهم ما عرفتش أنام زي ما كنت مخطط والطيارة وصلت بحمد الله إلى قاهرة المعز وأول ما فتح الباب كنت فاكر أن اللي محتاج هدوء عشان يخرج زي اللي معاهم أطفال سألوا العيال وجريوا واللي كان طالب كرسي جري وبص للعامل اللي ماسك الكرسي كأنه بيشتمه.

وخرجت زي ما دخلت آخر واحد وفكرة المصريين والطابور مسيطرة على دماغي. خلصت الإجراءات ورحت استلم الشنط ولاقيت كل أصدقائي الركاب مستنيين عند السير اللي أساسًا لسه ما اشتغلش!