رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مناشدات لحكومات أوروبا بحظر «الإخوان» ووقف تمويل منظماتها

الاخوان الارهابية
الاخوان الارهابية

تتوالى التقارير والتحذيرات من قبل البرلمانيين وكبار الشخصيات السياسية في أوروبا من خطورة جماعة "الإخوان" مطالبين حكومات الاتحاد الأوروبي بحظر التنظيم الإرهابي، ومراقبة أنشطته والمنظمات التي على صلة به، واتخاذ إجراءات صارمة للحد من نفوذه في القارة العجوز، مؤكدين أن الجماعة تنتهج أجندة سرية تخدم التطرف وتمول الإرهاب وتعتمد على شبكة معقدة تتخذ العمل الخيري والإنساني كواجهة لتنفيذ أهدافها بالوصول إلى الحكم والتمكين السياسي.

فرنسا

حذرت ناتالي جوليه، عضوة مجلس الشيوخ الفرنسي والسياسية البارزة الخبيرة في الشئون الخارجية، من أن جماعة الإخوان ما زالت تلعب دورًا مهمًا في تمويل الإرهاب حول العالم من خلال التستر وراء منظمات العمل الخيري والإنساني التي تعمل في أوروبا. 

وفي حوار مع صحيفة "آراب نيوز" الناطقة باللغة الإنجليزية، دعت النائبة ناتالي جوليه دول الاتحاد الأوروبي إلى حظر أي تمويل لكل المنظمات والمؤسسات التابعة لجماعة الإخوان في القارة العجوز، وفتح تحقيقات واسعة حول الطريقة التي تقوم من خلالها تلك المنظمات بجمع الأموال وقنوات انفاقها.

ويأتي الحوار بالتزامن مع قيام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم الجمعة بجولة خليجية تبدأ من الإمارات وتشمل قطر والسعودية، يسعى فيها الرئيس الفرنسي بحث القضايا الاستراتيجية الأساسية في المنطقة، وفي مقدمتها ملف الحرب على الإرهاب ومكافحة التطرف وطرق تمويله، بما في ذلك داخل الأراضي الفرنسية، وكيفية تعميق التعاون والتنسيق بين الجانبين الفرنسي والخليجي. 

وتطرقت "جوليه" خلال حوارها مع صحيفة "آراب نيوز" إلى التهديد المتزايد الذي تمثله جماعة الإخوان ودورها في تمويل الإرهاب، والإصلاحات في المملكة العربية السعودية في إطار استراتيجية رؤية 2030، مشيدة بجهود الدولة السعودية في ما يتعلق بمكافحة الإرهاب والفكر المتطرف داعية فرنسا إلى الاقتداء بها.

ولفتت إلى أن جماعة الإخوان لا تزال تلعب دوراً كبيرا في تمويل الإرهاب في أوروبا، مشيرة إلى نفوذ التنظيم في المنظمات والمؤسسات الإسلامية المجتمعية والإنسانية والتي تتخذها الجماعة ستارا لها لتمويل عملياتها الإرهابية.

وأضافت السياسية الفرنسية البارزة "أولا وقبل كل شيء، لدي جماعة الإخوان الكثير من الأعمال الإنسانية ولكنهن يستخدمون نفس الأموال لرعاية ودعم الإرهاب في جميع أنحاء أوروبا. علينا أن نحظر هؤلاء الناس".

 وتابعت "لقد حظرت النمسا بالفعل جماعة الإخوان في النمسا، وألمانيا الآن في الطريق إلى ذلك وأنني احث فرنسا من هذه المنطلق إلى اتباع هذه النهج لمكافحة خطر الجماعة".

وانتقدت "جوليه" على وجه التحديد دور منظمة "الإغاثة الإسلامية"، إحدى أذرع جماعة الإخوان في أوروبا، في تمويل الإرهاب ودعم المنظمات الإرهابية الأخرى حول العالم، مؤكدة إن مسؤوليها التنفيذيين مسؤولين عن نشر رسائل العنف والكراهية على وسائل التواصل الاجتماعي.

وقالت في ختام حوارها "ما يتعين علينا القيام به الآن هو تتبع هذه الأموال ثم محاولة حظر أي تمويل لهؤلاء الأشخاص (الذين على صلة بجماعة الإخوان). علينا أن نتحقق ونجري تحقيقات قوية حول كيفية جمع الأموال وماذا يفعلون بهذه الأموال، وعلينا أن نوقف أي تمويل للإرهاب بشكل مطلق".

النمسا

وفي النمسا، يعقد قادة حزب الشعب المحافظ اجتماع الجمعة لتحديد من سيتولى قيادة الحزب والبلاد، بعد سلسلة من الاستقالات البارزة وبعد وقت قصير من انسحاب سبستيان كورتس، زعيم حزب الشعب الحاكم، من الحياة السياسية واعتزاله العمل السياسي، وإعلان خليفته ألكسندر شالنبرج استقالته بمجرد الاتفاق داخل الحزب على رئيس جديد. 

وتشير العديد من التقارير الصحفية النمساوية إلى أن وزير الداخلية كارل نيهامر، المعروف باجراءاته ضد جماعة "الإخوان"، لن يصبح فقط الزعيم الجديد لحزب الشعب المحافظ خلفا لـ كورتس لكنه يقترب أيضا من منصب المستشار الاتحادي للنمسا، مما ينذر باجراءات أقوى ضد الجماعة الإرهابية كون أن "نيهامر" كان يمثل أحد أطراف القوة الدافعة لسياسة الحكومة النمساوية القوية ضد التنظيم في العامين الماضيين، لتكمل سلسلة الضربات القوية المتلاحقة التي تتعرض لها "الإخوان" في أوروبا. 

وفي هذا الصدد، قالت صحيفة "دير ستاندرد" النمساوية، إن كارل نيهامر هو الشخص المناسب لهذه المنصب بسبب خلفيته العسكرية والسياسية، فضلا عن خبرته مهارته في الخطابة وتوليه عده مهام ووظائف في الحزب الفيدرالي، مشيرا إلى إنه عندما تولى سيباستيان كورتس رئاسة حزب الشعب في عام 2017، تمكن نيهامر من كسب ثقته بشكل سريع.

وأضافت "نيهامر لديه مسيرة مهنية قوية، حيث تقدم من عضو في المجلس الوطني إلى أمين عام، وجعل حزب الشعب في المقدمة وفقًا لرغبات كورتز"، وتابعت "كان أكثر من كونه أمينًا عامًا، كان ممتص الصدمات، وبفضل ولائه للحزب أصبح وزيرا للداخلية في غضون سنوات قليلة". 

وواصلت " نيهامر، البالغ من العمر 49 عاما، يمتلك من مهارات الخطابة ما يجعله يظهر وكأنه يخترق الهواء أو يمسكه أو يضربه بيديه، بسبب نبرته الشديدة وحزمه في إدارة الأمور، ورغم ذلك بإمكانه أن يكون بنّاءً وودودًا في الأوقات التي تتطلب ذلك".

وأشارت الصحيفة إلى أن كارل نيهامر عاش أصعب أوقاته كوزيرا للداخلية خلال الهجوم الإرهابي في النمسا في نوفمبر 2020، الذي يقف ورائه جماعات الإسلام السياسي، حيث كان يبحث وقتها عن كلمات مناسبة لاستحضار التماسك الاجتماعي وتوحيد البلاد، متوقعة أن يضيف "نيهامر" بعض الجوانب الجديدة لأسلوبه الحازم في مكافحة الإرهاب في حال توليه منصب مستشار النمسا. 

من جهتها، تشير صحيفة "كرونين تسايتونج" النمساوية واسعة الانتشار إلى أن نيهامر الذي عمل منذ بداية ٢٠٢٠ كوزير للداخلية، أدار المداهمات ضد الإخوان الإرهابية في ٤ ولايات نمساوية في نوفمبر٢٠٢٠، وتواجد على الأرض بشكل فعلي مع القوات التي نفذت المداهمات، كما أنه تحدث في أكثر من مناسبة عن ضرورة "مكافحة الإسلام السياسي" بلا هوادة"، ووصف المداهمات ضد الإخوان بأنها "أكبر نجاح ضد الإسلام السياسي"، فضلا عن تغنيه بنجاح قرار حظر رموز الجماعة في تقييد ظهورها العام.

 وفي عهد كارل نيهامر كوزيرا للداخلية، تم سن عدة تشريعات وقانين اتاحت تغليط العقوبات على البيئات الحاضنة للمتطرفين وسهلت عملية مراقبتهم، مما يضيق الخناق بشكل أكبر على إرهاب الإخوان في أوروبا. 

تضرب النمسا مثالا قويا لكل أوروبا في طريقة التعامل مع تنظيم الإخوان الإرهابي، سواء من خلال حظر شعاراته بعد تشريع قانون حظر شعارات ورموز التنظيمات الإرهابية أو توجيه ضربات أمنية لقواعده، مما يساعد بشكل كبير على الحد من ظهور هذه التنظيمات وشعاراتها في البلاد، وكذلك مراقبة خطاب الكراهية والتشدد الديني، واستغلال شبكة الإنترنت في هذه الأغراض، وفق حزمة مكافحة الإرهاب الجديدة التي سنتها النمسا موخرا. 

هذا فضلا عن تنفيذ الشرطة النمساوية في عهد كارل نيهامر مداهمات في عدة مدن استهدفت أشخاصا وجمعيات مرتبطة بالإخوان الإرهابية، مثلت ضربة قوية لقواعد وأذرع الإخوان في النمسا ووضعتها تحت الاشتباه الرقابة الأمنية، ووصفها نيهامر في وثيقة سابقة أرسلها للبرلمان بـ "النجاح الكبير".

البرلمان الأوروبي

وفي السياق ذاته، ابرزت وكالة أنباء آسيا الدولية (ANI) تقريرا اصدرته كتلة المحافظون والإصلاحيون الأوروبيون (ECR) في البرلمان الأوروبي في أكتوبر الماضي للتحذير من خطر إيديولوجية "الإخوان" وأنشطتها وعدم الانخداع بورقة اللاعنف والصورة الزائفة التي تحاول تصديرها بأنها داعمة للديمقراطية، مؤكدة إن الجماعة لديها شبكة معقدة سرية هدفها النهائي هو الحكم والتمكين السياسي.

وأيدت الوكالة، الذي يقع مقرها الرئيسي في نيودلهي بالهند، في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني، تقرير النواب الأوروبيين بشأن الإخوان وتحذيرهم من التمويل والدعم المالي للمؤسسات التابعة لها ذات الطبيعة السرية في القارة العجوز، مشيرة  إلى ان الجماعة تعتمد على الانزواء الخفي من أجل التمكن من تحقيق مصالحها، وبالتالي يجب على الحكومات الأوروبية التي تكافح التطرف السعى لتجفيف منابع هذا التمويل. 

وأضافت الوكالة "حذر التقرير من السقوط في فخ المثل العليا التي تزعم جماعة الإخوان إنها تتبناها من خلال محاولة الظهور بمظهر إنها داعمة للديمقراطية الليبرالية والقيم الغربية في حين أن وسائل (الإخوان) بما في ذلك التحالفات التكتيكية مع الحركات التقدمية تظهر أن هدفها التي تربو إليه في النهاية هو الحصول على القوة السياسية أو التمكين السياسي من أجل بناء دولة إسلامية قائمة على الشريعة (وفقا لرؤيتها التطرفية)". 

وأشارت الوكالة، إلى أن تنظيم الإخوان تحاول استخدام الوسائل اللاعنيفة لتحقيق أهدافها في أوروبا من خلال الانخراط في العمل المجتمعي والتأثير على الجاليات الإسلامية هناك ونشر إيديولوجيتها المتطرفة بينهم وإقامة شبكة معقدة وسرية من العلاقات واتخاذ المنظمات غير الحكومية، والمؤسسات الإغاثية بشكل خاص، واجهة لأنشطتها وعملياتها الإرهابية، محذرةً من تمويل الجمعيات الإسلامية القريبة من "الإخوان" بالمال العام الأوروبي.

وتابعت "يدعو تقرير البرلمان الأوروبي المفوضية إلى وقف جميع التمويلات المقدمة إلى المنظمات التي على صلة بجماعة الإخوان، وفي مقدمتها منظمة (الإغاثة الإسلامية) العالمية والمنظمات التي تنتدرج تحت إدراتها، وسط تحقيقات بارتباطها بنشر التطرف في أوروبا لعلاقتها الوثيقة بتنظيم الإخوان".

واختتمت "الوضع المتطور الآن يتطلب استجابة سياسية من جانب أوروبا والدول الأخرى لمثل هذه التقارير التي تكشف خطر الإخوان وغيرها من جماعات الإسلام السياسي حتى يتمكنوا من حماية مواطنيهم من مثل هذه الحوادث على أراضيهم".