رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الشرعية وقميص عثمان


الأمر الذى قد يدفع الحكومة المصرية، إلى التضييق على الناس من أجل مقاومة الإرهاب الذى بدأ يتفشى بعمق. وقد يتساءل البعض : لماذا ﻻ تكون الحرب على اﻹرهاب طريقا لتحقيق وتعميق الديمقراطية؟

انقسمت مصر يوم 25 يناير 2014 إلى قسمين، الأول يحتفل بصخب وموسيقى وفرح. وهم أعداد كثيرة تجمعت فى ميادين القاهرة والمحافظات، وفريق احتفل على طريقته بمحاولة منع الفريق الأول من الاحتفال، والتنكيد عليه بالمفرقعات والديناميت، وتفجير مقار الشرطة. ونتج عن ذلك قتلى وجرحى، وكثيرون فقدوا أعضاءهم، ومنهم بعض الأبرياء ممن لا ناقة لهم ولا جمل، وبعض المغرر بهم، ممن ظنوا أن فى الأمر شيئاً لله. القتلى والجرحى لا أقول من الجانبين، ولكنهم فى كل الحالات مصريون.

والغريب أن مسلسل القتلى من المصريين، لا ينقطع، بل ويكاد أن يكون يومياً.أشاهد دائما كل القنوات الفضائية العالمية والمحلية، ولم ار قتيلا واحداً، فى أى مكان فى العالم، يسقط بلا سبب، سوى عندنا، ولم أر أبدا تنازعا على السلطة، يسقط فيه قتلى إلا عندنا فى مصر، وفى منطقتنا العربية. إنه تقليد ورثناه عن القدماء، لا سلطة إلا بالدم. ولم يصل أحد للحكم بعد الخلفاء الراشدين إلا بآلاف القتلى، الدولة الأموية والعباسية وغيرها من الدول التى تداولت على حكمنا، والعثمانيون، كانت قتلانا منهم ومن الفرنسيين.

فى المجتمعات الحرة والراقية حسموا تلك المسائل .وفصلوا الدولة عن الدين. ومهما يكن من أمر، فإن السيناريو الذى حدث بعد 30 يونيو 2013، كان معداً له سلفا فى يوليو 2012، لو أعلن فوز أحمد شفيق ــ المرشح المنافس للمرشح الإخوانى محمد مرسى ــ وأدخلت على الخطة تحسينات وتمويل، أصبحت أشد خطرا وفاعلية.المهم أننا فى 25 يناير 2014، وصلنا إلى مفترق الطرق، وأصبحت مصر طرفين.

طرف يتمسك بالشرعية، كما تمسك الأمويون بقميص سيدنا عثمان بن عفان، وجعلوه مقابلا للوصول إلى الحكم، وأصبحت الشرعية هى الأساس الذى نتقاتل عليه. وقسم آخر يتمسك بشرعية الملايين، التى خرجت يوم 30 يونيو 2013، للثورة على الإخوان. لأجل هذا لن تهنأ أى حكومة فى مصر. مهما كانت شرعيتها بالحكم، أو حتى الاستقرار، وستظل المعارضة المسلحة، هى شعار المعارضة فى مصر.

وما رأيناه خلال هذا 25 يناير 2014، هو أن المسألة أصبحت مسألة حياة أو موت، وهو ما ينذر بعواقب مخيفة، قد لا يمكن تداركها، وهو الأمر الذى تسعى له الولايات المتحدة الأمريكية، وهو أن نأكل بعضنا البعض، وهى تتفرج.

وهو الأمر الذى قد يدفع الحكومة المصرية، إلى التضييق على الناس من أجل مقاومة الإرهاب الذى بدأ يتفشى بعمق. وقد يتساءل البعض : لماذا ﻻ تكون الحرب على اﻹرهاب طريقا لتحقيق وتعميق الديمقراطية؟

ممكن فى إطار قانون للعدالة الانتقالية. لكن ذلك سيشمل اﻹخوان، وقيادات الوطنى، وقيادات الشرطة المتورطة فى ممارسات تعذيب، وانتهاكات لحقوق اﻹنسان. فكرة العدالة الانتقالية جربتها المغرب، وجنوب أفريقيا، وهى فكرة مهمة وحضارية، ويمكن تطبيقها.

ومع ذلك فيجب أن أقول إنه يجب أن يسبق ذلك خطوتان. اﻷولى تطهير الداخلية من خلايا إخوانية، نائمة أو مكشوفة. الثانية. تطبيق استراتيجية منضبطة وفعالة لمحاربة اﻹرهاب تنزل باﻹرهابيين ضربات موجعة جدا. بعد ذلك يمكن تعميم فكرة العدالة واﻹنصاف.

■ خبير أمنى