رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الطبيعة والتراث والرمز.. ركائز رئيسية فى أعمال الفنانة التشكيلية أمنية جمال

إحدى اللوحات
إحدى اللوحات

تنطلق الفنانة التشكيلية أمنية جمال في لوحاتها من عدّة ركائز جمالية، إذ تبدو تلك الركائز كسمات مشتركة موجودة في الكثير من أعمالها، والتي يمكن محاولة إجمالها في عدّة نقاط.

 

 

السمة الأولى التي تطل كعامل مشترك بين أغلب لوحات أمنية جمال تتمثل في ارتكازها على الطبيعة، لكن بصورة مميزة، حيث لا تعمد الرسامة المصرية الشابة إلى نقل الطبيعة كما هي، أو محاولة خلق مكافئ بصري لها، إنما تسعى لرسم التقاطات مميزة، مفعمة بالرمز، فلا تبدو الحيوانات مثلًا أو الحشرات في لوحاتها مجرد كائن موجود في الطبيعة جرى نقل شكله إلى الورق، بل يتحول إلى دلالة، كما في صورة النحلة، حيث يستطيع الناظر إلى الشكل المرسوم تأويله بطرق مختلفة، فملكة النحل أنثى، وبناءً عليه يمكننا أن نستشف القيمة الرمزية، للتاج المرسوم بجانبها، كما تبدو خلايا النحل السداسية كرمز آخر مرتبط بمسألة الإنتاجية والعمل، وبالتالي تبدو اللوحة كرسالة مرمّزة: المرأة المعاصرة، ليست مجرد تابع للرجل، ولم تكن كذلك عبر التاريخ، فهي شريك، وعنصر إنتاجي، بل وهي ملكة متوجة ضمن مجتمع النحل المتجانس، هي واهبة الحياة، وهي أيضًا مانحة العسل، الذي يمكن تفسيره هنا على أنه "مباهج الحياة" إن صح التعبير.

 

 

أما الركيزة الثانية، فتتجسد في ميلها للاستناد على التراث، في تجلياته المختلفة، كالحرف العربي في خط مثل الخط الثلث أو خط الإجازة وكلاهما يمثل عمقًا للثقافة العربية، الضاربة بجذورها في التاريخ. 

 

والعنصر التراثي لا يقتصر في لوحات أمنية جمال على الخطوط الكتابية ورسم الحرف العربي، فنرى مثلًا في لوحتها التي تجسد رجلًا يرقص بالتنورة، محاولتها لرصد حالة التسامي التي يعيشها الراقص بالتنورة، أو رجل المولوية، وهنا يتجلى عمق المعنى في اللوحة، حيث يمكن ردها إلى الجذر المصري "الرقص بالتنورة" أو الجذر المرتبط بجلال الدين الرومي مؤسس الطريقة الصوفية الشهيرة المعروفة باسم "المولوية"، حيث يبرز التداخل الثقافي بين بلدين بعيدين مثل مصر موطن راقصي التنورة، وأفغانستان بلد القطب الصوفي جلال الدين الرومي. هذا عدا عن الزاوية المميزة التي سعت الفنانة من خلالها لتقديم تلك الالتقاطة، وكأن عينًا عليا، سماوية، ترصد ذلك المتعبد أو الراقص بالتنورة، مع مزيج لوني بسيط يجمع بين الفضاء الأسود، واللون الذهبي لجسد الراقص بالتنورة، وكأن ذلك إشارة إلى أن البعد الروحي هو العنصر المضيء في هذا الكون الشاسع.

 

 

وأخيرًا، يأتي توزيع الألوان البسيط، ومنح كل لون، بتدريجاته، مساحة كبيرة، دون اللجوء إلى الصخب بخلطات لونية متفجرة، كسمة واضحة في لوحات أمنية جمال، إذ تشتغل الفنانة الشابة على المعنى والرمز، وتوليهما أهمية أكبر من أهمية زخم الألوان وتزاحمها، ربما لأن ذلك التزاحم اللوني قد يلغي المعنى المراد توصيله، وفي الوقت عينه فإن الألوان التي تشكل اللوحة، لا تكون ناقصة أو فقيرة، وإنما تكون كافية لتأدية دور جمالي معين، وبالمثل توصيل المعنى والرمز المطلوبين في كل لوحة على حدة، ويمكن رؤية ذلك في الرسومات التالية.

 

 

وتجدر الإشارة هنا إلى أن أمنية جمال تستعد لإقامة معرض للوحاتها في أحد الجاليريات في المعادي مطلع العام المقبل 2022.