رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سيناريو صحفي.. عندما اهتزت القاهرة بركلة «قافش الفراخ»

هدف أفشة
هدف أفشة

(1)

«لم يكن التعاقد مع الأهلي سهلًا، عانيت كثيرًا للوصول إلى هنا».. اللاعب المصري محمد مجدي أفشة في مقابلته التلفزيونية مع إسلام الشاطر كأحدث صفقات النادي الأهلي، منتقلًا من صفوف نادي بيراميدز.

الزمان: 2 أغسطس 2019

المعاناة انتهت الآن وأفشة أصبح من أهم لاعبي النادي الأهلي، لا يتوقف عن الاحتفال بالأهداف القاضية، بل هو الترس المتحكم في تحريك الملعب بأكمله، استطاع أن يحقق حلم والده، الذي طالما تمنى رؤيته لاعبًا داخل «القلعة الحمراء».

«أفشة» الذي كان يحلم نادي الزمالك بضمه قبل عامين، خطفته الأضواء الحمراء، وفّضل سماع اسمه يهز مدرجات «التالتة شمال».

أول ظهور لأفشة مع النادي الأهلي

(2) مشهد 1
 «نهار-خارجي»

قرية كومبرة بمحافظة الجيزة
الزمان: 2003

يجلس الطفل محمد مجدي أفشة برفقة والدته داخل السوق، يساعدها في عملها كبائعة فراخ، وكان تخصصه الوحيد حينها "قفش الفراخ" وذبحها، من هنا أُطلق عليه لقب «أفشة»، فقد تميّز بشكل كبير في اصطياد الفراخ داخل السوق، وجذب الأنظار حوله منذ الصغر.

بعد الانتهاء من عمله، يذهب «أفشة» برفقة والده إلى المدرسة الإعدادية داخل القرية للعب مع أصدقائه، رافضًا خوض أي لعبة غير كرة القدم، كان يلعب بشراهة كبيرة، آملًا أن ينظر أحد إلى موهبته الفطرية، ويساعده في الانضمام إلى صفوف النادي الأهلي.
 

استطاع الطفل الصغير أن يصبح في فترة وجيزة أصغر لاعب يشارك في دورات كرة القدم بالقرية، وكان يصمم على اختيار أضعف فريق في الملعب لخوض التحدي أمام الكبار، مرتديًا قميص النادي الأهلي، حتى التحق بصفوف نادي إنبي حين كان عمره 11 عامًا. 

(قطع)

(3) مشهد 2

«نهار- خارجي»

ستاد برج العرب 

الزمان: 13 إبريل 2019

يدخل المدير الفني لفريق صن داونز «بيتسو موسيماني»، أرضية الملعب خلال تأدية اللاعبين للإحماءات قبل خوض مباراة العودة مع النادي الأهلي، بعد أن حقق فوزًا كبيرًا على أرضه في مباراة الذهاب بنتيجة 5 مقابل لا شيء لصن داونز.

لم يفكر «موسيماني» في شيء سوى الاتجاه قرب جماهير «التالتة شمال» الذين رجّوا استاد برج العرب بهتافاتهم الحماسية، وبدأ في التقاط صور وفيديوهات تذكارية للجماهير وهي تحفز اللاعبين للعودة بالنتيجة الساحقة التي حققها فريق "صن داونز".

المشهد الذي عاشه المدير الفني للفريق المنافس، جعله يخرج عن شعوره وينسى ما قد أتي لأجله، وبدأ يحدث نفسه، قائلًا: «مكاني هنا.. هذا أعظم نادي رأيته في حياتي»، ليتحقق الحلم بعد عام ونصف، ويتعاقد النادي الأهلي مع موسيماني في أكتوبر 2020.

موسيماني يصور جمهور الأهلي

(قطع)

(4) مشهد 3

«ليل- خارجي»

ملعب مركب محمد الخامس بالمغرب

الزمان: 17 أكتوبر 2020
 الدقيقة 4 والمباراة ساخنة بين فريقي الأهلي والوداد المغربي، الفريقان يريدان الصعود إلى نهائي دوري أبطال أفريقيا، الجماهير المغربية تشجع لاعبيها وتحاول أن تخرج لاعبي الأهلي عن سيطرتهم، وإذ فجأة تسبب أحد مدافعي الفريق المغربي في خطأ فادح ليستغله لاعب النادي الأهلي «أفشة» على الفور ويسجل الهدف الافتتاحي، ويقلب موازين المباراة رأسًا على عقب.

الجميع في حالة تأهب، موسيماني يريد أن يفوز في أول مشاركة له مع النادي الأهلي ببطولة أفريقيا، خاصة وأنها خارج الديار، الجماهير المصرية تهتف: «أنقذنا يا بيتسو، نريد السيطرة على القارة السمراء من جديد».
 ضربة موجعة تلقاها الفريق المغربي في الدقيقة 62، اللاعب التونسي علي معلول يسدد ركلة جزاء بنجاح، والنادي الأهلي يضع قدم واحدة في مباراة النهائي المنتظرة، لحين اجتياز مباراة العودة في القاهرة بسلام.

احتفال أفشة وموسيماني بالهدف الأول ضد الوداد

(قطع)

 (5) مشهد 4

«ليل- خارجي»

استاد القاهرة الدولي

الزمان: 27 نوفمبر 2020

صوت موسيماني متداخلًا مع لاعبي الفريق داخل غرفة الملابس قبل النزول إلى أرضية الملعب، ملقيًا عليهم كلمات التحفيز والتحذير: «أمامنا ساعتين فقط لتحقيق اللقب.. أطلب منكم التحلي بالهدوء والابتعاد عن أي أمور شخصية داخل الملعب.. نعرف جيدًا ما ينتظره الجمهور بالخارج».
جماهير «المارد الأحمر» تشعل استاد القاهرة: «أفريقيا يا أهلي.. بالدم بالروح أفريقيا مش هتروح»، الفريقان يستعدان لبدء المباراة، والحكم يطلق صافرة المباراة الأبرز في تاريخ الفريقين على الإطلاق، في البطولة المفضلة لكبار أفريقيا، والتي جمعتهما لأول مرة في النهائي.

فوق أرضية الملعب، وقف موسيماني «الرجل المنقذ» كما تنبأت الجماهير بما سيقدمه مع النادي الأهلي، ليحفز اللاعبين ويوجههم للالتزام بالخطة التي وضعها للفوز بالبطولة المحببة الكبرى دوري أبطال أفريقيا.

الحكم يطلق صافرة انتهاء الشوط الأول بنتيجة هدف مقابل هدف في مباراة دراماتيكية، واللاعبون يتجهون إلى غرفة الملابس.

موسيماني يجلس في صمت، تاركًا الفرصة لقائدي الفريق من أجل تحفيز اللاعبين على التهام نجيلة الملعب في الشوط الثاني، القائد محمد الشناوي يُعنف زملائه بشدة: «نحن هنا اليوم لتحقيق البطولة، لن نتنازل عن حلمنا مهما حدث». 

الشناوي يوجه لاعبي الأهلي

(6)

القاضية ممكن

في تمام الدقيقة 85:45، من وقت المباراة، تستقبل شباك نادي الزمالك قذيفة مدوية لم يتوقعها أحد، الجميع أصابه الجنون، معلق المباراة لم يعلم هوية الشخص المسجل للهدف الأفضل في البطولة، حسب اختيار الاتحاد الأفريقي «كاف» لسرعتها الشديدة، كان يظن في البداية أن اللاعب التونسي علي معلول هو صاحب الهدف القاتل، حتى أدرك بعد ثوانِ عدة أن القاضية كانت بركلة «أفشة».

«هل هو معلول أم لااا.. لا هو تسعتاش.. هو أفشة.. هو ولدنا أفشة.. كي جولاثو يا أفشة.. مجدي الصياد ليس لاعب الاسماعيلي من زمان.. هذا أفشة صياد الأهلي.. أنت صياد وقناص يا بيتسو».. الجمل التي أطرب بها عصام الشوالي مشجعي الأهلي في ذلك اليوم، لم تفارقهم لحظة، يحفظونها جيدًا كما حفظوا هتافات وأناشيد «الشياطين الحمر»، يرددونها في كل مكان وكل زمان، فهي المباراة الأغلى في التاريخ، وهو الهدف الأعظم على مدار السنوات الماضية، والبطولة التي غابت عن النادي الأهلي 7 سنوات.

شاشة الملعب كانت تضئ بنتيجة هدفين لهدف على نادي الزمالك، والحكم يشير إلى 5 دقائق وقت بدل ضائع، لاعبو الزمالك يحاولون اختراق دفاع النادي الأهلي، وتسجيل هدف التعادل للتمسك بأي أمل يقربهم من تحقيق البطولة، الدقائق الخمس مرت على الفريقين كساعات، يسابقان الزمن للوصول إلى مرادهما، حتى أعلن الحكم الجزائري عن انتهاء المباراة، واهتزت المدرجات بصراخ مشجعي ولاعبي الأهلي: "أفريقيا للكبار.. وأنت يا أهلي الأسطورة".


«هذا أغلى هدف في حياتي.. تدربت عليه كثيرًا وحققته أكثر من مرة».. اللاعب مجدي أفشة في تصريحاته عقب مباراة نهائي القرن، معبرًا عن سعادته بحصد البطولة الأفريقية التاسعة، والتي أهداها لجماهير النادي لدعمهم طوال الوقت.

تتويج النادي الأهلي بالبطولة الأفريقية التاسعة

(قطع)
 (7) مشهد (5)

«نهار- داخلي»

الزمان: 27 نوفمبر 2021

يستيقظ اللاعب محمد مجدي أفشة من نومه في الصباح الباكر، متذكرًا تفاصيل ما حدث في اليوم نفسه من العام الماضي، حين اهتزت القاهرة بالركلة الصاروخية التي سددها، وظلت عالقة في أذهان المصريين حتى يومنا هذا.
الجميع يعتقد أنها كانت القاضية، لكنه يرى شيئًا آخر، فالقاضية هي نهاية الحلم وتحقيق الفوز الأخير، «أفشة» حلمه لم يبدأ بعد، يريد الوصول إلى ما هو أعلى من ذلك، يسعى لتحطيم أرقام وبطولات جديدة مع "المارد الأحمر"، يفكر في الأيام المقبلة وما سيحدث فيها، البطولات التي ينتظرها الجمهور، وكيف سيعمل الفريق على تحقيقها مرات أخرى.

حديث أفشة عن الذكرى الأولى للهدف التاريخي

يبعث رسالة مفعمة بالأمل لكل شاب يرغب في تحقيق حلمه، بأن السعي والاجتهاد هما أركان النجاحات، يحاول الابتعاد بشدة عن استفزاز الجمهور المنافس بكلمة «القاضية ممكن»، كونه يعلم شعورهم جيدًا تجاه تلك المباراة التي يريد كل مشجع لكرة القدم أن يراها تتكرر مرة أخرى.