كلمة السر فى إيقاف مطربى المهرجانات!

القرار الأخير الذي أصدره الفنان الكبير هاني شاكر، نقيب الموسيقيين، بمنع عدد من مطربي المهرجانات من الغناء، وما صاحبه من جدل صاخب، يعكس في المقام الأول غياب ثقافة الاختلاف.

مشكلتنا الكبيرة في اعتقاد البعض أنهم يحتكرون الحق أو الصواب، لذا سمعنا وقرأنا سجالاً ما بين مؤيد ومعارض لهذا القرار دون أن يضع احتمالاً ولو بسيطاً أن يكون كل منهما محقا في جانب ومخطئا في آخر، وأن هناك مساحة مشتركة لاحتواء الجيد أو حتى المقبول من شباب المهرجانات، واستبعاد الرديء بل ومعاقبة كل من يتورط في تقديم محتوى مخل أو مسيء.

خلاصة هذا الجدل هو تطبيق القانون، وليس المنع أو الحرمان، فلا أحد ينكر أن الذائقة الفنية لدى الملايين تذهب إلى هذه الأغاني، ومن الخطأ تجاهل ذلك، خصوصاً أن هذا النمط من الموسيقى منتشر بأشكال مختلفة في غالبية دول العالم، وهناك مئات الملايين يعشقون موسيقى الراب رغم ما تتضمنه أحياناً من مفردات غير مقبولة!

لا شك أن عدداً من مطربي المهرجانات الذين صدر بحقهم قرار المنع يؤدون بشكل مقبول وأصبحوا أمراً واقعاً، بدليل عدد المشاهدات الهائلة التي يحققونها على قنواتهم في منصة يوتيوب وغيرها، وهذا ما يمكن أن نتفق بشأنه مع الفريق المعارض لهذا القرار، حول عدم منطقية منعهم بقرار يصعب تنفيذه على أرض الواقع.

ولعلنا نتذكر ردود أفعال المجتمع حين ظهر منذ زمن مطربون كانوا عرضة للتنمر والسخرية باعتبارهم نماذج للفن الهابط، والآن صاروا رموزاً للفن  الأصيل.

إن الحياة تتطور وما لا يتقبله البعض اليوم من الممكن أن يفرض نفسه غداً، لذا أعود إلى "القانون" كلمة السر في جميع شئون حياتنا، فأرى أن الحل ببساطة تطبيقه على هؤلاء المطربين، فمن يلتزم منهم بأداء غير مخل أو مجرم، يسمح له وفق اشتراطات مقبولة تحددها النقابة.

وبما أن الممنوعين بموجب القرار ليسوا أعضاء نقابة وبالتالي غير مخاطبين بقانون نقابة المهن الموسيقية، فمن يتورط منهم في أي محتوى أو سلوك مخل يطبق بحقه قانون العقوبات أو تقنية المعلومات، ويتولى تنفيذه الجهات الرقابية المختصة، وليس نقابة المهن الموسيقية.

لا شك أن من مهام النقابة النهوض بفنون الموسيقى والمحافظة على التراث، وكذلك رعاية مصالح أعضائها، لكن هذا لا يعني أن تتشدد وتستخدم طرق لا يمكنها تنفيذها بأي حال من الأحوال في ظل الثورة الرقمية التي تتيح نشر المحتوى في جميع المنصات بضغطة زر، بل تدر أرباحاً هائلة على أصحاب هذا المحتوى، خصوصاً مطربي المهرجانات دون الحاجة إلى استئذان النقابة.

الفنان هاني شاكر محق في ضرورة عدم السماح بالإسفاف وإفساد الذوق العام، لكن تظل هناك منطقة وسطى تستوعب مطربي المهرجانات.

• محامٍ بالنقض