رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مستجدات الأزمة العالمية ونظرة على السوق المصرية

تستمر مشكلة الاقتصاد العالمى فى التوسع وتخيم بظلالها على أداء العديد من الدول والشركات فى كل مكان تقريبًا، فأيًا ما كان مكانك على الخريطة حتمًا ستكون قد تأثرت بدرجة أو بأخرى بما يحدث هذه الفترة من اضطرابات على جميع المستويات.

أحدث إحصائيات التضخم فى الولايات المتحدة عن شهر أكتوبر الماضى، تبين أنه قد وصل إلى أعلى مستوى فى ٣٠ عامًا، بينما تكاليف الإنتاج فى الصين عن نفس الشهر وصلت إلى أعلى مستوى فى ٢٦ عامًا.

أما فى مصر فقد شاهدنا ارتفاعات فى أسعار الزيوت والبيض والدواجن وعدد من السلع الغذائية، وفى نفس الوقت ارتفعت أسعار مدخلات الإنتاج فى صناعة العقارات والتشييد والبناء مثل الأسمنت والألومنيوم نتيجة ارتفاعات الأسعار العالمية وتمرير جزء من هذه الزيادة إلى المصانع والشركات.

لكن فى الأسبوع الأخير لوحظ انخفاض فى سعر كرتونة البيض ليصل إلى ٤٠- ٤٥ جنيهًا بدلًا من ٥٥- ٦٠ جنيهًا فى منتصف نوفمبر الماضى، مقارنة بالسعر فى الأوقات الطبيعية الذى يدور حول ٣٠- ٣٥ جنيهًا، أما بالنسبة لزيوت التموين فأعلنت الوزارة عن رفع سعر الزجاجة سعة لتر عدة مرات من ١٧ إلى ٢١ ثم إلى ٢٥ جنيهًا، أى بنسبة ٤٧٪، فى الوقت الذى زادت الأسعار العالمية بأكثر من ٢٠٠٪ آخر ٦ أشهر.

المشكلة التى تضرب العالم حاليًا عميقة ومتشابكة بل ومعقدة للغاية، للدرجة التى اضطرت وزارة التجارة الصينية لإبلاغ المواطنين بضرورة تخزين كميات من الأغذية والطعام فى الفترة المقبلة بدون توضيح أسباب ذلك، العديد من التحليلات تشير إلى انفراط العُقد من الحكومة الصينية وتجاوز حجم الأزمة لقدرتها على احتوائها وتحجيمها.

أما البيت الأبيض فلا يزال يطلق التصريحات ويعقد الاجتماعات والاتصالات لكبح زيادة أسعار البترول والضغط على المنتجين لزيادة الإمدادات والإنتاج، بينما تقول الدول المنتجة، مثل السعودية وروسيا ونيجيريا والإمارات، إنها تبذل قصارى جهدها وقد وصلت إلى سقف قدراتها القصوى للإنتاج، لكن الطلب العالمى أكبر من قدرتها على العرض.

من ناحية أخرى أصدرت منظمة الأغذية العالمية تقريرها الشهرى عن الغذاء لشهر أكتوبر الذى قالت فيه إن مستويات زيادة الأسعار فى الشهر الفائت قد بلغت أعلى مستوى منذ يوليو ٢٠١١، وأغلب هذه الزيادة كانت فى الحبوب «القمح والذرة.. إلخ» والخضروات.

هل الأزمة مستمرة لوقت طويل أم مؤقتة؟ هذا سؤال المليون دولار ولا أحد يعرف الإجابة على وجه اليقين، لكن عدد المؤيدين لفكرة أن التضخم مستمر معنا لفترة طويلة تتزايد يومًا تلو الآخر مقارنة بالرافضين لها، ونحن فى مصر سنظل فى مأمن من هذه التقلبات طالت أم قصرت، بفضل امتلاكنا العديد من القدرات ومصدات الحماية التى تقينا من انعكاسات هذه الأزمة بدرجة كبيرة.

حيث أعلن جهاز الإحصاء عن انخفاض طفيف فى معدل التضخم فى أكتوبر الماضى الذى بلغ ٧.٣٪ مقارنة بـ٨٪ فى سبتمبر الذى يسبقه، ولكنه يظل أعلى من مستوياته فى أكتوبر من العام السابق الذى كان يبلغ وقتها ٤.٦٪، ومع ذلك فالتحسن الشهرى يجعلنا متفائلين بما هو قادم، وأن الانعكاسات السلبية وإن كانت حتمية الحدوث، إلا أنها يمكن احتواؤها والتعامل معها بفضل الذخيرة التى نمتلكها.

هذه الذخيرة تتلخص فى مخزون كافٍ من السلع الأساسية يغطى احتياجاتنا بين ٤ أشهر و٢٠ شهرًا، وكذلك احتياطى جيد من العملة الصعبة يغطى ثمانية أشهر من وارداتنا، فى ظل استقرار مريح ومطمئن لسعر الصرف أمام الدولار عند حدود ١٥.٦٠- ١٥.٧٥.

وهو ما يجعلنا مطمئنين بدرجة كبيرة، لكن هذا الاطمئنان لا يعنى الاسترخاء والتوقف عن المتابعة والحرص على فعل كل ما يلزم لاستمرار تعزيز مصداتنا ودروعنا التى تحمينا فى مثل هذه الأزمات وتطوير قدراتنا على التنبؤ والرد الاستباقى لأى صدمة قادمة من الخارج.