رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

في ذكري ميلاده..محاولات «لوثر» في ترجمة الكتاب المقدس وتركه اثرًا من الترانيم

مارتن لوثر
مارتن لوثر

تُحي الكنيسة الإنجيلية، اليوم، ذكري ميلاد مؤسسها «مارتن لوثر» وهو راهب ألماني، أستاذ اللاهوت، ومُطلق عصر الإصلاح في أوروبا، بعد اعتراضه على صكوك الغفران.

وتستعرض «الدستور»، محاولة “لوثر” لترجمة الكتاب المقدس، وتركه أثرًا من الترانيم:-

 

ترجمة الكتاب المقدس

نشر “لوثر” ترجمته الألمانية للعهد الجديد عام 1522، ثمّ أنهى ومعاونيه ترجمة العهد القديم عام 1534، ليُتمّ بذلك ترجمة الكتاب المقدس كلّه. واستمرّ على دراسة اللغات القديمة والعمل على صقل الترجمة حتى نهاية حياته. انتُقد لوثر لإضافته كلمة "وحده" بين كلمة "الإيمان" في روما 3: 28، غير أن لوثر استفاض بتبرير عمله لكون الخلاص بالإيمان وحده حسب رأي لوثر هو العقيدة الأساسية في المسيحية، وأن القديس بولس كان يريد أن يوصل هذه الفكرة، وبالتالي فإضافة الكلمة أمر ضروري لكي يتضح بشكل ناصع فحوى العقيدة المسيحية في التبرير كما رآها لوثر.

وانتشرت ترجمته في جميع أنحاء ألمانيا، وقال إنه يعتزم العمل بكامل طاقاته لجعل الوصول إلى الكتاب المقدس سهلاً ويوميًا بالنسبة لجميع الألمان، وإزالة أي عائق قد يراه الشخص أمام بعض المفاهيم أو الألفاظ. حظيت ترجمة لوثر بشعبية كبيرة وتأثيرًا كبيرًا في ترجمة الكتاب المقدس، ودفعت إلى ارتفاع الطلب على المنشورات باللغة الألمانية، كما ساهمت مساهمة فعالة في تطور اللغة والأدب الألمانيين؛ وذهب البعض إلى أن انتشار اللوثرية في مختلف أصقاع ألمانيا يعود لترجمته هذه؛ ومما يذكر، هو تأثير هذه على ترجمات أخرى لاحقة مثل ترجمة الكتاب المقدس للإنجليزية عام 1525، ومن ثم ترجمة الملك جيمس الشهيرة لاحقًا.

الترانيم


ترك “لوثر” إرثًا غزيرًا من الترانيم، جاء بعضها تلحينًا لمقاطع من الكتاب المقدس، أو وحيًا من مقاطع بعينها، قدّم ألحانًا للطبقات العليا، كذلك استخدم الموسيقى الشعبية، بحيث تجمّع حول ترانيمه رجال الدين والرجال والنساء والأطفال. 

انتشرت ترانيم “لوثر” في المدارس، المنازل، الساحات العامة، وكثير منها كانت مرتبطة بمواقف معينة من حياته لاسيّما كفاحه في سبيل الإصلاح، فمناظراته مع الكنيسة الرومانيّة دفعت لتقديمه ترنيمة نشيدًا جديدًا، نرفع نحن والتي ترجمت لاحقًا إلى الإنجليزية ولحنتها ماريا تيدمان عام 1875.

في عام 1524، قدّم “لوثر” ترنيمته العقائديّة التي تشرح وجهة نظره للمعتقدات المسيحية بعنوان نحن جميعًا نؤمن بإله واحد حقيقي وهي من ثلاث مقاطع تشرح إيمان الرسل، وتشكل أحد أساسات التعليم المسيحي؛ وتم توسعتها وتطويرها في مراحل لاحقة وباتت أحد أهم الاناشيد الواسعة الانتشار في الكنائس اللوثرية، كما تعتبر من أشهر الترانيم اللاهوتيّة في القرن الثامن عشر، غير أن لحنها الصعب جعل استخدامها نادرًا في القرن العشرين.
وفي عام 1538 قدّم لوثر الصلاة الربية ملحنة، مع تفاسير لها تتوافق مع التعليم المسيحي كما رآه لوثر، وذلك بتعليق على كل مقطع من الطلبات السبعة التي قدمها المسيح في الصلاة، وترنّم في الكنائس اللوثرية كتهيئة للقداس، وكوسيلة لدراسة المرشحين لتولي التعليم المسيحي. عدّل لوثر ونقّح في النص مرات متعددة، مما يدلّ على رغبة لوثر في تعزيز النص واللحن لتوفير الصلاة بشكل أكثر ملائمة.
 

في عام 1523، استوحى “لوثر” من المزمور 130 ترنيمته من أعماق الويل، أبكي لك، وأرسلها كعينة لتشجيع زملائه على تلحين المزامير أو وضع أناشيد على غرارها لاستخدامها في العبادات؛ ونشرت هذه الترنيمة مع سبع أخرى في كتاب التراتيل اللوثرية الأول. وفي العام التالي، وضع لوثر ترنيمة عقائديّة أخرى بعنوان وحدها النعمة والتي استخدمت على نحو واسع في الطقس اللوثري لاسيّما في الجنازات. كما أصدر لوثر لحنًا للمزمور 67 وآخر للمزمور 51، مع شرحه من كتاب التعليم المسيحي للوثر والخاص بسر الاعتراف. وعلى الغرار نفسه في وضع الترانيم العقائديّة، وكتب عام 1540 ترنيمة للأردن جاء المسيح ليعكس خلالها بصيغة الأسئلة والأجوبة متعلقات بالتعليم المسيحي عن العماد.

وهناك عدد كبير من الترانيم الشهيرة التي صاغها لوثر حول عيد الميلاد وعيد الفصح والمجيء الثاني للمسيح والوصايا العشر، أثرت لاحقًا على الفن الموسيقي الديني في أوروبا، كما أثرت في كبار الموسيقيين أمثال يوهان باخ الذي أعاد تقديم عدد من ترانيمه في صيغ حديثة.