رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إلغاء حالة الطوارئ.. زاوية اقتصادية

أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسى عن رفع حالة الطوارئ لأول مرة منذ ٤ سنوات، وفى سياق إعلانه، استخدم الرئيس السيسى مصطلحات قوية ومعبرة لها انعكاسات كبيرة على المناخ الاقتصادى وبيئة الأعمال فى مصر، ومنها على سبيل المثال: أن مصر أصبحت واحة للأمن والاستقرار فى المنطقة، وهنا إشارة لكل الشركات العالمية إلى ضرورة عقد مقارنة بين مصر وجيرانها والدول المحيطة لكى تعى وتدرك الفارق الشاسع بين حالة الاستقرار فى مصر والفوضى فيما حولها.

الرسالة من رفع حالة الطوارئ: الرسالة التى ترسلها الدولة المصرية للمستثمرين والشركات والحكومات الصديقة والشريكة للتنمية فى مصر، هى أنه لم تعد هناك أوضاع استثنائية تتطلب إجراءات استثنائية مثل حالة الطوارئ، وأنه بناءً على تقديرات أجهزة الدولة فإن حالة الأمن والاستقرار فى مصر هى الأفضل منذ عقود، وأنه لا داعى للقلق من الخطر الإرهابى أو خطر الجريمة المنظمة أو أى مخاطر أخرى تقوض الاستثمار.

آثار ذلك على المناخ العام: رفع الطوارئ يعنى عودة الحالة الأمنية لطبيعتها مثل أى دولة أخرى فى العالم، وهذا تطور كبير فى تصنيف مصر بالمؤشرات الدولية والتقارير ودراسات الجدوى التى تجريها الشركات الكبرى والحكومات قبل أن تضخ أى استثمارات أو أموال أو شراكات مع مصر وشركاتها وحكومتها.

دلالات توقيت القرار: التوقيت الذى اختارته الدولة لرفع الطوارئ يأتى متزامنًا مع عدة أمور، أولها:

■ أحدث تقرير صدر منذ أيام عن حالة الاستثمار الأجنبى المباشر حول العالم يقول إن التدفقات قد ارتفعت عالميًا فى النصف الأول من ٢٠٢١ بمقدار ٧٠٪ وعوضت كل خسائر عام ٢٠٢٠ فى ٦ شهور فقط من ٢٠٢١، إجمالى التدفقات فى فترة يناير- يونيو ٢٠٢١ للاستثمار الأجنبى حول العالم بلغت ٨٥٢ مليار دولار، وكان نصيب الاقتصادات الناشئة «ومصر منها» ٤٢٤ مليار دولار.

■ ميزان المدفوعات المصرى الذى صدر منذ أسبوع، والذى يغطى العام المالى ٢٠٢٠- ٢٠٢١، يقول إن هناك نقطة تحول حدثت فى الاستثمار الأجنبى بمصر، وهى أن ١٠٠٪ من تدفقات المستثمرين الدوليين قد تنوعت على كل القطاعات غير النفطية، ولم تكن هناك أى استثمارات نفطية أو غازية، وهذا يعنى تحسنًا كبيرًا فى شهية المغامرة والمخاطرة لدى الشركات بخصوص الدخول لقطاعات جديدة بمصر.

■ القرار يأتى بالتزامن مع زيارة تاريخية وموسعة بوفد رفيع المستوى برئاسة رئيس مجلس الوزراء إلى فرنسا، الوفد ضم كل المجموعة الاقتصادية الوزارية وهيئة الاستثمار ومركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، الزيارة استمرت لأيام، ومع الوضع بالاعتبار أن فرنسا هى القائد الحالى لمنطقة اليورو فى ظل تنحى «ميركل»، وبالتالى مصر تقدم نفسها لأوروبا بطريقة مختلفة، وسوف يتم استخدام قرار رفع الطوارئ فى محادثات الاستثمار مع الأصدقاء الأوروبيين.

■ القرار يأتى بالتزامن مع أزمة طاقة أوروبية عنيفة قائمة بالأساس على المسائل الأمنية والسياسية، لاحظ أن حقل ظهر المصرى يقع على بُعد ٢٠٠ كم فى عرض البحر ولولا وجود قوات مسلحة مصرية قوية لكان هذا الحقل عرضة للنهب والتخريب، وبالتالى ثقة العالم فى قدرات الأجهزة الأمنية والعسكرية المصرية هى مؤشر رئيسى فى اعتمادها على مصر كحل من حلول تنويع مصادر الطاقة لأوروبا.

■ رفع حالة الطوارئ مع استمرار ماكينة العمل والتنمية والمشروعات يجعل من تضحيات شهدائنا ومصابينا قيمة ومعنى، لأنه لولا تضحياتهم ما كنا قد وصلنا إلى هذه الدرجة من الأمان والطمأنينة، وبالتالى فإن تقدير هذه التضحية يجب أن يترجم فى التنمية وتحسين معيشة الناس، وقتها تكون هذه التضحيات ذات جدوى ومعنى، فهؤلاء الشهداء ضحوا بأنفسهم لكى تستمر مصر وتنمو وتستقر وتزدهر.