رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

غارمات أنقذتهن أيادِ الخير.. حكايات العودة إلى الحياة

غارمات
غارمات

فتاة لم تبلغ من العمر الثلاثين عاما، وجدت نفسها محاصرة بالديون لاقتراضها 55 ألف جنيه حتى تستطيع الإنفاق على علاج والدتها المريضة، لكن شاء القدر أن تموت الأم وتحاصر الفتاة بالديون، وحكم عليها بالسجن 4 سنوات بعدما رفع الدائن عليها قضية بوصل أمانة على بياض، ولحسن نية "سارة" في مساعدة والدتها كان من نصيبها العفو الرئاسي عن الغارمات فلم تقض إلا شهرين خلف الأسوار كما ساعدتها إحدى المؤسسات الخيرية في سداد الدين.
 

وتعبر "سارة" عن امتنانها لكل من ساعدها في الخروج من السجن وسداد ديونها قائلة: "شالوا من عليا حمل تقيل عمري ما كنت هعرف أحله"، وتوضح أنها التقت بالكثير من الغارمات مثلها داخل السجن، وكل فتاة منهم كانت لها قصة مختلفة ومؤثرة جعلتها متأملة خيرا في الله أن يفرج عنها هذا الهم، وبالفعل استطاعت الآن مواصلة حياتها بشكل طبيعي والعمل في تجميع العطور المركبة لبيعها في الأسواق المحلية وتوزيعها على المحال.
 

نجلاء حسن، إحدى قاطنات منطقة العمرانية، التابعة لمحافظة الجيزة، رزقها الله بطفلة جاءت بعد 5 سنوات أسمتها "فريدة"، والتي كبرت حتى باتت في الثلاثين من عمرها، وجاء إلى طلب يدها أحد العاملين في مصانع أدوات التجميل المتواجدة في المنطقة.
 

"العين بصيرة والأيد قصيرة"، كلمات لخصت حال نجلاء خلال رحلة شراء شوار ابنتها، فكانت تريد أن تشتري لها كل جميل، وباهظ الثمن، إلا أن الأموال التي كانت في جعبتها، لم تكفها لشراء الأساسيات التي تحتاجها كل عروس، معلقة: “استلفنا كتير من الجيران لحد ما اتخانقوا معانا علشان عايزين فلوسهم”.

 

تابعت نجلاء أنها وجدت حسين تاجر الفاكهة في المنطقة أمام عينيها، ويمد إليها يد العون مسددًا عنها ما كانت لجيرانها من أموال، والتي قدرت بحوالي 25 ألف جنيه، وأقرضها مبلغا آخر لشراء ما تريده فريدة من شوار، ليكن إجمالي دينها 85 ألف جنيه.

 

أمر حسين، السيدة، بالتوقيع على عدد من الشيكات على بياض؛ لضمان سداد أمواله، ومضت 4 سنوات بعد زواج "فريدة"، ولم تدفع والدتها جنيهًا واحدًا له، الأمر الذي دفعه إلى تهديدها برفع قضية عليها في المحاكم، قائلة: "قالي أنا عايز 100 ألف جنيه المبلغ اللي خدتيه والفايدة بتاعته.. قدامك يومين للسداد".

 

طرقت نجلاء كل الأبواب كي تخرج من أزمتها، فحاولت التواصل مع أهل زوجها المتوفي، إلا أنهم رفضوا مساعدتها، ولم تستطع أن تطلب المساعدة من جيرانها، لم تجد سبيلًا لحل أزمتها، ازدادت الأزمة بعد إلحاح الحاج حسين.
 

علمت نجلاء بوجود جمعية أهلية، تساعد الفقراء في سداد الديون، فتوجهت إليها طالبة العون، فذهبت إليها: "شالوا عني الدين كله وجابوا حد قعد مع حسين وسدد له فلوسه كلها".. على حد قولها.

 

دراسة حديثة صادرة عن المركز المصرى للفكر والدراسات الإستراتيجية أشارت إلى أنه لا توجد إحصائيات رسمية تفيد بأعداد الغارمات فى مصر، لكن بعض الجمعيات المنخرطة فى العمل للحد من تلك الظاهرة قد قدرت أعداد الغارمات فى مصر بين 30% إلى 35% من إجمالى السجناء، أى قرابة 30 ألف سجينة، بخلاف اللاتى حصلن على أحكام نهائية قيد التنفيذ.

 

"عندي خمس عيال أبوهم مات ومديونين بـ20 ألف جنيه"

الحاجة "أم سالم" تحكي لـ "الدستور" معاناتها منذ وفاة زوجها وتركه خمسة أولاد في مسؤوليتها، وأنهم يعيشون جميعا داخل أوضة فوق السطح لها حمام مشترك بإحدى قرى محافظة الشرقية، ولكي تستطيع الصرف على معيشتهم ودراستهم اضطرت لاقتراض مبلغ قدره 30 ألف جنيه وسددت منه عشرة آلاف جنيه من عملها في مصنع ملابس باليومية، لكن عندما تأخرت عن الدفع استغل صاحب وصل الأمانة أنه على بياض وكتب به المبلغ المدان 40 ألف جنيه.

وبالفعل قدم الدائن الوصل للمحكمة ليقاضيها وقبل سجنها مباشرة كانت قد استنجدت بإحدى الجمعيات الخيرية بالمحافظة لسداد الدين وإنقاذ أطفالها من التشرد، وتم دفع المبلغ للدائن ليتنازل عن القضية ووفرت الجمعية فرصة عمل للسيدة بمصنع منسوجات بعد فقدانها العمل القديم، بالإضافة لمواصلة أطفالها الذهاب إلى المدرسة بشكل منتظم.

من ناحيته، قال محمود حسن، مدير الجمعية (أ. خ)، في منطقة الهرم، إن الجمعية إمكانيتها محدودة إلا أنها تساعد في رفع العبء والضغط عن أهالي المنطقة، فتقدم العون إلى عدد من الغارمات، والمحتاجين، وغير القادرين، وذوي الاحتياجات الخاصة، معلقًا “بنقدم اللي نقدر عليه”.

وأوضح حسن، أن قدرة الجمعية الاستيعابية لا تغطي سوى 50 حالة سنويًا، ويتم اختيارهم عن طريق بحث اجتماعي يقوم به العاملين بالجمعية لتحديد الفئات الأكثر احتياجًا، والتي تحتاج إلى سداد ديونها بشكل سريع، مضيفًا أنها تقوم بشكل رئيسي على التبرعات الأهلية.