رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

زوجًا خيرًا من زوجِه!

 

أكتر حاجة ممكن تساعد المتوفى هى الدعاء، وفيه أدعية كتيرة ومشهورة دايمًا بندعى بيها لما يكون حد نعرفه مات.

وفيه حاجة جميلة دلوقتى فى مقابر كتيرة، هى تعليق لوحة كبيرة مكتوب فيها أفضل وأشهر أدعية للمتوفى.

فى مرة وأنا بقراها والأهل والأقارب كلهم حزانى على فراق المتوفى، جيت على جملة «اللهم أبدله أهلًا خيرًا من أهله وزوجًا خيرًا من زوجه».

الحقيقة أول مرة أفكر فيها ومقدرتش أدعى بيها، معقول الأهل اللى منهارين عليه وعلى فراقه وزوجته اللى مقهورة ومش عارفة هتعيش من غيره إزاى أدعيله بإن ربنا يبدل كل دول بأهل وزوجة تانين؟

ده اللى ليه حد بيموت بيصبر نفسه إنه هيقابله تانى فى الآخرة، معقول نقطع الأمل ده، طب والآية اللى بتقول «ألحقنا بهم ذريتهم»- (الطور ٢١)!

فسألت أكتر من شخص إيه معنى الدعاء ده وإيه المقصود بيه؟، كان فيه أكتر من رأى:

رأى بيقول إن ربنا أدرى مننا بمين أخيّر من مين، وممكن يكون الأبناء أو الأهل مش كويسين فى الدنيا فربنا يبدلهم بأهل وأبناء غيرهم صالحين فى الآخرة.

طيب ما الواحد بيحس إن لو حتى ابنى مش كويس أو فيه صفات مش كويسة هبقى محتاجاه يكمل معايا مش عايزة غيره، ليه الجنة أو الموت يقطعوا الوصل ده؟

ولو الرأى ده صحيح ليه الدعاء ده فى بعض المذاهب لا يجوز للمرأة المتوفاة؟

يعنى هل يعقل إن ربنا ممكن يبدل للزوج زوجته بأخيّر منهما والزوجة تفضل على زوجها دنيا وآخرة حتى لو هى صابرة عليه مثلًا ومتضايقة منه؟

الرأى التانى، وده منطقى، إن التبديل بيكون فى الصفات، الأهل والزوجة هما هما نفس الأشخاص لكن بتتبدل صفاتهم بصفات أفضل.

قال ابن كثير فى تفسيره للآية «جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ» (الرعد: ٢٣)، أى يجمع بينهم وبين أحبابهم فيها من الآباء والأهلين والأبناء ممن هو صالح لدخول الجنة من المؤمنين لتقر أعينهم بهم حتى إنه ترفع درجة الأدنى إلى درجة الأعلى امتنانًا من الله وإحسانًا من غير تنقيص للأعلى عن درجته، كما قال تعالى «وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ» (الطور: ٢١).

وقوله تعالى «ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ» (الزخرف: ٧٠). 

ففكرة إن معنى التبديل فى الأهل والزوج أو الزوجة مش موجود إلا لو حد فيهم دخل النار فساعتها هيكون التفريق ويكون فى عوض بزوج تانى.

ومع البحث أكتر، اكتشفت إن كلام وأفكار كتيرة بتنسب للدين مش صحيحة وملهاش أساس.

منهما كمان إن فيه سؤال دايمًا بيتسئل من الستات، هو جوزى فى الجنة هيسيبنى ويروح يتبسط مع حور العين؟ 

والإجابة من الرجالة إن مش هيكون فيه غيرة فى الآخرة وده هيكون عادى ساعتها.

طب وطالما ربنا هينتزع الغيرة من قلوب الستات، ليه مش هينتزع شهوة الرجالة وهيكافئهم بحور العين؟

الشيخ محمد العريفى بيقول إن ربنا لا يساوى بين امرأة اجتهدت وتعبت للوصول إلى الجنة، وحور العين التى خلقها الله للجنة، فجمال المرأة المؤمنة سيكون كجمال ٧٠ حورية، وبيستشهد بسؤال أم سلمة للرسول، صلى الله عليه وسلم، عن أيهما أفضل حالًا نساء الدنيا أم الآخرة، فرد الرسول «بل نساء الدنيا أفضل من الحور العين، كفضل الظهارة على البطانة»، موضحًا أن نساء الدنيا ستصبحن أفضل فى كل شىء سواء قدرهن عند الله وجمالهن ورقتهن وتعامل أزواجهن معهن، فيما ستكون الحور العين مثل الخادمة أو الوصيفة.

ففكرة الصورة الذكورية اللى بتتقال للستات، إن ربنا هيكّرم الرجالة أكتر من الستات والرجالة ليهم اختيارات أكتر، وربنا هيكافئهم بأجمل النساء بطريقة توحى بأن مراته مش جميلة مثلًا وما هيصدق يموت عشان يروح للأجمل.

وأما عن حديث و«ما فى الجنة أعزب»، ده موجه للراجل وللست، الست اللى هتموت وهى مش متجوزة ودخلت الجنة، ربنا هيجوزها راجل صالح، واللى جوزها مكنش من أهل الجنة، ربنا هيعوضها بزوج غيره.

الست اللى اتجوزت أكتر من زوج فى الدنيا، اختلف العلماء على ٣ آراء:

رأى بيقول إنها هتكون زوجة لآخر زوج لو دخل الجنة، والتانى بيقول لأحسنهم خلقًا والرأى التالت بيقول إنها بتُخيّر بينهم، والحقيقة إن كلها فيها احترام وتكريم للمرأة.

فى فترة لما انتشر الفكر المتطرف ومجهوداته المستمرة للتقليل من الستات بنشر تفسيرات مغلوطة للقرآن والأحاديث النبوية ونشر قصص مش حقيقية. وللأسف قعدنا سنين تحت جملة «لا تناقش ولا تجادل يا أخ على» وإننا بناخد اللى بيدهولنا من الدين زى ما هو من غير ما نفكر، مع إن ربنا ذكر فى القرآن كلمة «يتذكرون» ١٨ مرة !! وإحنا لسه فى مناطق فى الدين بنخاف نقربلها أو نفكر فيها- فممكن تكون فيه ثوابت فى حياتنا وإحنا عمرنا ما فكرنا فيها ولا فكرنا اللى واصلنا ده صح ولا غلط.

مع إن فيه أدوات كتير متاحة دلوقتى تسهل علينا البحث عن مصادر مختلفة للوصول للحقيقة.

ودايمًا هتلاقى إن الإسلام برىء من المتطرفين ومن اللى بيروجوله.