رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ألمانيا.. الاشتراكيون قادمون تقريبًا!

 

فى الصورة الدعائية الأشهر، جلس الاشتراكى الديمقراطى أولاف شولتز مبتسمًا وهو ينظر إلى الكاميرا، مع عبارة تقول: «يمكن أن أكون مستشارة». وتفسيرًا لتأنيث كلمة «مستشار»، قيل إنه أراد التعبير عن كونه امتدادًا لأنجيلا ميركل، لاجتذاب الناخبين المستائين من مرشح «الاتحاد الديمقراطى المسيحى»، حزب ميركل. فهل يمكن أن يكون هذا «الرجل»، هو الاشتراكى الرابع، الذى يقود ألمانيا، بعد فيلى براندت وهيلموت شميدت وجيرهارد شرودر؟! 

جرت الانتخابات التشريعية الألمانية، أمس الأحد، وبظهور نتائجها، اليوم أو غدًا، ستبدأ حالة من الارتباك، قد تتجاوز الشهور الخمسة، التى احتاجها تشكيل الائتلاف الحكومى المنتهية ولايته. ما يعنى أن المستشارة أنجيلا ميركل، التى قررت الانسحاب من الحياة السياسية، ستستمر فى منصبها، لتسيير الأعمال، خلال تلك الفترة. وبعيدًا عن حملات التطبيل المبالغ فيها للمستشارة الألمانية، التى ستصبح سابقة، فإن أداءها، طوال سنوات حكمها الـ١٦، انحصر فى هذا الدور: تسيير الأعمال، أو التسيير البيروقراطى لشئون بلادها، وكذا كان سلفها جيرهارد شرودر، ما يجعلنا نقول إن هيلموت كول، كان آخر زعيم سياسى يحكم ألمانيا.

الناخبون لا يختارون المستشار بشكل مباشر، بل يصوتون لصالح الأحزاب، ثم يكلف البرلمان الفيدرالى، البوندستاج، الحزب الحاصل على أعلى الأصوات، بتشكيل الحكومة. ومع أن «شولتز»، لا يتزعم «الحزب الاشتراكى الديمقراطى»، إلا أن الحزب، الذى يمثل يسار الوسط، اختاره ليكون مرشحه على منصب المستشار، لأن رئيسى الحزب مجهولان تقريبًا!

الحزب الأقدم فى ألمانيا، يمثل يسار الوسط، وكان يموت ببطء، وحقق خسائر فادحة فى انتخابات الاتحاد الأوروبى، دفعت رئيسته السابقة، آندريا ناهلس، إلى الاستقالة، فى مايو ٢٠١٩. واستمرت شعبيته فى التراجع، تحت قيادة ساسكيا إسكن ونوربرت فالتر بوريانز. لكن فى الاستطلاع، الذى أعلنت قناة «زى دى إف» عن نتائجه، الخميس الماضى، حصل على ٢٥٪، مقابل ٢٣٪ لـحزب «الاتحاد الديمقراطى المسيحى»، قبل أن ترتفع نسبة الأخير ويتقلص الفارق إلى ١٪، بسبب جهود «ميركل» الداعمة لحزبها.

ظلت المستشارة الألمانية بعيدة عن المعركة الانتخابية، إلى أن قررت، فى أشواطها الأخيرة، دعم أرمين لاشيت، الذى اختاره الحزب لخلافتها. وأمام النواب المجتمعين للمرة الأخيرة فى جلسة عامة، شددت على أن «أفضل سبيل» لألمانيا هو «حكومة بقيادة أرمين لاشيت». والسبت الماضى، قال «لاشيت»، وهو يقف إلى جوارها إن تشكيل تحالف يسارى يقوده «الحزب الاشتراكى الديمقراطى» سيزعزع استقرار أوروبا. 

تبريرًا للنتائج التى حققها «المرشح الممل»، الذى لا يتمتع بأى «كاريزما»، فى استطلاعات الرأى، ذكرت جريدة «نيويورك تايمز»، أن الألمان يفضلون «السياسيين المملين، منذ النهاية غير الطيبة، لتجربتهم الأخيرة مع سياسى كان يتمتع بالكاريزما»، فى إشارة إلى أدولف هتلر، والأكثر من ذلك، هو أن تلك النتائج لم تتأثر بـ«الفضائح» التى ارتبطت باسم «شولتز»، والتى كان آخرها قيام عناصر من الشرطة، الأسبوع الماضى، بمداهمة وزارته بحثًا عن وثائق تتعلق بغسل أموال، قال مكتب المدعى العام إن الوزارة حجبتها عن السلطات التنفيذية! 

كان من الممكن أن نصدق مزاعم الاشتراكيين، بوجود «دوافع سياسية» وراء هذه الاتهام وتلك المداهمة، لولا أن فضيحة مالية أخرى سبقتها، تُعرف باسم «فضيحة وايركارد»، وتوصف بأنها أكبر فضيحة مالية تواجه ألمانيا، بعد الحرب العالمية الثانية. ويجرى التحقيق فيها، منذ بداية العام الجارى. ولاحتمال تورطه فى التغطية على عمليات احتيال، داخل الشركة، قام البوندستاج باستدعاء «شولتز»، الإثنين الماضى. وقبل ذلك، وعندما كان عمدة مدينة هامبورج، بين ٢٠١١ و٢٠١٨، واجه اتهامات بالتغطية على فضيحة مالية أخرى معروفة باسم «كام إكس»، وتتعلق باحتيال ضريبى، لم يقتصر فقط على ألمانيا، بل طال دولًا أوروبية أخرى!

.. وتبقى الإشارة إلى أن حزب «شولتز»، تنتمى إليه الأستاذة بيربل كوفلر، مفوضة الحكومة الألمانية لحقوق الإنسان، التى تجاهلت الانتهاكات المتزايدة فى بلدها، وقالت إنها أصيبت بـ«صدمة بالغة» تجاه الأحكام القضائية، التى صدرت ضد فتيات «التيك توك» فى مصر، وزعمت بصفاقة أن هذه الأحكام «تهدف إلى تخويف جيل كامل من الشابات الشجاعات»!.