رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

باحث: بيان مجلس الأمن يعيد ملف «سد النهضة» للمشهد الدولى

محمود سلامة
محمود سلامة

بعد غياب 9 أسابيع منذ انعقاد الجلسة العلنية لمجلس الأمن بشأن السد الإثيوبي، عادت القضية للمشهد من جديد من خلال بيان رئاسي ألقته إيرلندا بصفتها الرئيس الحالي للمجلس، حيث شجع البيان كلاً من مصر والسودان وإثيوبيا على العودة مرة أخرى لاستئناف المفاوضات تحت رعاية الاتحاد الإفريقي وبمشاركة المراقبين الدوليين الذين شاركوا من قبل في جولات التفاوض بين الأطراف الثلاثة، إضافة إلى دعوة أي أطراف أخرى تتوافق عليها الدول الثلاث.

قال محمود سلامة، الباحث بالمركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية، لـ"الدستور"، إن البيان جاء علي عكس ما قد يعتقده البعض بأنه لم يُضف جديداً في مسار المفاوضات، فقد تضمن البيان عدداً من النقاط التي تتوافق مع مشروع القرار الذي تقدمت به تونس لإنهاء الأزمة؛ حيث نص علي ضرورة وصول الأطراف الثلاثة لاتفاق مشترك بشأن ملء وتشغيل السد خلال إطار زمني معقول يضمن مصالح جميع الأطراف بشكل عادل؛ كما أكد على ضرورة استمرار المراقبين الدوليين في جهودهم لحل القضية في ظل رفض الجانب الإثيوبي التوسع في دور الأطراف الدولية أثناء المفاوضات.

أشار سلامة إلى أن البيان تعارض أيضًا مع ما طالب به ممثل إثيوبيا أثناء الجلسة الأخيرة، حيث طلب المجلس من الاتحاد الإفريقي أن يعلمه بما يتم بذله من جهود لحل القضية، في إشارة إلى أن القضية تدخل ضمن الشؤون التي يُعنى بها المجلس وقد ينظر فيها مجددًا إذا لم تحرز المفاوضات تقدماً، على عكس ما طالب به المتحدث الإثيوبي بألا يتم عرض القضية أمام المجلس مرة أخرى لأنها ليست ضمن اختصاصاته؛ ولعل ذلك هو ما دفع إثيوبيا للرد بأنها لن تعترف بأي مطالبات قد تثار على أساس البيان الرئاسي، مستندة في ذلك إلى تصريح المندوب الهندي في المجلس الذي أشار إلى أن قضايا الخلافات بشأن المياه العابرة للحدود ليست على أجندة المجلس.

وأكد الباحث أنه من البيان الإثيوبي الرافض لعرض القضية أمام مجلس الأمن والوساطة الدولية لحل القضية، يتضح أن أديس أبابا مازالت تصر على موقفها المتعنت، وأن التزامها بمطالب مجلس الأمن مازال محل شك، علاوةً على ذلك، فإن إثيوبيا ما زالت تصر على محاولاتها في حشد دول حوض النيل لدعم موقفها في مواجهة مصر والسودان من خلال توجيه دعوات مستمرة لهذه الدول للاتحاد معاً ضد ما تسميه "مطامع مصر" في مياه النيل، كما يسعى المسؤولون الإثيوبيون للتقارب مع مسؤولي دول حوض النيل على حساب مصر بحجة التعاون من أجل تحقيق أقصى استفادة من مياه النيل.

وعن موقف الخارجية المصرية، يرى الباحث بمركز الفكر أنه جاء مرحباً وداعماً لعودة المفاوضات من جديد تحت قيادة الاتحاد الإفريقي وبمشاركة المراقبين الدوليين، ولعل الدافع وراء هذا الترحيب هو ما تضمنه بيان مجلس الأمن بضرورة وجود إطار زمني محدد ومعقول للتوصل إلى اتفاق، الأمر الذي سيمثل ضغطاً على الجانب الإثيوبي الرافض طوال مسار المفاوضات لكل محاولات تقريب وجهات النظر، والذي طالما استخدم المماطلة وتسويف الأمور لكسب مزيد من الوقت لإنهاء المشروع والاستمرار في خطواته الأحادية دون مساءلة دولية، وفيما يتعلق برد الفعل السوداني تجاه بيان مجلس الأمن، لفت أنه جاء متفقاً مع الرؤية المصرية إلى حد بعيد، حيث جددت وزيرة الخارجية السودانية دعوتها لقبول عملية الوساطة الدولية المعززة بقيادة الاتحاد الإفريقي التي اقترحتها الخارجية السودانية منذ عدة أشهر، ما يعني أن السودان أيضاً مازال متمسكاً بوجهة نظره في منهجية إدارة العملية التفاوضية، ورافضاً لمواصلة إثيوبيا اتخاذ خطوات أحادية لا تحترم سيادة جيرانها. 

أضاف أنه من خلال رصد المواقف السابقة، يتضح أن العودة إلى طاولة التفاوض أصبحت وشيكة، وأن بيان مجلس الأمن سيعيد ملف السد لتصدر المشهد الدولي، بما يسهم في دعم جهود الوساطة الدولية وتوسيع دائرتها إن أمكن، وأن تلك الجهود سينتج عنها اتفاق ملزم في خلال مدى زمني محدد قد يتراوح بين 9:6 أشهر، على أن يتم تطبيقه قبل المرحلة التالية من ملء وتشغيل السد الإثيوبي، لأن العالم أصبح على وعي تام بأن استمرار إثيوبيا في خطواتها الأحادية في المراحل المقبلة سيمثل تهديداً حقيقياً لا يمكن أن تقبله دولتا المصب مصر والسودان، الأمر الذي قد يؤدي إلى حالة من عدم الاستقرار أو نشوب نزاع حول المياه.