رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الكاثوليكية تٌحي ذكرى القديس نيكولا من تولينتينو.. تعرف عليه؟

الكنيسة الكاثوليكية
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

تٌحي الكنيسة الكاثوليكية بمصر، اليوم، ذكري القديس نيكولا من تولينتينو، الراهب المتصوف.

قصته؟

وروي الأب وليم عبد المسيح سعيد – الفرنسيسكاني، سيرته قائلاً: وُلِدَ نيكولا في منتصف القرن الثالث عشر، عام 1245م، في مدينة سان أنـﭼيلو بإيطاليا وسمي باسم نيكولا تيمُناً بالقديس نيكولاوس أسقف ميرا حيث ذهب الأبوان لمزاره طالبين شفاعته من أجل أن يكون لهم طفل وترهَّب في سِنّ الثامنة عشر بالرهبانية الأغسطينية، وتتلمذ فيها على يد الطوباوي أنـﭼيلوس دي سكارپتّي، وبعد سبع سنوات من الدراسة والحياة الديرية تم سيامته الكهنوتية.

وتابع: بعد 4  سنوات من رسامته الكهنوتية في عام 1274م وَضحت علامات نجاحه ومواهب الروح عليه في الوَعظ والإرشاد وإرتياح المؤمنين لممارسة سرّ الاعتراف والمصالحة لديه، فأُرسِلَ إلى مدينة تولينتينو بوسط إيطاليا ليكون راعي كنيستها - وهي مدينة قريبة من مسقط رأسه، لاحتواء الصراع بين عائلتين هما عائلة جْويلفي الداعمة للحَبْر الروماني، وعائلة جِبِيلّيني الداعمة للإمبراطور الروماني في مواجهة البابا.

مستكملاً: لم ترُق المهمة في البداية للأب نيكولا، وشعر أنها ليست دعوته، لكن أول ظهور خارق للطبيعة حدث بعد معرفته بأمر النقل إلى تولينتينو، حيث شاهد جمعاً من الملائكة يرنمون بفرح قائلين: إلى تولينتينو فشعر بإطمئنان حيال هذا النقل وانه سيؤدي رسالة عظيمة في هذه المدينة.

وتابع: بعد تنفيذ أمر النقل، كان إهتمام الكاهن الشاب نيكولا أولاً برعيته وخدمتها الروحية والجسدية، ومواجهة مشكلة تراجُع المستوى الروحي والأخلاقي لأهالي المدينة، الذي كان أثراً جانبياً ضاراً مُصاحباً للتطور التنموي الذي حدث في نهايات القرن الثالث عشر. فأحيىَ الاهتمام بالتقويات والحياة الكنسية، كما اهتم بأمر الفقراء والمرضى والمُهمشين، إذ كان يرعاهم منذ أن كان مُبتدئاً في الدير حيث كان دائم الاهتمام بالفقراء الملتجئين إلى باب الدير، وشعر بأنهم موضوع رسالته، كما اهتم بتوبة اللصوص والمجرمين من خلال زيارتهم في السجون وتقديم الحب والإحترام السماوي لهم بصرف النظر عن أفعالهم.

وواصل: يحكَىَ أنه بعد فترة صوم طويل بالإنقطاع التام عن الطعام مع الخدمة، شعر الهُزال، وجلس ليستريح، فظهرت له العذراء مريم ومعها القديس أغسطينوس الذي طلب إليه أن يأكل خُبزاً موضوعاً أمامه وعليه إشارة الصليب، ومغموس في ماء. ففعل نيكولا ما طلبه منه القديس أغسطينوس، وشعر بأنه قوي وقد زال عنه الهُزال والضعف.

وتابع: بعد انتهاء الرؤيا أدرك الأب نيكولا، أن هذا الإجراء سيُشفي المرضى الذين كان مُثقَّل بهم وبآلامهم طوال الوقت، فبدأ في مباركة كل ما يقع تحت يديه من خُبز بالصلاة ورشم إشارة الصليب، فشُفيَ عدد غير قليل من المرضى بعد إطعامهم بهذا الخبز، وانتشرت أخبار هذه المعجزات بين العامة في تولينتينو. وتُعتبر هذه الحادثة هي سر التقليد الذي تصنعه الرهبانية الأغسطينية حتى اليوم، بتبريك الخبز وتوزيعه على زوار أديرتهم وكنائسهم، وهُم يطلقون عليه حتى اليوم "خبز القديس نيكولا".

وواصل: كان الأب نيكولا يرفض التكريم وحاول بكل الطرق توصية المَشْفيين بمعجزات الخبز بألا يخبروا أحداً أو يجعلوا الإكرام له من دون الله، لأنه كان مقتنعاً بأنه ليس إلا أداة في يد الرب يرشده ويستخدمه لخير إخوته. كما كان يهرب غلى صومعته كلما حاول الناس الإشادة به والإشارة إلى عجائبه، حتى يظل مقتنعاً بأنه إنسان ضعيف وضيع خاطئ، ولا يغريه بريق المديح والإكرام.

وتابع: لم ينسىَ الأب نيكولا مهمته الأساسية في أن يكون صانع سلام بين عائلتي جْويلفي وجِبِيلّيني المتصارعتان في ميولهما مع وضد البابا وفي مصالحهما بالسيطرة على مدينة تولنتينو وعلى الدولة الإيطالية بأثرها. حيث خلّفت صراعاتهم ضحايا كثيرين من الفقراء الذين استُخدموا كوقود لحروب الساسة بالمدينة، وقد كان لتقواه أثر بالغ في إحترام العائلتين لكلمته وإيقاف سفك الدم.

وواصل: توفّيَ الأب نيكولا بعطر القداسة في 10 سبتمبر 1305م، بعمر الستين بعد صراع طويل مع مرض عضّال مؤلم، كان برغم كل الآلام يتمسَّك بكامل إلتزاماته من صوم وصلاة وإماتات لأجل كل من هو مُثَقَّل بهم، وكان يوم وفاته يوم حداد عظيم في تولينتينو لفراق قديس عاش مع آلام أبناء كنيسته وإتحد بها فقرّر أهالي البلدة البدء في تحريك دعوى إعلانه قديساً.

مختتمًا: كان يرى الكثير من الرؤى وتحدث له إنخطافات روحية بسبب أصوامه الطويلة التي جعلته يشعر بشفافية الكون ويرى ما لا يراه الإنسان العادي، فكانت له رؤى شاهد فيها معاناة الأنفس المطهرية، مما جعله يُثَقَّل بهمومهم أيضاً، ويداوم على الصلاة وتقديم الأصوام والأعمال الخيرية لراحة نفوسهم، وهو ما جعل البابا لاون الثالث عشر يدعوه شفيعاً للأنفس المطهرية بعد إعلان قداسته بثمانية وثلاثين عام، وأعلنه البابا يوجين الرابع قديساً مُكرّماً على مذابح الكنيسة الجامعة في 5 يونيو 1446م.