رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كبسولة السعادة «1»

أن تقرأ كتابًا عن السباحة فهذا ليس معناه أنك تجيد العوم، وأن تعرف مكان المطبخ أو أن تشاهد برنامجًا عن الطبخ فهذا لا يعطيك الإحساس بالشبع، لكن لا بد أن تمارس السباحة بالفعل كى تتمكن من العوم، ولا بد أن تتذوق طعم الأكل بنفسك لتشعر بمتعة الطعام، وتصل إلى الشبع الذى تنشده.

وكذلك فإن قراءتك هذا المقال وحدها لا تضمن السعادة.. وبعدين؟ طيب أنا عاوز أبقى سعيد أعمل إيه؟ لا بد أولًا أن تكون لديك الرغبة المشتعلة «وأظنها موجودة بدليل حرصك على قراءة هذا المقال»، ثم تحول الرغبة إلى أعمال ثم تضع أعمالك موضع التنفيذ.. طبق ونفذ ما تراه هذا فى صالحك ويجلب لك السعادة، وعندئذ ستشعر بأن حياتك قد تغيرت!! نعم.. كبسولة سعادة مع الرغبة والتطبيق ستغير حياتك.

والآن لماذا كبسولة؟ لأن الكبسولة تحتوى على مجموعة خلاصات ومكونات كيميائية، وتنشأ عن معادلات، ومن خلال عمل المقادير مجتمعة ستأتى بالشفاء، وكذلك السعادة تحتاج إلى مجموعة أشياء إذا اجتمعت أو اجتمع عدد منها جلبت لك السعادة وكذلك فإن للسعادة معادلة سنتحدث عنها بعد قليل.

والآن ما معنى السعادة؟ أولًا أبشرك بأنك ستحصل على السعادة لأن رغبتك مشتعلة، لأنك لا تزال تقرأ المقال ووصلت إلى هذه النقطة، ثانيًا حتى تحصل على السعادة لا بد أن تتعرف عليها أولًا حتى لا تحصل على الشىء ثم تكتشف أنه يختلف عن الشىء الذى تتفقده أو تبحث عنه.

هناك من يعرف السعادة على أنها اللذة أو المتعة، وعلم النفس التطورى يرى السعادة شعورًا مؤقتًا يهدف إلى البقاء والحفاظ على النوع، فالإنسان البدائى كان يشعر بالسعادة حين يحصل على طعام وينتصر على وحش أو يتناسل، وفى عصرنا الحديث تشعر بالسعادة حين تنجح أو تنال ترقية لأن ذلك يزيد من فرصك فى البقاء وتشعر بالسعادة حين تتزوج وتتناسل؛ لأن هذا يخدم هدف الحفاظ على النوع.

فكر قليلًا: لو فكرت قليلًا فى الأمر لوجدت أن السعادة أكثر تعقيدًا من ذلك، فهى ليست فقط إشباعًا للغرائز وبحثًا عن المتع والملذات!! وإلا فلماذا يضحى الشهيد بحياته من أجل وطنه أو دينه مع أن هذا يتعارض مع غريزة البقاء؟ ولماذا يلتمس البعض سعادتهم فى ابتسامة طفل صغير، أو نظرة رضا من عجوز ضعيف ساعدته فى عبور الطريق؟ ولماذا تشعر بسعادة غامرة عندما توفق إلى عمل يسعد من تحب؟ طيب خلاص عرفت إن السعادة أكثر تعقيدًا.. يعنى إيه سعادة بعد كلامك الجميل ده؟!

بداية هناك فرق بين السعادة والمشاعر!! فالسعادة حالة عامة وتقييم عام لحياتك على المدى الطويل، أى أن الغالب على حياتك السعادة، أما المشاعر فهى مؤقتة تظهر وتختفى، فعندما يحدث لك شىء إيجابى تشعر بمشاعر إيجابية، وعندما تسمع خبرًا حزينًا تتبدل مشاعرك وتشعر بالحزن، إذن فالمشاعر الإيجابية ليست هى السعادة بل هى جزء منها.

فما السعادة إذن؟ السعادة علميًا هى معادلة إذا استطعت أن تحقق عناصرها تحققت لك السعادة.

معادلة السعادة: السعادة = الرضا عن الحياة + مشاعر إيجابية أكثر + مشاعر سلبية أقل. هكذا ببساطة شديدة إذا حققت ما يجعلك راضيًا عن حياتك عمومًا وزادت مشاعرك الإيجابية وقلت مشاعرك السلبية فأنت إنسان سعيد.

لاحظ معى.. أقول «زادت» مشاعرك الإيجابية وقلت مشاعرك السلبية لأن كليهما ضرورى فى الحياة ولا بد منه. المشاعر الإيجابية والسلبية معًا، ولا بد من السعى إلى تقليل السلبية وزيادة الإيجابية مع الرضا عن الحياة.

أعرف أنه يدور فى ذهنك الآن ثلاثة أسئلة.. طيب أنا فهمت المعادلة لكن إزاى أحقق الرضا عن الحياة؟ وإزاى أزود المشاعر الإيجابية؟ وإزاى أقلل من المشاعر السلبية؟ الإجابة عن هذه التساؤلات سهلة جدًا ومقنعة جدًا وهو موضوع الكبسولات المقبلة.

والآن جرب هذا التدريب ستشعر بالراحة: اكتب الأشياء الجيدة فى حياتك التى تنعم بها وتعتبرها من فضل الله عليك، بعد الانتهاء من هذا التدريب ستشعر بالراحة والسعادة مصدرها أنك بدأت تركز على ما هو إيجابى فى حياتك.. أراكم على خير وسعادة فى كبسولة جديدة.