رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

انفجار مرفأ بيروت..

لبنان: جدل حول قرار إحضار رئيس الحكومة للمثول أمام القضاء كمتهم

 حسان دياب
حسان دياب

أثار قرار ضبط وإحضار رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية حسان دياب للمثول أمام تحقيق انفجار ميناء بيروت كمدعى عليه "متهم" ردود فعل واسعة داخل الأوساط السياسية في لبنان، حيث اعتبره البعض سابقة خطيرة بكل المقاييس وتعديا على مقام رئاسة الوزراء اللبنانية وانتهاكا لنصوص الدستور، فيما يرى آخرون أنه انتصار للعدالة ولسير التحقيقات في قضية انفجار الميناء.

بدأ الجدل بعدما تغيب رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب عن جلسة تحقيق أمس استدعاه فيها قاضي التحقيق في القضية طارق البيطار. 

وردا على التغيب، قام قاضي التحقيق بإصدار أمر ضبط وإحضار لدياب للمثول أمام التحقيق كمدعى عليه "متهم" في القضية، وذلك يوم الأحد الموافق 20 سبتمبر المقبل، ونصت مذكرة الإحضار التي تم تداول صورتها في وسائل الإعلام، أمس، على أن تقوم قوة مسلحة بإحضار رئيس الحكومة اللبنانية حسان بهاء الدين دياب من السراي الحكومي "مقر رئاسة الوزراء بلبنان" للمثول أمام المحقق العدلي "قاضي التحقيق" بصفته مدعى عليه للاستماع إليه واستجوابه في قضية انفجار ميناء بيروت البحري.

وفي رد فعل سريع، اعتبر رؤساء الحكومة اللبنانية السابقون أن قرار إحضار دياب يعد سابقة خطيرة بكل الأبعاد السياسية والوطنية والدستورية، مؤكدين ضرورة تحميل رئيس الجمهورية أيضا مسئوليته في هذا الحادث وخصوصا أنه أكد معرفته بوجود نيترات الأمونيوم في الميناء قبل الانفجار بقرابة 15 يوما.

وأكد رؤساء الحكومة السابقون نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وسعد الحريري وتمام سلام، في بيان مشترك، أن هذا القرار ينم عن إجراء غير بريء- على حد وصفهم- ينال من موقع رئاسة الحكومة دون سواها من المواقع العليا في الدولة اللبنانية.

ووجه رؤساء الحكومة السابقون بضرورة أن يتحمل رئيس الجمهورية مسئوليته وخصوصا أنه ضابط وقائد سابق للجيش ويعلم أنه وحسب القوانين يحظر إدخال أي كمية كانت من هذه المواد إلى الأراضي اللبنانية من دون إذن مسبق من مجلس الوزراء، وذلك بعد موافقة المراجع العسكرية والأمنية المختصة.

وأشاروا إلى أن هذا الإجراء محفوف بالشبهات السياسية، لما اعتبره أصحاب البيان أنه "انقلاب على اتفاق الطائف" وكسر هيبة رئاسة الحكومة وتطويق مكانتها في النظام السياسي، وهي أفعال تشهد عليها الممارسات القائمة منذ عامين لتعطيل تشكيل الحكومات وتطويق الصلاحيات الدستورية للرؤساء المكلفين- على حد ما ورد بالبيان.

وشددوا على ضرورة أن تخضع أعمال الدولة اللبنانية لأحكام دستورها وقوانينها وليس لسلطة عدالة انتقائية، مؤكدين أن أحكام الدستور اللبناني واضحة لا لبس فيها، ومن ذلك ما يتعلق بهذا الصدد، وتحديدا بما خص المادتين 70 و 71 من الدستور- وتنص على أن تتم محاكمة الوزراء ورؤساء الحكومات أمام المجلس الأعلى لمحكمة الرؤساء والوزراء والذي يتشكل من أعضاء من مجلس النواب وقضاة.

وقال رؤساء الحكومات السابقون إن مجموعة من النواب تقدموا باقتراح قانون من أجل رفع جميع الحصانات من أي نوع كانت، ودون أي استثناء بما يعني تعليق المواد الدستورية المخصصة للحصانات النيابية والوزارية والرئاسية وذلك لإحقاق العدالة.

ورأى الرؤساء السابقون للحكومة أن استمرار التجاهل لاقتراح القانون الرامي إلى تطبيق العدالة الكاملة على الجميع دون تمييز أو انتقائية يعتبر اعتداء موصوفا على العدالة وعلى الدستور اللبناني وعلى المؤسسات الدستورية، فضلا عن كونه يشكل إهانة علنية لموقع رئاسة الحكومة، واستضعافا مرفوضا لرئيس الحكومة المستقيل، وإعلانا مفضوحا عن إدارة ملف التحقيق العدلي من أروقة قصر بعبدا- على حد وصف البيان. 

وفي المقابل، أصدرت رئاسة الجمهورية اللبنانية بيانا ردا على رؤساء الحكومة السابقين عبرت فيه عن أسفها لاتهام رئيس الجمهورية بموضوع تفجير مرفأ بيروت الكارثي، مؤكدة أن عون سبق له أن وضع نفسه بتصرف المحقق العدلي في الجريمة المذكورة لسماع شهادته.

وأضافت أن نصوص الدستور لا تعني عدم إمكانية ملاحقة رئيس الحكومة ومساءلته في حال ثبوت مسئوليته، معتبرة أن الحديث عن تضامن رؤساء الحكومات السابقين مع موقع رئاسة الحكومة يدخل ضمن ما وصفته بـ الخطوط الحمراء الطائفيّة والمذهبية.

واعتبرت الرئاسة أن الحديث عما وصفه رؤساء الحكومات السابقين بالعدالة المقنّعة والانتقائيّة يعد إهانة علنية واستضعاف مرفوض واستهداف مشين للسلطة القضائيّة، مستنكرة أن يصدر هذا البيان في وقت يبذل فيه رئيس الجمهورية جهودا مضنية لتأليف حكومة لبنان المنتظرة.

وأكدت الرئاسة اللبنانية أنها تضع بيان رؤساء الحكومة السابقين أمام الرأي العام اللبناني والدولي، مؤكدة أنها تطمئن اللبنانيين أنّها مستمرّة في التصدّي لكل مكامن الخلل والتدقيق المركّز في حسابات مصرف لبنان وسائر مرافق الدولة تمهيداً لتحديد الخسائر وتوزيعها والمساءلة والمحاسبة، كما الاستمرار في المساعي القويّة والصادقة لتأليف حكومة تمهيداً لإقرار برامج المساعدات الدوليّة التي تلائم لبنان وتعالج محنته القاسية.

على صعيد متصل، أرسل الأمين العام لمجلس النواب عدنان ضاهر كتابا إلى النيابة العامة صباح اليوم أبلغها فيه أن قرار إحضار رئيس الحكومة لا يعود إختصاصه إلى القضاء وفقاً للدستور والقانون، معتبرا أن هذا الأمر يتم بحثه أمام المجلس النيابي تمهيداً للسير بالإجراءات اللازمة.

ومن ناحيته، أكد مفتي لبنان الشيخ عبد اللطيف دريان أن موقع رئاسة الحكومة لا يقل أهمية وقدرا عن أي موقع رئاسي آخر في لبنان، معتبرا أن استهداف رئيس حكومة تصريف الأعمال، الدكتور حسان ديان، أمر مستهجن، وغريب عن أصول التعامل والتخاطب مع رئاسة الحكومة.