رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بسبب الأوضاع الكارثية في تيجراي.. تقارير دولية: إثيوبيا تنهار وتشهد أسوأ حالة تفكك

إقليم تيجراي
إقليم تيجراي

لا يزال النظام الإثيوبي يسعى لقمع الأبناء والأتباع من عرقية تيجراي لتحقيق هدفه الخبيث بالتطهير العرقي، ففي الوقت الذي وردت فيه تقارير حقوقية تكشف قيام عن تزايد الاعتقالات التعسفية الواسعة وحالات الاختفاء القسري لأبناء العرقية التيجراية من أديس أبابا وأجزاء أخرى من البلاد، تقرر الشرطة الفيدرالية إنشاء فريق عمل مشترك لاعتقال ومحاكمة من وصفته بـ"المشتبه بهم" من التيجرايين، وبالتزامن حذرت تقارير دولية عدة من خطور الوضع في إقليم تيجراي الشمالي في ظل استمرار الحكومة في عرقلتها لوصول المساعدات الإغاثية للمتضررين الذي يعانون من ويلات الحرب والمجاعة وعزل المنطقة عن العالم الخارجي، وأثرت تلك الأوضاع على المشهد الانتخابي في البلاد مع إعلان الحكومة تأجيل الانتخابات فى الدوائر المتبقية للمرة الثانية.


الحكومة الإثيوبية تعتقل التجرايين بشكل تعسفي

وأفادت صحيفة "أديس ستاندرد" الإثيوبية، أن الحكومة في أديس أبابا قررت إنشاء فريق عمل مشترك يقوده وحدة التحقيقات الجنائية التابعة للشرطة الاتحادية بهدف اعتقال ومحاكمة "المشتبه بهم" من عرقية تيجراي، وسط مخاوف بشأن تزايد الاعتقالات التعسفية الواسعة وحالات الاختفاء القسري لأبناء وأتباع العرقية التيجرية من العاصمة أبابا وأجزاء أخرى من البلاد.

وحسب الصحيفة، تم الإعلان عن تشكيل فريق العمل المشترك في إطار ما وصفته الحكومة الإثيوبية بـ"دعم سيادة القانون" من خلال اعتقال ومحاكمة المشتبه بهم من أتباع عرقية تيجراي في أديس أبابا، وفقا لبيان للجنة الشرطة الفيدرالية في البلاد، في حين أن مراقبون دوليون ومنظمات حقوقية ترى الخطوة باعتبارها جزء من الحملة القمعية التي يشنها النظام ضد العرقية التيجرية. 

وأشارت "أديس ستاندرد" إلى أن القرار يأتي في وقت نشرت فيه منظمة "هيومن رايتس ووتش"، تقريرا كشفت فيه إن السلطات الإثيوبية ارتكبت العديد من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ضد أتباع عرقية تيجراي في أديس أبابا، أبرزها الاعتقالات التعسفية والإخفاء القسري للعديد منهم، مضيفة أن الحكومة احتجزت العديد منهم دون أدلة موثوقة على ارتكاب جريمة، ضمن أشكال المعاملة التمييزية ضد التجرايين. 

وذكرت المنظمة المعنية بحقوق الإنسان، أن قوات الأمن الإثيوبية نفذت في الأسابيع الأخيرة، منذ أواخر يونيو الماضي، اعتقالات تعسفية واسعة النطاق وحالات اختفاء قسري للتيجرايين في أديس أبابا، داعية الحكومة المركزية إلى إطلاق سراح المئات من السجناء والمحتجزين والكشف عن أماكن المختفين قسريًا من أبناء العرقية التيجرية. 

وأضافت الصحيفة الإثيوبية أنه في شهري يوليو وأغسطس من هذا العام ، شهدت الحملة القمعية التي شنتها حكومة أديس أبابا أيضا إغلاق العديد من الفنادق والمصانع والشركات العقارية التابعة لعرقية التيجراي في المدينة، حيث زعمت الحكومة أنها "تعمل بتراخيص منتهية الصلاحية وتنتهك خرقت بروتوكولات الوقاية من فيروس كورونا- ضمن مزاعم أخرى". 

وأوضحت الصحيفة أنه في تلك الفترة، ألقي القبض على 1642 مشتبهاً بهم وتم اتخاذ إجراءات ضد 1616 شركة ، بما في ذلك الفنادق والمباني والمستودعات والمزارع الاستثمارية والمصانع والشركات العقارية التابعة للتيجرايين، كما صادرت الشرطة أكثر من 58 مليون بر نقدًا وحظرت 93 حسابًا مصرفيًا قيد التحقيق، وفقا لما صرح به زلالم منجيستي ، نائب المفوض العام للشرطة الفيدرالية الإثيوبية.

 تطورات الوضع الإنساني والمعاناة في تيجراي

وفي السياق ذاته، كشف تقرير نشره موقع "ريليف ويب" التابع لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية، والذي يعد أكبر بوابة معلومات إنسانية في العالم، عن آخر التطورات عن الوضع الإنساني في تيجراي الإثيوبية، داعية الحكومة في أديس أبابا إلى ضرورة وقف الصراع في المنطقة التي أهلكها الحرب والمجاعة. 

وقال الموقع في تقريره "أنه بعد مرور أكثر من شهر على إعلان وقف إطلاق النار الأحادي من قبل الحكومة الإثيوبية المركزية في 28 يونيو، تلاه انسحاب قوات الدفاع الإثيوبية من المناطق التي سيطرت عليها الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي، لا يزال الوضع معقدا ولا يمكن التنبؤ به".

وأشار التقرير إلى أن النزاع المستمر في تيجراي تسبب في زيادة عدد النازحين إلى المناطق المجاورة، مشيرا إلى أنه حتى الآن نزح أكثر من 76 ألف شخص في ست مقاطعات حدودية في منطقة عفار، فيما تم نزوح أكثر من 188 ألف مواطن إلى ديبارك وسيكوتا وولديا في منطقة أمهرة.

وذكر أنه في بالرغم من زيادة جهود منظمات الإغاثة لتقديم الدعم للمتضررين من الأزمة في تيجراي، لا يزال هناك صعوبة بالغة في تسليم المساعدات الإغاثية، حيث لا يزال قوافل المساعدة تتعرض لخطر كبير لتلبية الاحتياجات الضرورية لـ 5.2 مليون شخص محتاج، وفقًا لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، مشيرا إلى أن الاستجابة لا تزال مستمرة وسط القيود المستمرة المفروضة من الحكومة داخل وخارج المنطقة.

وتابع أن المنظمات الإغاثية تواجه تحديا كبيرا في تسليم المساعدات الغذائية الطارئة لسكان الإقليم المتضرر ويتمتعون بوجود محدود في المناطق المتضررة من النزاع ، مع عدم وجود قدرة على التجمع والحشد على المستوى الإقليمي. 

وأكد أن القوات الحكومية تتعمد تقييد وعرقلة وصول تلك المساعدات، سواء عن طريق البر أو البحر، للمتضررين في تيجراي، لا سيما في ظل انقطاع خدمات الاتصالات، وانقطاع الخدمات المصرفية مع ما يترتب على ذلك من نقص في النقدية والوقود، إلى جانب محدودية توافر الإمدادات الحيوية في جميع أنحاء المنطقة.

ونقل الموقع عن وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ ، مارتن جريفيث، قوله  في بيان إنه "في مواجهة تزايد الصراع وصعوبة إيصال المساعدات إلى شمال إثيوبيا، نحن بحاجة إلى تغيير الظروف التي أدت إلى بطء حركة المساعدات،  نحن بحاجة إلى وقف الصراع بالفعل"

وفي ذات السياق أيضا، ‏قالت صحيفة تاجس شو الألمانية، إن الدولة الإثيوبية تنهار مع تفاقم الحرب في تيجراي شمالي البلاد، مشيرة إلى أن احتمال أن تكون الحكومة المركزية قادرة على الحفاظ على الدولة القومية لإثيوبيا  يتضاءل يومًا بعد يوم.

وذكرت الصحيفة أنه بحسب المحللون والمراقبون للوضع في إثيوبيا، فإن مستقبل البلاد أصبح مبهما، مضيفة أن إثيوبيا تشهد "أسوأ حالة من حالات حالة التفكك التي تهدد القرن الأفريقي الأوسع."

وأشارت إلى أنه منذ أن شنت الحكومة حربها ضد تيجراي في نوفمبر من العام الماضي، بدعم من مليشيات منطقة الأمهرة المجاورة والقوات العسكرية من الدولة الدكتاتورية المجاورة، تصاعد التوتر في البلاد بشكل كبير وتزايدت انتهاكات حقوق الانسان ضد المدنيين على يد القوات الحكومية و الإريترية.

ونقلت الصحيفة عن هدسون كننجهام من معهد الدراسات الإستراتيجية في نيروبي، قوله "إن احتمال أن يكون النظام الإثيوبي قادرًا على الحفاظ على الدولة القومية لإثيوبيا كما نعرفها دوما أصبح يتضاءل يومًا بعد يوم".

وأوضح أن "إثيوبيا تنهار في أجزاء وزوايا كثيرة من البلاد، وضعف الجيش بشدة"، ما دفعه لأن يدعو لحشد المدنيين ويحضهم على حمل السلاح والمشاركة في الحرب، الإفريقي مضيفا بأنه "إذا ساء الوضع أكثر، فستتأثر منطقة القرن الإفريقي بأسرها"، وفي غضون ذلك، يتسبب الصراع في تيجراي في سقوط المزيد والمزيد من الضحايا ، مع المزيد والمزيد من الانتهاكات الحقوقية. 

وتابع "مستقبل إثيوبيا غير مؤكد في أحسن الأحوال ، وفي أسوأ حالة في حالة التفكك، وكذلك الحال مع القرن الأفريقي ككل :، مشيرا إلى أن الأوضاع يمكن أن تكون "كارثية" مع وفود ملايين اللاجئين إلى الدول المجاورة، ليس فقط في اتجاه الشرق الأوسط ، ولكن أيضًا في اتجاه أوروبا. 

ولفت إلى أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش كان قد وصف الوضع الإنساني في تيجراي بأنه "خطير للغاية".

ونتيجة لهذه الأوضاع، قررت الحكومة الإثيوبية تأجيل عمليات التصويت، التي كانت من المقرر إجراؤها لخمس دوائر انتخابية تعذر إجراء الانتخابات بها فى يونيو الماضي بسبب أعمال العنف العرقي والمشكلات اللوجستية، للمرة الثانية إلى 30 سبتمبر المقبل.

ووفقا لموقع "أفريكا نيوز" بنسخته الفرنسية، أعلن مجلس الانتخابات الإثيوبي في بيان له أن 30 سبتمبر المقبل هو موعد إجراء الانتخابات التكميلية للانتخابات العامة التي أجريت في يونيو الماضي.

وكان المجلس أعلن في يوليو الماضي فوز حزب "الازدهار" الحاكم في الانتخابات البرلمانية التي أجريت في 21 يونيو ، بـ 410 من إجمالي 436 مقعدا تم التنافس عليها في الجولة الأولى للبرلمان ما يضمن فترة ولاية ثانية مدتها 5 سنوات للحزب الفائز. 

في البداية ، كان من المقرر إجراء الانتخابات في أغسطس من العام الماضي، ولكن بسبب الأزمة الصحية الناتجة عن فيروس كورونا، تم تأجيلها، كما ربطت الحكومة تأجيل الانتخابات بمخاوف لوجستية، في 21 يونيو، كان من المقرر آن يتم يوم اقتراع جديد في الدوائر الانتخابية الخمس المعنية، ولكن انعدام الأمن آلذي يجتاح البلاد أثبت آنه عقبة أمام حسن سير الانتخابات.

وبحسب بيان مجلس الانتخابات الإثيوبي، ستم الانتخابات التكميلية في إقليم الصومال وإقليم هرر وشعوب جنوب إثيوبيا إضافة إلى إجراء استفتاء لإقليم إثيوبي جديد بجنوب البلاد. 

فيما لم يتم بعد تحديد موعد لم حتى الآن للدوائر الانتخابية الـ 38 في إقليم تيجراي اقصى شمال البلاد ، حيث لا تزال المنطقة ضحية للاشتباكات العنيفة نتيجة للحرب التي شنها النظام في نوفمبر من العام الماضي، وفي منطقة أوروميا، الأكثر اكتظاظا بالسكان في البلاد ، أدى اعتقال الحكمة لبعض المعارضين إلى مقاطعة الانتخابات. 

وكانت لجنة حقوق الإنسان الإثيوبية التابعة للدولة، أفادت إن بعض الدوائر الانتخابية تعرضت "للاعتقالات غير اللائقة" وترهيب الناخبين و "مضايقات" للمراقبين والصحفيين  إبان عملية التصويت؛ وقالت إنها رصدت عدة عمليات قتل في الأيام التي سبقت التصويت في أوروميا.

كما انتقدت وسائل الإعلام الدولية فوز الحزب الحاكم فى الانتخابات التشريعية بأغلبية واسعة، فى ظل أعمال القمع والوحشية التى ارتكبها النظام الحاكم لعرقلة المرشحين الآخرين، ما أثر على نزاهة التصويت.

 

تحذيرات من تدفق القوات الإريترية إلى تيجراي 


وفي سياق متصل، حذرت كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من تدفق القوات الإريترية إلى منطقة تيجراي الإثيوبية، وأعربا عن قلقهما بشأن عودة أعداد كبيرة منهم إلى إثيوبيا مؤخرا بعد انسحابها في يونيو الماضي, في ظل استمرار الحرب وتفاقم الأزمة الإنسانية التي أدت إلى مقتل آلاف الأشخاص في الإقليم الشمالي، وفقا لما أفادت به "رويترز". 


ويأتي هذا التحذير في وقت فرضت فيه وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على رئيس أركان الجيش الإريتري، الجنرال فيليبوس فولديوهانيس، وأدرجته على القائمة السوداء، متهما إياه وقواته بالمسؤولية عن ارتكاب "مذابح وأعمال نهب واعتداءات جنسية وإطلاق نار متعمد على المدنيين في شوارع تيجراي"، من بين انتهاكات أخرى لحقوق الإنسان.

وحسب "رويترز"، تثير عمليات الانتشار الإريترية الجديدة، التي تأتي بعد أشهر من إعلان إثيوبيا انسحاب القوات الأجنبية، احتمال تصعيد القتال، بالرغم من استعادة قوات تحرير تيجراي السيطرة على جزء كبير من الأراضي، في انتكاسة كبيرة للحكومة الإثيوبية.

ونقلت الوكالة عن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين قوله في بيان الاثنين الماضي، إن الولايات المتحدة قلقة من عودة أعداد كبيرة من "قوات الدفاع الإريترية" إلى إثيوبيا بعد انسحابها في يونيو.

ولفتت "رويترز" إلى أنه في غضون ذلك، كتب دبلوماسيون من الاتحاد الأوروبي في مذكرة داخلية في 20 أغسطس، أن إريتريا ترسل تعزيزات عبر الحدود إلى تيجراي، وجاء في المذكرة التي اطّلعت عليها الوكالة الدولية أن القوات الإريترية انتشرت بالفعل في الجزء الغربي المُتنازع عليه من إقليم تيجراي، واتخذت مواقع دفاعية بالدبابات والمدفعية حول بلدتي عدي جوشو وحمرا.

وكانت الولايات المتحدة دعت مرارا القوات الإريترية إلى الانسحاب من تيجراي، حيث تدعم إريتريا النظام الإثيوبي في حربه ضد الإقليم الواقع شمال البلاد بعد أن شنت القوات الفيدرالية الإثيوبية هجومًا عليه في نوفمبر من العام الماضي.