رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

باحث بالمركز المصري: المشهد الحالي في كابول يجبر الجميع على الانتظار (خاص)

محمد منصور
محمد منصور

قال محمد منصور، الباحث بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن المشهد الحالي المتسارع في كابول، يجعل كل من يريد تحليل هذا المشهد مجبراً على الانتظار قليلاً إلى حين مطابقة أفعال حركة طالبان، مع تصريحاتها التي تتالت بشكل لافت خلال الأيام القليلة الماضية، وكان عنوانها الأساسي هو "طمأنة الداخل والخارج"، فمن ناحية أعلنت عفوا عاماً عن كافة الموظفين الذين عملوا خلال العقدين الماضيين ضمن مؤسسات الحكومة الأفغانية، بما في ذلك جنود الجيش الأفغاني وضباطه، ومن ناحية أخرى أعلنت أنها ملتزمة بإدامة العلاقات الدبلوماسية بين الدولة الأفغانية وكافة الدول، كما أعلنت كذلك التزامها بحماية كافة السفارات والقنصليات، وتسهيل خروج الرعايا الأجانب من البلاد.

وأضاف منصور، في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن السبب الرئيسي الذي يوجب هذا الانتظار يعود لحقيقة أن بعض تصرفات الحركة خلال الشهور الأخيرة، سواء حيال جنود وضباط الجيش الأفغاني الذين وقعوا في الأسر خلال المعارك مع الحركة، أو في ما يتعلق بإعلان الحركة أنها بصدد إعلان "إمارة إسلامية" في البلاد، وهذا ترافق مع إزالة العلم الأفغاني الحالي من كافة المؤسسات الحكومية، وبدء فرض بعض الإجراءات الميدانية التي تتعارض مع القوانين التي كانت مطبقة في البلاد خلال العقدين الماضيين، خاصة في التعامل مع مرتكبي الجرائم على اختلاف أنواعها وهي جميعها مؤشرات تدفع باتجاه التروي قبل الحكم بشكل قاطع على التصريحات الصادرة عن الحركة، رغم أن هذه التصريحات في مجملها تشير إلى تطور بالغ العمق طرأ على ذهنية الحركة ومنطلقاتها الفكرية ما بين 2001 و2021، وهو تطور كان غيابه ليجعل المشهد الحالي في كابول أسوأ مئات المرات من المشهد الحالي.

وأوضح منصور، مستقبل الدولة الأفغانية ككيان سياسي، يبقى رهناً بالتوجهات المستقبلية لحركة طالبان، وقد كانت الأخيرة واضحة في هذا الصدد، حيث أعلنت بوضوح أن نموذج "الإمارة الإسلامية" هو المستهدف في المرحلة المقبلة، لكن بطبيعة الحال سيكون هذا النموذج أكثر تطوراً، سواء في جانب التعامل الدبلوماسي مع الدول الأخرى.

وحول ما يتعلق بملف الحريات العامة، ومشاركة النساء في العمل والحكم، قال منصور هذا ما يمكن اعتباره تطوراً جذرياً إذا ما اقترن بتطبيق فعلي على الأرض. 

ولفت منصور إلى أن الجانب الأمني يبقى من الجوانب الأكثر أهمية في الحكم على مستقبل النظام الجديد في كابول، فقد تمكنت الحركة بشكل او باخر من الحفاظ على مستوى معين من الانضباط الأمني في شوارع العاصمة والمدن الرئيسية، لكن هذا يقابله تحدي آخر يتعلق بالحفاظ على الاستقرار الأمني في الولايات النائية في الجنوب والغرب، والتي قد تشهد تقلبات أمنية في ضوء حالة السيولة التي ضربت الشارع الأفغاني بعد انهيار الحكومة، فضلا عن تزايد احتمالات توطن مجموعات أصولية مسلحة في البلاد، وكذلك بدء تشكل معارضة ميدانية لحكم طالبان، تتمثل في بعض التظاهرات التي عمت بعض المناطق ومنها "كونار" و"جلال آباد"، وكذلك مجموعات مسلحة مكونة من عناصر الجيش الأفغاني، بدأت في المحافظة الوحيدة المتبقية خارج سيطرة طالبان وهي "بانجشير"، اعتمادً على شرعية نائب الرئيس الأفغاني أمر الله صالح، الذي أعلن نفسه رئيسأ - بحكم الدستور - منذ أيام، وكذلك على دعم وقيادة عدد من القيادات القبلية والعسكرية الأفغانية التي تمكنت من مغادرة البلاد، مثل نجل أحمد شاه مسعود، وهذه الورقة ستكون فاصلة في تحديد ما إذا كان الوضع في البلاد سيتجه إلى حرب أهلية - في حالة عدم توافق الغرب وحركة طالبان - أم أن الأمور ستستتب في البلاد للحركة بالشكل الذي يجعل محاولات إزاحتها من الحكم دون دعم دولي غير ناجعة.