رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

زبيدة والشاويش حسن وبيكار ومختار.. موعد مع مصر


 

الفن والثقافة فى مصر وجهان لعملة واحدة منذ مائة سنة أو أكثر. الفن فى بلادنا يضرب بجذوره فى دهاليز الزمن، وقد أسهم فى تشكيل وجدان الكثيرين خارج الحدود. ولا يزال الفن هو القوة الناعمة وسفيرنا فى كل الأوطان العربية التى كان أبناؤها يستيقظون كل صباح على صوت الإذاعة المصرية، ولا ينامون حتى تقص مصر عليهم حكايات المساء.
من الأهرامات إلى طيبة فى الأقصر، والبيوت العتيقة فى رشيد حيث تجلس زبيدة فى انتظار مواكب العشاق، إلى تمثال نهضة مصر، ومتحف أم كلثوم فى المنيل، ومتحف طه حسين فى الهرم، وكل متحف فى كل شبر على أرض مصر. حتى البيوت باتت متاحف. بيت عبدالحليم حافظ وبيت إسماعيل ياسين حيث ما زالت الضحكات تهز الأرجاء ببراءته وأدواره مع الشاويش حسن.
فى زاوية من الحارة يقف أنور وجدى فى انتظار أن تطل ليلى مراد عليه، أو تلقى له بمنديلها، ليقطع المسافة من السيدة إلى الحسين مرتين. ساكن فى حى السيدة وحبيبى ساكن فى الحسين.
كل شىء فى حضنه أغنية مرسوم كلوحة بيكار، يطل من ألوانه محمود مختار.
الشوارع من نور، تصلى الفجر مع سكانها. الأزهر فيها أكبر من جامع وجامعة، الأزهر فيه رجال ما زالوا فى رحابه وإن طوى الزمن بعضهم. محمد عبده وعبدالحليم محمود ومحمود شلتوت، وجاد الحق.
الكنيسة فيها تزف مع أجراسها تبشر بالمحبة. مصر المحبة والسلام.
مصر شقيقة الأزهار، الليل والنهار. 
يا بلادى، أنا بحبك يا بلادى.  
افتح قلبك فى مصر. كن مستعدًا لاستقبال كل ما هو إنسانى جميل والأغنيات. وأنت تقف على هذه الأرض ذاهبًا أو عائدًا. تذكروا من ساروا هنا، وترقبوا تلك الصروح من حولكم، تلك التى كانت تتوهج نورًا. ليلقى فيها شوقى قصيدة نهج البردة فى كرمته على ضفاف النيل ليصفق له حافظ إبراهيم ويستزيده طه حسين ويستأذن العقاد لموعد مع مى.
كل ما فى مصر له روح. فالنيل يغنى، والعصافير تأنس لأعشاش صنعتها فى تجاويف الشجر، والصبايا يغزلن الفرحة فى ضوء القمر، كلهن  أشبه بفاتن حمامة ولبنى عبدالعزيز، كلهن ينتظرن فى الشرفة وقت المغيب ويترقبن غناء عبدالحليم "توبة" لترد عليه الست من شرفة عالية "يا مسهرنى".
هنا أنت فى وطنى "أنا المصرى كريم العنصرين".
كيف فى مقدور وطن واحد أن يتسع لكل هؤلاء أم تراه أكثر من وطن؟
كيف ألهمت تلك الأرض كل من مروا عليها؟ كيف أسرت وجدانيًا من حاولوا أن يحتلوها؟ كيف كتبت للموتى وللأحياء؟
كيف نشرت فى أرجائها كل هذا البهاء؟
من الآخر..
مصر يا أم البلاد، أنت غايتى والمراد، وعلى كل العباد، كم لنيلك من أيادى. 
يا موطن النور وأنشودة السلام.